تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأحب أن أضيف أيضا أن الطبري ذكر روايتين لابن عباس في سبب النزول الأولى: هي التي ذكرها المؤلف. والثانية أن الآية نزلت في أهل الكتاب، وبجمع الطبري بين الروايتين يكون قد أخذ بقولي ابن عباس وهذا حسن، بل هو الأولى.

وطالما أن الجمع بين الأسباب ممكن على طريقة الطبري رحمه الله، فلا داعي لرد رواية ابن عباس بحجة السياق فقد استقام السياق بالروايتين ولا شك أن الجمع أولى عند العلماء طالما أنه ممكن.

وإن كانت ليست هذه الحال التي استغربتها فالسياق مما يؤخذ به في الترجيح بين الأسباب في حال تعذر الجمع بأي صورة، وإنما الذي أستغربه مبدأ رد سبب النزول في حال خالف السياق الذي يرتئيه الرّاد للسبب، ليس من باب الترجيح بين الروايات فهذا معلوم أيضا، وإنما من باب مخالفة السياق فحسب. هذا المستغرب، فإن المؤلف الفاضل ـ حفظه الله وأطال أثره ـ بين في مجمل كلامه أنه يرد السبب بمجرد مخالفة السياق بغض النظر أكان السبب منفردا أم مزاحما لغيره من الأسباب، فلم يفصل في هذا وترك الكلام على إطلاقه.

2 - قال المؤلف:"مما اشتهر عند المفسرين أن قوله تعالى .... "أ. هـ. ذكر حديثا وضعفه في الحاشية، ولا أدري لماذا ذكره؟ لأنه قال سابقا: " فما كان منه غير صحيح الرواية فالخطب فيه يسير، لكن الإشكال فيما ادعيت صحة روايته، وقضية السياق قضية جوهرية في قبول سبب النزول"أهـ. وبالتالي هذه الرواية التي ذكر ضعفها لا تصلح لتأصيل المذهب الذي ذهب إليه الشيخ فنتجاوزها.

3 - قال المؤلف:"قوله سبحانه: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ] [الأنفال:27].

اشتهر في روايات أسباب النزول أنها نزلت في أبي لبابة ـ رضي الله عنه ـ، وقد سأله بنو قريظة: أننزل على حكم سعد بن معاذ؟ فأشار إلى حلقه: إنه الذبح فلا تفعلوا، فقال: والله ما زالت قدماي حتى علمت أني قد خنت الله ورسوله، فنزلت الآية ... ".أ. هـ

وذكر الشيخ تحسين الشيخ شعيب الأرناؤوط لهذه الرواية في صحيح ابن حبان وأنها في المسند كذلك. إلا أنني عندما رجعت لهذه الرواية في صحيح ابن حبان والمسند لم أجد منها سوى إشارة أبي لبابة إلى حلقه! وليس فيها ذكر للآية الكريمة ولا أنها نزلت فيه! ولا ذكر لسبب نزول لا بالصيغة الصريحة ولا بغيرها. وبالتالي لا تصلح كذلك لما يهدف المؤلف إلى تأسيسه من مبدأ: عدم قبول الصيغة الصريحة الصحيحة في حال عدم اتفاقها مع السياق.

4 - قال الشيخ فضل:" [ألا إنهم يثنون صدورهم] [هود:5] فقد روى البخاري عن ابن عباس ـ رضي الله عنهماـ قال: أُنَاسٌ كَانُوا يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ وأن يجامعوا نسائهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك. وقد نعلم أن الآية في سورة هود، وهي مكية إجماعا، ثم السياق في شأن الكفار، فهو سياق تهديد. والظاهر أن ابن عباس رضي الله عنهما ـ تلا هذه الآية في شأن أولئك الذين كانوا يستحيون من الله، لا أنها نزلت فيهم ... "أ. هـ.

ثم ذكر رواية للواحدي أنها نزلت في الأخنس بن شريق.

بالنسبة لرواية الواحدي لم يذكر المؤلف لها مصدرا آخر غير الواحدي، وبحثت عنها في عجالة ـ (لأنها ليست موضع النقاش) ـ في كتب المتون فلم أجدها.

والمهم أن الشيخ رجح رواية الواحدي على رواية البخاري لأنها متفقة مع السياق، ثم قال:" ويظهر أن الحق ما ذكرته لك من قبل وهو أن ابن عباس تلا هذه الآية لا أنها نزلت".أ. هـ.

والحقيقة أن رواية البخاري بالطريقة المروية في كتاب الشيخ مقطوعة من أولها وآخرها ولم تعد واضحة، وهي بتمامها هكذا:" قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ [أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورُهُمْ] قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ: أُنَاسٌ كَانُوا يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ".

-فكنت أظن أن الشيخ هو الذي اجتهد في أن ابن عباس كان يتلو الآية. فرأيت بأن هذا من كلام الراوي نفسه كما هو واضح فيها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير