تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[تيسير الغول]ــــــــ[16 Aug 2010, 12:01 ص]ـ

10ـ " وأخيرا قوله تعالى: [ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض] [الشورى:27] قالوا إن هذه الآية نزلت في شأن بعض أهل الصفة، الذين أحبوا أن يكونوا أصحاب غنى، والآية مكية كما تعلم ـ لم يخالف في مكيتها أحد، فكيف تكون نزلت في شأن أهل الصفة الذين كانوا في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم".أ. هـ.

أقول: هناك أقوال في التفاسير كثيرة عن هذا السبب، والذين قالوا به لا شك أنهم لا يرون هذه الآية مكية.

ووجدت عدة روايات لهذا السبب أكثرها شهرة عن عمرو بن حريث، وهذا كما في الإصابة مختلف في صحبته، وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي، عن علي رضي الله عنه قال: إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصفة [ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض] وذلك أنهم قالوا: لو أن لنا فتمنوا الدنيا. وعبارة السببية هنا غير واضحة في كونها صريحة، ويحتمل أن تكون الآية في حكمهم.

وهناك روايات أخرى في نفس المعنى، ويبدوا هذا المثال أيضا غير كاف فيما يريد الشيخ أن يثبته، فهو ما بين الضعيف و الصيغة غير الصريحة. ولو صح سندا وبصيغة صريحة فلا مانع أن تكون هذه الآية مدنية، وكتب التفسير مليئة بهذه الرواية وكل من يرويها لابد أنه لا يمانع من أن تكون الآية مدنية في سورة مكية.

أخي الفاضل: رواية عمرو بن حريث، صحيحة عند كثير من أهل الحديث وقد أخرجه الحاكم وصححه، وأشار الذهبي إلى أنه على شرط الشيخين ج2 ص445 عن علي بن أبي طالب مثله.

وهناك روايات أخرى رواها الهيثمي في مجمع الزوائد ج7 ص104 رواه أيضاً الطبراني ورجاله رجال الصحيح وفيه "لأنهم تمنوا الدنيا" وأخرجه الواحدي في أسباب النزول وأبو نعيم في الحلية ج1 ص338.

قال ابن جرير ج25 ص30 حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال أبو هانئ1 سمعت عمرو بن حريث (وغيره) يقولون إنما أنزلت هذه الآية في أهل الصفة.

مما سبق ولأن الشيخ فضل عالم مرجح ذو يد طائلة في العلم ويعرف مقادير الروايات سقيمها وصحيحها فإنه يحق له أن يأخذ بما يستأنس به من روايات ولا يعاب عليه في ذلك ما دامت الرواية فيها أقوال قريبة الى الصحة أكثر من الوهن.

ـ[محمد زيلعي]ــــــــ[16 Aug 2010, 02:48 م]ـ

أشكر أخي د. محمد أبو زيد على هذه القراءة والتحليل والنقد

ويبدو لي أن هذه المسألة من المسائل المشكلة التي تحتاج إلى بحث وتأمل

ويبدو لي أيضاً

1ـ أن مناقشة هذه المسألة تحتاج إلى عمق في موضوع السياق وفهم المراد به مثل فهم قضية الأسباب ودقائقها، فمثلاً مكان النزول مكي أو مدني هو جزء من السياق بمفهومه الحالي، فإن السياق عند الباحثين يشمل سياق المقال، وسياق الحال، وسياق الحال هو بيئة النزول وأحداثها، ويدخل فيه سبب النزول، وعليه فإن استدلال الدكتور عباس بمكية سورة يس هو استدلال بالسياق الحالي = سياق الحال = قرائن الحال. كلها سواء، ولا يسلم التفريق بين البحث في مكان النزول والبحث في السياق.

