ـ[آمال ابراهيم أبو خديجة]ــــــــ[15 Aug 2010, 07:27 م]ـ
طغيان الإنسان
كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8)
من طبيعة الإنسان الغفلة والنسيان والإنكار، فإن وصل للعلم والمعرفة ينسى أن من وهب له ذلك العلم هو الله، فيطغى ويظلم بما توصل إليه من الصناعات والمعرفة، ومن زيادة ثرواته ومدخراته وتجارته، فيبدأ برحلة الإفساد في الأرض بدل عمارنها، ويزيغ عن هدف وجوده، ويظهر ذلك عندما يفقد الإنسان التصاقه وعلاقته بخالقه، فيسخر ذلك العلم والمعرفة للقوى المادية، فينسى الله، وتطغى على عقله أفكار الكفر والضلال والإنكار فيظن نفسه أنه مستغن عن الله ولا حاجه له بقوة تحميه وتحفظه وتزيده معرفة وفضلا من نعمه، فالآن يظن نفسه قوي ويملك القوة المادية التي يجد فيها أكثر تأثيرا بنفسه من القوة الروحية والإيمانية التي يجب أن يعمل على الاجتهاد والمجاهدة لرقيها، فقد أغرته الدنيا بزينتها وبما عرضت عليه من نعيمها، فأنسته أن من تفضل عليه هو الله، نسي حقيقة خلقه وأنه من العلق التافه الذي لا وجود له، والله من قدر له الوجود على هذه الأرض ورعاه حتى أصبح إنسانا ذا قوة عقلية ومادية، فكيف به الآن يطغو ويعلو في فساد عقله وادعاء أن كل ما توصل له من فضل هو من قوته وجهده وحده ولا ينسبه إلى الله ولا يرجع به بصدق النية إليه سبحانه.
وقد جاء في تعريف الطغيان في كتاب الصحاح باللغة:
" طَغا يَطْغى ويَطْغو طُغْياناً، أي جاوَز الحدّ. وكلُّ مجاوزٍ حدَّه في العِصيان فهو طاغٍ. وطَغِيَ يَطْغى مثله. وأطْغاهُ المال، أي جعلَه طاغِياً. وطَغا البحر: هاجت أمواجُه "
بأن يصف الله سبحانه الإنسان بصفة الطغيان يدل على انكار هذا الانسان للفضل والخير، وأن ذلك من طبيعته أن ينسى فضل من أكرمه وأنعم عليه بالخير الكثير، ومن أعظم الطغيان والعصيان أن تعتدي على من أراد لك الخير وسخره لك في الوجود وأكرمك وفتح لك كل أبواب الخير، فتأتي أنت وتقوم بالإساءة إليه بالتجاهل والإعتداء على حقوقه وأوامره، فكيف بالله وهو من سبب لك كل أسباب سعادتك وإكرامك فتأتي أيها الإنسان وتنكر ذلك على خالقك وتعتدي على أوامره وتحارب دينه وأهل دعوته، أليس ذلك ظلما وطغياناً عظيما منك، ولكن ما الذي يمنع الإنسان أن يطغى ويضبط نوازع الشر عنده وينير قلبه للخير، إنه الإيمان والتقوى والخوف من الله التي اكتسبها بعلمه ومعرفته لله سبحانه وتعالى وتسخير كل ما تفضل عليه للإصلاح في الأرض ونصرة دين الله.
يقول الإمام الرازي حول ذلك الاستغناء:
" أن سين {استغنى} سين الطالب والمعنى أن الإنسان رأى أن نفسه إنما نالت الغنى لأنها طلبته وبذلت الجهد في الطلب فنالت الثروة والغنى بسبب ذلك الجهد، لا أنه نالها بإعطاء الله وتوفيقه، وهذا جهل وحمق فكم من باذل وسعه في الحرص والطلب وهو يموت جوعاً، ثم ترى أكثر الأغنياء في الآخرة يصيرون مدبرين خائفين، يريهم الله أن ذلك الغنى ما كان بفعلهم وقوتهم "
فالمؤمن كلما ازداد علما يعلم حقيقة الرجوع إلى الله في كل أمر، ويعلم أن الله من وراء ذلك الوجود كله وهو من يسخر الأشياء ويدبرها حتى تصلح لحياة الأرض ومن عليها، كلما ازداد علما استنار قلبه وعقله بنور الإيمان وزيادة اليقين وحب الالتصاق بربه وخالقه كلما ازداد الخوف والرجاء منه وشدة المراقبة لربه في كل أمر.
ـ[آمال ابراهيم أبو خديجة]ــــــــ[15 Aug 2010, 07:28 م]ـ
أعظم الظلم
أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) ثم تنتقل السورة للتحدث عن أعظم الطغيان والظلم والحرمان للناس، والذي تمثل منذ بداية الدعوة بأبي جهل ومحاربته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوة التوحيد التي جاء بها، ثم تمثلت في كل من تبع دعوة أبي جهل من الطغيان والضلال والجهالة، بأن يُمنع الإنسان المؤمن ويُنهى عن أن يؤدي عبادته لربه وخالقه وخاصة الركن الأساسي من الدين وهو الصلاة، فالصلاة هي أقوى روابط التصاق وتعلق العبد بربه، من خلال تأديتها باليوم والليلة خمس مرات على الأقل فيجد أثرها في
¥