? استبعاده المطولات الثقافية الضخمة التي ملأت التفاسير السابقة والتي كان يقصد بها إمداد الفرد المسلم بزاد معرفي يمكنه من التفاعل الثقافي والحضاري داخل مجتمع إسلامي قائم أما الآن في ظرف غربة الإسلام فلا ينبغي التركيز إلاّ على ما من شأنه أن يعيد للأمة مكانتها بل وللمجتمع الإسلامي وجوده وللفرد التزامه واستقامته ولا يتأتى ذلك إلاّ بالعودة للقرآن والأخذ عنه مباشرة دون وسائط ..... وبتفاعله مع القرآن ذاك وعيشه في ظلاله اهتدى إلى منهجه في التلقي والعمل ...
? حياته عليه رحمة الله في عصر غربة الإسلام في تصوراته ومنهاجه وتشريعاته وعنف المعركة التي خاضها مع إخوانه في مواجهة هذه الغربة
قواعد منهجه الحركي في التفسير:19
? النظرة الكلية الشاملة للقرآن الكريم: "تتميز نظرة سيد قطب إلى القرآن بالشمول , حيث لم ينظر إليه كأجزاء وتفاريق , بل كوحدة موضوعية شاملة , وكلٍّ متناسق متناسب , فهو ــ وإن نزل في فترة زمنية طويلة مقدارها ثلاثة وعشرون عاماً ــ إلاّ أنّ منهجه هو هو , وطبيعته هي هي , سواء في الآيات الأولى التي نزلت في مكة أو في أواخر الآيات نزولا في المدينة."20 فأغراضه , مهمته , موضوعه , وطريقته وكلّ شيء فيه موحّد ... "وانطلاقا من نظرة سيد الشاملة الكلية , إلى القرآن الكريم , نجح في الوقوف على كنوزه الفنية والجمالية والبيانية , وكنوزه الحركية والدعوية , والتشريعية والحياتية , وأجاد في تقديم كل هذا في الظلال!!."21
? التأكيد على المقاصد الأساسية للقرآن: بحكم طول المراس والتعامل مع القرآن الكريم استطاع سيد أن يقف على مقاصده الأساسية والرئيسة فجعل من هذه المقاصد العظمى مقاصد للظلال ذاته فهدفه الأوّل من هذه الظلال هو تحقيق مقاصد القرآن ولذا نراه باستمرار و في فرصة سانحة يؤكد على هذه المقاصد ويزيدها بيانا ووضوحا إنّ القرآن الكريم ليس كتاب تاريخ ليس حديثا عن الماضي الذي انقضى وانتهى ولا حديثا عن جاهليات كانت في الزمن الغابر ولن تعود من جديد إنّما هو كتاب الماضي والحاضر والمستقبل وهذا لبّ الإعجاز فيه , إنّ الحديث عن قصص مضت يقصد بها الحاضر الذي نعيشه اليوم وقد يقصد بها واقع لم نره بعد وإنّ المعركة التي يتحدث عنها القرآن هي معركته التي خاضها بجماعة المسلمين الأولى وهي ذاتها المعركة التي نخوضها اليوم يقول عليه رحمة الله: "وإننا نبخس القرآن قدره , إذا نحن قرأناه وفهمناه على أنه حديث عن جاهليات كانت , وإنما هو حديث عن شتى الجاهليات في كل أعصار الحياة. ومواجهة للواقع المنحرف دائما , ورده إلى صراط الله المستقيم ... "22 ثم إنّ معركة القرآن قديما وحديثا وفي كلّ وقت من أوقات معركة عقائدية معركة لا إله إلاّ الله لا غير يقول عليه رحمة الله: "إنّ المعركة بين الأمة المسلمة وبين أعدائها هي قبل كلّ شيء معركة هذه العقيدة ... " ثم إنّ من أهم مواضع القرآن ومقاصده بصفة عامة والعقيدة بصفة خاصة موضوع الأولوهية والعبودية والحاكمية فالحاكمية هي أخص خصائص الألوهية في رأي سيد قطب والاعتبار الأول فيها " هو أنّها قضية الإقرار بألوهية الله وربوبيته وقوامته على البشر ــ بلا شريك ــ أو رفض هذا الإقرار ... ومن هنا هي قضية كفر أو إيمان ... وجاهلية أو إسلام ... "23 ومن ثم كان القرآن كله معرضا لبيان هذه القضية: إنّ الله هو الخالق ... وإنّ الله هو الرازق ... وإنّ الله هو صاحب السلطان المتصرف في الكون والناس ... "24 " ... [وإنّ] المنهج القرآني يتكئ كثيرا جدا على هذا المبدأ [الحاكمية] لتقريره في كل مناسبة , ولا يمل تكراره حيثما جاءت مناسبته أمام كل تشريع للصغير وللكبير من الأمور ... ذلك أنّ هذا المبدأ هو العقيدة , وهو الدين , وهو الإسلام , وليس وراءه من هذا الدين كله إلاّ التطبيقات والتفريعات .... "25
¥