ملاحظة: لماذا جعلنا هذه السمة من المعالم التي تميز بها تفسير الظلال رغم ما تقدم من البيان بأنه لم يكن مكتشفها ولا رائدها ولا أبرز من تناولها؟
أوّلا: الاطّراد؛ هو أوّل (إذا استثنينا الإمام البقاعي) مفسر اشتغل وعمل على بيان هذه السمة والميزة من أوّل القرآن إلى آخره
ثانيا: الإبداع في بيانها وحسن طَرْقِها
ثالثا: التميّز عن غيره ببيان المناسبات العلمية الموضوعية المتماشية ومقاصد الشريعة وسياق القرآن بعيدا عن التفسيرات الإشارية التي كَثُرَ الاشتغال بها عند جمهور من كتب في علم التناسب بين الآيات والسور حتى وإن كانت تفسيرات في غاية الجودة والدّقة والحسن والصحة78
خامسا: التركيز في مواضيع السور ومناسباتها على الجانب الدعوي وبيان طريقة عمل هذا الدين في حياة الأشخاص والأمم ... ويمكننا أن نعتبر هذا الموضوع من أهمّ إن لم يكن أهمّ ما يشغل الناس اليوم علماءهم وعامتهم وهذا ما يفسر الإقبال الواسع والتعلق الشديد بهذا الكتاب
الوحدة الموضوعية؛ المنهجية والتقعيد:
قبل أن نشرع في الحديث عن كيفية تناول سيد قطب في تفسيره للوحدة الموضوعية؛ أسلوب عرضها ووسائل بيانها أردنا أن نقدم بهذا المطلب والذي نبيّن فيه إن شاء الله المعالم العلمية والأسس المنهجية التي يذكرها الدارسون والباحثون ويشترطونها في التفسير الموضوعي الصحيح حتى نطبقه فيما بعد على تفسير الظلال لنرى هل كان موفقا في طريقته ومنهجه في التفسير أم أنه سار على طريقة مخالفة لما سطّره الدارسون والمتخصصون
يعدد الباحثون مجموعة من المعالم المنهجية والخطوات الإجرائية التي ينبغي للمفسر أن يتبعها لكي يوفق في التفسير الموضوعي ولعل أبرز هذه المعالم ما يلي:
1) ذكر اسم السورة التوقيفي أو التوفيقي وبيان حكمة التسمية وعلاقته بالموضوع وإن كان للسورة عدة أسماء ناقشها جميعا
2) الحديث عن البعد الزمني والمكاني لنزول السورة
3) الملابسات والظروف التي نزلت فيها السورة (المرحلة المكية بمختلف فتراتها الأولى , الوسطى , والأخيرة , المرحلة المدنية بمختلف فتراتها كذلك ... )
4) التعرف على موضوع السورة الرئيسي والمحاور الفرعية المصاحبة له
5) تحديد أهداف السورة ومقاصدها الرئيسية
6) تقسيم السور ــ خاصة الطويلة منها ـــ إلى مقاطع وأقسام مع بيان ما يمثل مقدمة السورة من هذه المقاطع وما يمثل وسطها ولبّها وما يمثل خاتمتها
7) إن لم يتيسر تقسيم السورة إلى مقاطع لقصرها أو لسبب آخر فعلى المفسر أن يبيّن العلاقة والصلة بين جميع وحدات السورة المفَسَرة وموضوعها الرئيسي
8) ربط السورة بما بعدها وقبلها من السور باعتبار ترتيب المصحف الشريف
9) محاولة ربط التفسير الموضوعي للسورة بالواقع المعيش ومعالجة مشكلات العصر
10) الاطلاع على مختلف التفاسير (بالرواية والدراية والإشارة) للتوثيق أو للاستفادة من التفسير التحليلي أو الجزئي والمَوْضِعي
هذا من حيث الإجراءات والخطوات التي يجب إتباعها في التفسير الموضوعي للسور أما من حيث تحديد موضوع السور وهدفها وغايتها ومراقبة حفاظها على نفس المحاور في جميع جزئيات السورة ومراحلها نذكر ها هنا بعض ما ذكره الأستاذ محمود البستاني في مقدمة تفسيره
ـ أولا: من حيث الموضوعات والأهداف: فالسورة الكريمة تتخذ أحد الأبنية الآتية من حيث علاقة موضوعاتها بالأفكار المطروحة فيها:
1) وحدة الفكرة ووحدة الموضوع
2) وحدة الفكرة وتعدد الموضوع
3) وحدة الموضوع وتعدد الفكرة
4) تعدد الفكرة وتعدد الموضوع
ـــ ثانيا: من حيث الأشكال: تتخذ السورة واحداً من الأبنية التالية
1) البناء الأفقي: وهو أن تبدأ السورة بموضوع وتختم بالموضوع ذاته عبر سلسلة من الموضوعات المتنوعة
2) البناء الطولي: وهو أن تبدأ السورة بموضوع تتدرج في عرضه، بحيث يُختم الموضوع مع نهاية السورة.
3) البناء المقطعي: وهو أن تطرح السورة جملة من الموضوعات. تنهي كل واحدٍ منها بآية أو أكثر تتكرّر في المقاطع جميعاً، مثل: (فبأي آلاء ربكما تكذبان.)
ثالثا: من حيث العلاقات: تتخذ السورة واحدة من العلاقات الآتية
1) السببية: ويُقصد بها أنّ الموضوعات في السورة يترتب أحدها على الآخر على نحو (السببية) بحيث يكون الموضوع (سبباً) للاحقه، و (مسبّباً) عن سابقه
¥