بعد ذلك بقي يهتم بالسياسة فيما يكتب في المجلات والصحف, يقترح وينتقد وكان من ألدّ أعداء الملكية حتى أنّ الملك فاروق أوعز لمن يحاول قتله فرمي بالرصاص غير أنّه أخْطِئ عليه رحمة الله ....
وفي بداية الخمسينات بعد عودته من أمريكا شارك في الثورة ثورة الضباط الأحرار حتى كان هؤلاء يزعمون أنّه منظرهم الأول وقائدهم الروحي ...
ويبدو أنّ مشاركته ابتدأت أولا من خلال مقالاته العنيفة والشديدة والتي كانت تجد إقبالا واسعا واهتماما كبيرا لدى جماهير القراء ومنهم تنظيم الضباط الأحرار والذي كان في أوّل أمره تنظيما إخوانيا خالصا ... يقول الطاهر أحمد مكي في مجلة الهلال: " لقي كتاب "العدالة الاجتماعية في الإسلام" إقبالا وترحيبا , وكان من الكتب التي تركتْ تأثيرها واضحاً في فكر الضباط الأحرار , ومن أوائل الكتب التي قرؤوها , قبل أن تقوم الثورة نفسها أو بالدقة عام 1951 فقد طلب مني الكتابَ صديقٌ له قريبٌ ضابطٌ في الجيش , ثم عادَ ورجاني أن أدلَّه أين يباع , فهو بحاجةٍ إلى أكثر من نسخة , وكان هذا الضابطُ هو البكباشي "إبراهيم عاطف" الذي انتخبه الضباط سكرتيرا لناديهم مع محمد نجيب إبّان تحدّيهم للقصر الملكي "26 وقد أطلقوا على سيد اسم "ميرابو الثورة" تشبيها له بميرابو مفطر فرنسي كان له دور كبير وهام في التمهيد للثورة الفرنسية
أما عن المشاركة الفعلية العملية فيروي سليمان فياض في مقالِه "سيد قطب بين النقد الأدبي وجاهلية القرن العشرين" في مجلة الهلال , عن زيارة لسيد في حلوان , بعد قيام الثورة , وينقل هذا الحوار الذي دار بينه وبين سيّد قطب في حديقة منزله:
سألته عن رأيه في الثورة. ابتسم وقال لي: هنا تحت هذه الشجرة , كان الضباط الأحرار يعقدون بعض اجتماعاتهم معي , في فترة التمهيد للثورة ثم دخل سيد البيت , وعاد يحمل مظروفا , أخرج منه صوراً وأخذ يريها لي , واحدة واحدة , وكان هو في كلّ صورة وتحت هذه الشجرة وكانت كلّها صورا ليلية أخذت على ضوء "الفلاش" وفي كلّ صورة كان هؤلاء الضباط الأحرار , وهو بينهم أبداً واسطة العقد!! ولما رددتُ إليه آخر صورة قلتُ: لا أرى بينهم محمد نجيب؟ قال: هذا جاءوا به واجهة للثورة , الرتبة العسكرية لها حساب! ثم أشار إلى صورة جمال عبد الناصر , وقال: هذا هو قائد الثورة الحقيقي , يتوارى الآن وراء نجيب وسيكون له شأنٌ آخر! قلتُ له: أراضٍ أنت عن هذه الثورة؟ قال: لا أجدُ في تطوُّر أمورها ما يريح! فهؤلاء الأمريكان يحاولون اختواءها بدلاً من الإنجليز! أفهم ما أعنيه "27
ويقول أحد الضباط الأحرار محمود العزب من بور سعيد:"إنّ رائدنا وأستاذنا سيد قطب هو الذي رعى الثورة , جنينا فوليدا. وأمرنا أن نستعد له ... إنّ الجيش لا يمكن أن ينسى أنّ سيد قطب هو "أبو الثورة" وأبو الثوار , وتواضعه يزيدنا تعلُّقا به وإكباراً له" ثمّ يضيف فيقول:"قُبيل الثورة بأيام تلقينا من الأستاذ سيد قطب أمراً , بأن نكون على استعداد , وكنتً على رأس تنظيم الإخوان المسلمين في بور سعيد , ولما تلقيتُ الأمرَ حضرتُ إلى القاهرة , ومضيتُ إلى منزل الأستاذ سيد وكان ذلك في يوم 19 يوليو 1952 وكان لديه بعض قادة الثورة ـ منهم البكباشي جمال عبد الناصر ـ وذكر لي الأستاذ سيد أنْ أكون أنا ومن معي على أهبة الاستعداد , وأن يكون المسلمون المدينون على استعداد أيضا , فإذا سمعنا بقيام الثورة كنّا حماتها , وحفظة الأمن في بور سعيد. وحذّرَنا من سفك الدماء"28
أما بعد الثورة فيقول الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار: "بلغ من احترام الثورة لسيد قطب , وعرفانها بجميله وفضله , أنّ كلّ أعضاء مجلس قيادة الثورة كانوا ملتفين حوله , ويرجعون إليه في كثير من الأمور , حتى إنه كان المدني الوحيد الذي يحضر جلسات المجلس أحيانا , وكانوا يترددون على منزله في حلوان" 29 ويذكر أيضا أنّ رجال الثورة اقترحوا عليه وزارة المعارف فاعتذر واقترحوا عليه مديرية الإذاعة فالعذر كذلك وقبل في آخر المطاف على منصب السكرتير العام لهيئة التحرير ثم سرعان ما استقال من منصبه ذاك 30 ويؤكد عادل حمودة أنّ سيدا كان له مكتب مبنى مجلس قيادة الثورة وأنّه أوكلت إليه وإلى الأستاذ محمد سعيد العريان مهمة تغيير وإصلاح مناهج التربية والتعليم ويذكر محمد قطب أنّ سيدا كان مستشارا
¥