تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مما قررناه يتبين أن تطور الكلام قطعاً يؤثر فى الحكم على الكلام بالحقيقة والمجاز، فعندما نقول أن لفظ (قرآن) أصله من مادة (قرأ) وهى بمعنى (جمع و تلا) والأصل فيها (جمع) لأن التالى يجمع الحروف إلى بعضها والكلمة إلى الكلمة والجملة إلى الجملة، وهذا كما فعله ابن فارس والراغب الأصفهانى، فهل هذا هو الأصل فى معرفة الحقيقة والمجاز؟؟؟

نقول: أن هذا أصل يتفق على كثير منه لكن ليس هذا هو الأصل فى معرفة الحقيقة والمجاز، وإنما الأصل فى ذلك إنما هو (كثرة الاستعمال) وهو الذى عليه عامة اللغويين.

-قاعدة مهمة (إذا أطلقت اللفظة فيراد بها الحقيقة ولا ينتقل إلى المجاز إلا بقرينة واضحة).

-والصحيح أنه يوجد فى القرآن مجاز لكن لا يعدل عن الحقيقة إلا بقرينة، فالخلاف بيننا وبين المعتزلة وغيرهم ليس فى وجود المجاز من عدمه وإنما فى وجود القرينة.

- تنبيه مهم جداً جداً: الذين أثبتوا المجاز من أهل السنة عدد كثير من أولهم الإمام البخارى-رحمه الله- كما قال فى كتابه (خلق أفعال العباد) مايلى:-

- (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ أَكْثَرَ مَغَالِيطِ النَّاسِ مِنْ هَذِهِ الأَوْجُهِ حِينَ لَمْ يَعْرِفُوا الْمَجَازَ مِنَ التَّحْقِيقِ، وَلاَ الْفِعْلِ مِنَ الْمَفْعولِ، وَلاَ الْوَصْفِ مِنَ الصِّفَةِ، وَلَمْ يَعْرِفُوا الْكَذِبَ لِمَ صَارَ كَذِبًا، وَلاَ الصِّدْقَ لِمَ صَارَ صِدْقًا.

فَأَمَّا بَيَانُ الْمَجَازِ مِنَ التَّحْقِيقِ فَمِثْلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للفَرَسِ، وَجَدْتُهُ بَحْرًا وَهُوَ الَّذِي يَحُورُ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ، وَتَحْقيقُهُ أَنَّ مَشْيَهُ حَسَنٌ، وَمِثْلُ قَوْلِ الْقَائِلِ: عِلْمُ اللَّهِ مَعَنَا وَفِينَا، وَأَنَا فِي عِلْمِ اللَّهِ، إِنَّمَا الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُنَا وَهُوَ التَّحْقِيقُ، وَمِثْلُ قَوْلِ الْقَائِلِ: النَّهْرُ يَجْرِي، وَمعنَاهُ أَنَّ الْمَاءَ يَجْرِي وَهُوَ التَّحْقِيقُ، وَأَشْبَاهُهُ فِي اللُّغَاتِ كَثِيرَةٌ.) ا. هـ

- فيلاحظ أن من ركب المجاز وهم علماء أفاضل مثل العزِّ بن عبدالسلام وقع فى كثير من الأغلاط بسبب المبالغة فى المجاز فجعل أشياء كثيرة منه وهى ليست كذلك،و فعلهم هذا لا يعنى أن المجاز ليس بصحيح فى أصله، وإنما نقول (كل يؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر)، وكذلك الذين يبالغون فى نفى المجاز لهم وجه فى ذلك، ولكن أيضا إثباته على قول من يقول بنفيه صعب جداً، ونفيه على قول من يقول به صعب جداً، فالمسألة تكاد تكون قوية، ولولا مبالغة الشيخين ابن تيمة وابن القيم فى نفى المجاز لما صار مشكلا عند من جاء بعدهم، فنقول من باب التحقيق العلمى (ينبغى أن ينظر إلى الأقوال وليس إلى الرجال) فقد قال ابن تيمة بأن المجاز لم يعرف إلا بعد المائة السادسة!! فكيف ذلك وقد رأينا كلام الإمام البخارى وهو قبله.

- (فينبغى التنبه إلى أن المسألة علمية قابلة للأخذ والرد).

ـ[عبدالرحمن المشد]ــــــــ[03 Dec 2010, 07:56 م]ـ

النوع الثالث والخمسون

فى تشبيهه واستعارته

- جعل ابن عقيلة المكى هذا النوع على قسمين، الاستعارة لوحده، ثم التشبيه وهذا أولى لأن كلاهما علم، وكل عالم له تقسيم معين.

- فالسيوطى فى كتابه (التحبير) قصد نثر كتاب البلقينى (مواقع النجوم)، وقصد بعدذلك الضم والجمع فى الإتقان، ثم جاء ابن عقيلة ونثر ما جمعه السيوطى.

- والأولى أن تكون التقسيمات كلية وجزئية.

- استدرك ابن عقيلة على السيوطى عند تقسيمه للتشبيه باعتبار طرفيه عند قوله (ومثال الرابع: لم يقع فى القرآن، بل منعه الإمام أصلا لأن العقل مستفاد من الحس، فالمحسوس أصل للمعقول).ا. هـ

فاستدرك ابن عقيلة عليه وذكر أن هناك مثال هو (طلعها كأنه رءوس الشياطين).

- تنبيه: وهنا ينبغى التنبه إلى أن مثل هذه الأمور عقلية تختلف من عالم لعالم آخر، والتجريد الذهنى قد تضيع منه أمثلة كثيرة، وهذه مشكلة عامة.

- عند ذكره بعضا ممن أنكر وجود الاستعارة نقل ذلك عن القاضى عبدالوهاب فينبغى الرجوع إلى كلام القاضى نفسه وفهم مراده بعدم ورود فى ذلك إذن من الشرع.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير