ثم التحق بكلية دار العلوم ليتخرّج منها سنة 1933 حاملا شهادة "الإجازة العالية" (الليسانس) في اللغة العربية وآدابِها , وممّا درسه سيد في دار العلوم: العلوم الشرعية على اختلاف أنواعها وأقسامها , علوم العربية , المنطق وعلم الكلام والفلسفة , اللغة العبرية , اللغة السريانية , ومقارنتها باللغة العربية , التاريخ , الاقتصاد السياسي ....
وكانت الكلية تصرف لطلابها كتبا غير الكتب المقررة للفائدة والاستزادة من العلم والمعرفة مثل: "الأمالي" و"العقد الفريد" و"الكامل" للمبرد و"القاموس المحيط" و"فقه اللغة" للثعالبي ...
وممّا يمكننا تسجيله خلال مرحلة دراسته في كلية دار العلوم ولعله يفيدنا في بيان أثر بيئته ومحيطه على تفسيره وفكره ما يلي:
? انتقاداته لمناهج التعليم واقتراحه تعديلها وهو لا يزال طالبا فيها فهو يقول في رسالة موجهة للدكتور طه حسين:"ولقد سبق لي أن صرحتُ بها وأنا طالبٌ في المدرسة منذ ست سنوات , وقد قدمتُ بها اقتراحات , ضمنتهُا برامج كاملةً للدراسة في المدرسة , إلى صاحب العزّة ناظرها , واقترحتُ أن تكونَ المدرسة تجهيزيةً خاصة , تُدرَّسُ بها اللغة الإنجليزية منذ أوّل سنة , وتتوسع في دراسة العربية وعلوم الدين , فتهيّئ بذلك للقسم العالي , على أن تستمرّ دراسة الإنجليزية في هذا القسم , ويُتَوَسّعُ في دراسة اللغة العبرية وفي علوم التربية , ويُخْلقُ درس النقد الفني بجانب تاريخ أدب اللغة الذي يدرّس الآن , وتزادُ سنواتُ الدراسة بالقسم العالي إلى ستّ سنوات , وتنتهي بتقديم رسالة , ويستقلّ مجلس إدارتها بتسيير نظامها "15
? تسييرها للنقاشات داخل دار العلوم بين الطلبة وتزعمه للفريق الذي كان يرى رأيه ومن أشهر هذه النقاشات الحادة حملته ضدّ المؤيدين لأدب الرافعي وعلى رأسهم الأستاذ الشيخ محمود شاكر
? كان يلقي الدروس والمحاضرات التي يحضرها طلاب المعهد وأساتذته ويستفيدون منها ويمدحون صاحبها ويثنون عليه وعلى محاضرته
? مخالفته لأساتذته ومناقشتهم ومعارضتهم في كثير من المسائل العلمية الأدبية والنقدية وكنموذج على ذلك نورد هذا المثال: ألقى محاضرة في مدرج الكلية عن "مهمة الشاعر في الحياة" وممّا جاء فيها انتقاده الشديد لأحمد شوقي بصراحة وجرأة كبيرتين فاستدرك عليه أستاذه "محمد مهدي علاّم" قائلا ومعلقا:"ولا أترددُ هنا في أن أعلن أنه قاسٍ على شوقي قسوةً لا أغفرها له. لقد نقَّبَ في شعرِ شوقي , حتى أخرج منه سقطات , لا يسلم منها فحلٌ من فحول الشعراء , في أيّ عصر , أو في أية أمة. وليس ذلك من الإنصاف لأنّ لشوقي كنوزا عظيمة من الشعر الخالد , كان جديرا بالمحاضر أن يضعها في كفّة , وتلك السقطات في كفّة أخرى. ولستُ أشكُّ في أنه إنْ فعلَ , رجّحَ كفة الحسنات ترجيحا"16 يردّ سيد على أستاذه بكلام لولا أدب سيد وتواضعه لَمَا استطعنا التمييز فيه بين التلميذ والأستاذ يقول عليه رحمة الله:"مع احرامي الكثير لما ذكره أستاذي عن شوقي. إني أميل إلى أنْ أقرر: أنني فيما ذكرته في محاضرتي , لم أكن بصدد إصدار حُكم على شوقي وإنّما اخترتُ أمثلةً من شعره , وإذا كنتُ قاسيا في تعليقي , فتلك قسوةٌ على المثال الذي اخترته , لا قسوة على شوقي نفسه. وإنْ كان رأيي في شوقي كلِّه , بعد دراسةٍ كاملةٍ لكلّ ما أنتجه لا يختلفُ كثيراً عن تعليقي على الأمثلة المختارة. وبهذه المناسبة , أعدُ بأنْ أكتبَ نتيجةَ دراستي لشوقي في محاضرة أو كتاب آخر, يتّسع للبحث والدراسة والاستقصاء , ويكون رأيي إذ ذاك مؤيدا بكل ما أنتجه شوقي بلا استثناء. وأنا أعود فأشكر لأستاذي الفاضل , أن حفّزني إلى إخراج مبحث جديد" 17
? من نشاطاته خلال هذه المرحلة محاولة الجمع بين طلاب المشرق العربي ومغربه في شكل جمعية طلابية وقد كان يلتقي مع العلامة المغربي مكي الناصري في "بيت المغرب" الذي اهتم بهذه الفكرة وعمل مع سيد على تجسيدها ...
? في سنة 1933 كان سيد من المؤسسين الأوائل لجماعة دار العلوم ومجلتها الفصلية "دار العلوم" نشر فيها سيد مجموعة من المقالات العلمية والأدبية ...
? اشتغاله بالتربية والتعليم مدة طويلة
? انتقاله للوزارة حيث تعامل مع رجالات الدولة والسلطة والحكم وتعرّف عليهم وعلى طريقتهم في العمل من قرب
¥