2ـ يبدو لي أخي د. محمد أن ما نقلته في المثال الأول من سبب نزول صيغته ليست صريحة بمصطلح القائلين بالتقسيم إلا أن يكون قد طوي كلام يدل على الصراحة، ولعل قول ابن عباس بالقولين يدل على أن المسألة أيضاً من باب التفسير وليس من باب السببية، ولعل مما يؤكد ذلك جمع الطبري بين القولين تحت معنى الآية.

3ـ يبدو لي أن في بعض جوانب كلامك أخي د. غموض يحتاج إلى توضيح ولا يمكن الحكم عليه حتى يتبين وربما بيّن بيانه عدم دقته وذلك من مثل قولك: -يبدو لي أن السبب فيما أشكل على الدكتور الفاضل في موضوع السياق هو بعض الخلط بين السبب والمناسبة، فهو ينظر إلى الآيات من خلال السبب فيختل السياق، وهذا برأيي غير صحيح؛ لأنه بهذه الطريقة يكون ـ من حيث لا يدري ـ قد فسر القرآن بخصوص السبب، والقرآن لا يفسر بخصوص السبب وإنما الأصل في تفسيره عموم اللفظ ما لم يثبت غير ذلك.

فإن الله سبحانه أنزل القرآن الكريم كله لهداية البشرية، ولكن شاءت حكمته أن ينزل بعض الآيات وهي الأقل من القرآن الكريم على أسباب خاصة، وعندما جمع القرآن الكريم لم يجمع بمراعاة أسباب النزول، وإنما جمع كما كان مكتملا قبل أن ينزل، وفي هذه الحال توضع الآيات التي لها سبب نزول خاص بجوار أختها التي لم يكن لها سبب خاص، مع اختلاف في تاريخ النزول وظروفه، وما معنى آية مكية في سورة مدنية إلا أن نقول بأن الآية اخذت من بيئتها، وممن خاطبتهم من المشركين أولا، ومن السبب الذي نزلت فيه، ووضعت مع آيات تخص النصارى أو اليهود في المدينة أو غير ذلك مما لم يكن في مكة عند نزول الآية المكية، وهذا لا يعني أن نرجع إلى الأسباب الصحيحة لنزول هذه الآيات فنبطلها بحجة اختلال السياق! وإنما دأب العلماء أن يكشفوا الخيط الدقيق الذي يسلك كلا من المشركين في مكة وسبب النزول آنذاك، ثم يسلك اليهود أو غيرهم مما وضعت الآية معه في القرآن المدني، وهذا الخيط الذي نكتشفه هو السياق المعتمد. وهذا ما جعل الطبري يحيد عن الظاهر في المثال الأول سابق الذكر. لأن الظاهر لو كان هو السياق المقصود لما تعارض مع سبب نزول صحيح وصريح. والطبري لم يترك السياق، وإنما ترك ما كان يظنه هو السياق ثم أوجد سياقا آخر مقنعا له، لا يردّ فيه السبب الصحيح الذي له حكم المرفوع كما هو معلوم. ثم هب أن فلانا من الناس لم يجد السياق المناسب الذي يقنعه، فهل هذا يعني أن يحذف ما صح من هذا الدين حتى تستقيم له الأمور؟ أم ينبغي أن يقول كما يقول العلماء: لا أعلم؟ ويترك الأمر لمن وجد السياق.

ولعل مما يدل على ذلك أن السياق مقالياً وحالياً لا يخفى ـ غالبا ـ وليس من المعروف الاختلاف فيه وكل يفهم منه غير ما يفهم الآخر؛ لأنه كلام سابق لمحل النزاع وهو ما يسمى بالسباق وآخر لاحق له وهو ما يسمى باللحاق، وأما السياق الحالي فهو تاريخ مروي أو حال متكلم أو مخاطب وهذه كلها لا تحتمل كثرة الخلافات بل هي ظاهرة غالباً.

4ـ دائماً وبعد كل بحث في هذه المسألة أتساءل هل تحتاج هذه المسألة بحث من جذورها ولا تتضح إلا به.

والله أعلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير