الوجهة الإسلامية ..
? الاهتمام والاشتغال بالنقد الأدبي مخلصا في عمله ومهمته متقنا لها أيّما إتقان لا يحابي أحدا فيما يعتقد ولا يقبل مساومةً ولا إغراءً من شأنه أن يحيد به عن قول الحقّ وبيان ما يريد بيانه يقول عليه رحمة الله مبينا طريقته في النقد كما جاء ذلك في مجلة الأسبوع سنة 1937 أثناء معركته النقدية مع جماعة أبولو:"أريد أن أقصَّ على القراء أحاديث دارت بيني وبين بعض الناس , ومحاولاتٍ بُذلت معي من بعض الأدباء , حتى أتأثر في نقدي للكتب والدواوين , بهذه المؤثرات , ويأخذني الإغراء بهذه المغريات. ولقد سمعتُ بهذه الأحاديث , وأنصتُ لتلك المغريات , وابتسمتُ لهذه وتلك على السواء , وسخرتُ بأصحاب هذه وتلك. ومضيتُ لنقدي لهذه الكتب والدواوين في صفحة الأهرام الأدبية على ما رسمتُ لنفسي من خطة , وعلى ما جمعتُ لنفسي من ملاحظات , في أثناء دراستي لتلك الكتب والدواوين."181 وعن خطّته يقول:"وكان من أوّل هذه المبادئ , أن أنفيَ الأشخاص من دائرة تفكيري , وأن ألتفتَ إلى ما بين يديّ من كتاب. كما كان منها ألاّ أكتب كلمةً واحدة , قبل أن أدرس ما بين يديّ , دراسة كاملة مستوفاة. إذ كنتُ أعلمُ ماذا يصنعُ نقّاد الكتب , من قراءة العنوان والمقدمة والفهرست , ثم إصدار الأحكام " 18
? من جملة الأدباء الدين اتصل بهم سيد وكانت له معهم جولات أدبية ونقدية مواجهات أو موافقات: طه حسين , أحمد حسن الزيات , عبد القادر حمزة , أحمد زكي أبو شادي , توفيق الحكيم , إبراهيم عبد القادر المازني , يحيى حقي , محمود تيمور , محمد مندور , عبد الحميد جودة السحار , أحمد أمين , عبد المنعم خلاف , عباس خضر , علي الطنطاوي , أنزر المعداوي ونجيب محفوظ وغيرهم فمن شأن هذا الكم الهائل من الاتصالات أن يجعل لسيد رصيدا لا بأس به في معرفة نفسية الأدباء ونماذج من مفكري مصر وصناع قراراتها وموجهي أفكارها ...
? سيد قطب والأستاذ مصطفى صادق الرافعي: يعتبر جلّ الإسلامين الأستاذ الرافعي "أديب الإسلام المدافع عن القرآن والإسلام واللغة والأدب والأخلاق والفضائل ويعتبرون أدبه إسلاميا قرآنيا رفيعا فريدا فصيحا ويعتبرون كلّ من ينقد أدبه مخالفا للدين محاربا للحقّ متبعا للباطل! " يقول سيد عليه رحمة الله: " ... لي رأيٌ في المرحوم مصطفى صادق الرافعي , لعل فيه شيئا من القسوة , وكنت على ثقة أنّ هذا الرأي لم يتدخل في تكوينه عندي أيُّ عاملٍ خارجي , وإنّما كان نتيجةً لعدم التجاوب بين آثاره الأدبية وبيني ...... الرافعي أديبٌ مُعْجِب , في أدبه طَلاوة وقوة ولكنه بعدُ أدبُ الذهن لا أدب الطبع. فيه اللمحات ُ الذهنية الخاطفة واللفتات العقلية القوية التي تلوح للكثيرين أدبا مُغْربا عميقا لذيذا , ولكن الذي ينقُصها أنه ليس وراءها ذخيرةٌ نفسية ولا طبيعةٌ حية .... وكثيرا ما يختلط أدبُ الذهن وأدب الطبع , إذا كان مع ذكاءٍ وقوة , وما من شكٍ أنّ الرافعي كان ذكيا قويّ الذهن لكنه كان مغلقا من ناحية الطبع والأريحية " 19 ولقد انتُقِد سيد على موقفه هذا واعتبره الكثيرون موقفا معاديا للإسلام اتخذه مجاراة وتقليدا لشيخه العقاد لا غير وزعم بعضهم أنّ سيد تراجع عن موقفه هذا بعد عودته للفكر الإسلامي القويم. والحقّ أنّ انتقاد سيد للرافعي كما جاء مبينا أعلاه كان انتقادا أدبيا فنيا لا علاقة له بالمعتقد ولهذا بقي على رأيه فيه حتى أواخر حياته فقد كتب الأستاذ أحمد الشرباصي في بداية الخمسينات مقالا اعتبر فيه أنّ أسلوب الرافعي مستمدٌّ من أسلوب القرآن التصويري , وأنّ الرافعي يعبِّر بالصورة الحسية عن المعاني الذهنية. فردّ سيد على هذا الكلام بقوله:"لا أذكر أنّ هذا كان مأخذي على أسلوب الرافعي , بل أذكر أنه كان العكس , فقد آخذتُ عليه: الألاعيب الذهنية في التعبير , والجُمَلَ التي ينبعُ ذيلُها من رأسها والعكس والتي يحسبها القارئ ماشيةً "تَتَقَصَّعُ" وتضع يديْها على خَصْرها على الطَّرس , وليس شيء من هذا كله بسبيل , من ذلك الأسلوب القرآني "20
? ولقد كانت له مواقف مماثلة أو أشدّ مع طه حسين وتوفيق الحكيم وغيرهم يصرح بما يعتقده ويراه صوابا حتى وإن خالفه الجميع
حتى وإن أوكلت له التُّهم ورمي بمختلف النقائص في سبيل ذلك
¥