? أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً? [النساء: 82].
كيف يحق للإنسانِ الضَّعيف أن يتساءل ويستَشكل ويتفَلسَف؟ وكيفَ يَحقُّ لَه أن يُقعِّد ويُنظِّر ولمَّا يُحط عِلما بالآيات ولمَّا يَدرُس البيِّنات والمُحكَمات؟ أليسَ هذا نَوع مِن التَّألي على اللَّه؟! بل الأدهى مِن ذلك: أليسَ هذا ضَربا مِن افتراء الكَذب على اللَّه، وادِّعاء أنّ الإنسان قادر أن يُنزَّل مِثل ما أنزَل اللَّه؟!! فِعلا: ومَا قَدروا الله حقَّ قَدرِه!! وما قَدروا وَحيَه بالتَّبع حقَّ قَدرِه!!
? إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النحل: 104]. إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ? [النحل: 105].
? وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ? [الأنعام: 93].
? فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ? [الأنعام: 144].
? وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ. الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ [هود: 19]. أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ [هود: 20]. أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ? [هود: 21].
? فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ? [البقرة: 79].
لاحِظ: لماذا يَفتري الإنسان على اللَّه الكَذب؟! لأنَّه لم يَكُن يستَطيع السَّمع لِخالِقه وهُو يهديه ويُرشِده إلى سُبل السَّلام!
? وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً [الكهف: 100]. الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً? [الكهف: 101].
كم افترينا عليك كَذبا خالِقنا العَظيم في مَناهجنا الدراسية ومقرراتنا المعرفية! وكَم أقصَينا تَوجيهَات كِتابِك الخالِد في شتى مَجالات حياتِنا! وكم فَرحنا بِما عِندنا مِن العلم على حِساب قرآنك الذي هُو العِلم كلُّه!! وكم اكتَفينا بإيراد الآيات كَشَواهد ومكمِّلات ومُحسِّنات لا كانطِلاقة للتأسيس والبِناء!
ولقائٍل أن يَقُول: هل يعني كَلامَك هذا أن لا يَطرَح الإنسان سُؤالا أَبدا ولَو استَشكَل، ويكتفي بالتَّلقي والاتِّباع فقَط؟!
والجَواب أن السُّؤالَ ليسَ مَحظُورا على وَجه الإطلاقِ والتَّعميم؛ بل لا مانِع مِن السُّؤال والاستِفهَام ولَكن معَ الاتِّباع لا مَع الهُجران!! وهذا ما نستَشفُّه واضحا مِن خلال قِصَّة موسى (عليه السلام) مَع العَبد الصَّالح في قَوله تعالى: ? قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً? [الكهف: 70]؛ أي أنَّ الأصل فيك يا مُوسى أن تَتلقى وتَسمَع فإن كانَ لكَ شيء فبَعد أن أُحدِثَ لكَ مِنه ذِكرا فألفيت الإشكالَ لمَّا يَنزَح مِن قَلبِك فلكَ أن تَسأل بُغية أن تُواصِل مسيرة الاتِّباع، والإحاطة بالآيات لا أن تتعنَّت أو تَسأل عن شَيء والبيان الإلهي قد فصَّله وأحكَمه وأنت عَنه غافِل!! وهذا طَبعا يحتاجُ إلى صَبر وثبات ولَيس بالأَمر الهَيِّن؛ لأنَّ الإنسانَ خُلِق مِن عَجل؛ ولِأنَّ للشَّيطان اللَّعين دَخل كبير في المَوضوع.
¥