تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نفسه بزيادة الحب والقرب إلى خالقه والارتماء في ساحة رحمته والالتصاق في شريعته ونيل رضاه، يتعلق بربه وخالقه وإلهه ليزداد إيمانا وتقوى وقوة ليتزود بهذه الطاقة لعمارة حياته على هذه الأرض، فمن تجرأ على منع الناس من عبادة ربهم والاتصال به من خلال صلاتهم، فذلك إنما أصاب قلبه الجهل وطمست بصيرته وانتفش بدعوة الكبر والإستعلاء على خالقه وخلقه، فمن ظن نفسه أنه صاحب علم وحكمة ومارس تلك السلوكيات الطاغية في حق ربه وعباده فهو في أخس درجات الجهالة والطغيان، ومن ظن أنه بثروته وسيادة سلطتة يجب على العباد طاعته والإنتهاء عن طاعة ربهم، هو واهم فالله قادر عل أن يأخذه ولا يبقي له أثرا، فدعوته لا تهدف إلا لمنع الهدى والإيمان وانتشاره في الأرض، فالصلاة أهم ركن وعنوان للدعوة إلى الله وهي من تميز أهل الإيمان عن أهل الكفر والضلال، وبها تمثلت دعوة توحيد الله في العبودية، فمن سعى لإيقاف ذلك الرابط بين العبد وربه إنما يريد أن ينهى الناس عن معرفة ربهم واستمداد القوة منه، وأن لا تبني نفوسهم وقلوبهم على تقوى من الله ورقابته، فهم ينطلقون من دعوة قائمة على فساد الاعتقاد والفكر والعمل على نشر الفساد بين الناس وإلحاق الأذى والباطل بهم، فأكثر ما يخيف أصحاب الفكر الفاسد القائم على دعوة الباطل هم من يدعون إلى الله ويحملون همَ هذا الدين ويريدون نشر الحق والإيمان وإدخال أثره في قلوب الصادقين وملء قلوبهم في طاعة الله وحب التعلق فيه، لذا يقوم أهل الباطل على محاربة كل من يدعو لذلك وإيقاف هذه الدعوة والتي ستخالف هوى قلوبهم وفساد نفوسهم، فهؤلاء الفاسدين تعلقت قلوبهم والتصقت بحب الشهوات والماديات والسلطان المزيف، بدل من التعلق بالله والالتصاق به، فلو تفكروا بنعم الله عليهم وتفضله بالعلم وحقيقة خلقهم وإيجادهم على هذه الأرض وإحاطة النعيم بهم من كل جانب ما فعلوا ما فعلوه من الطغيان والفساد.

ـ[آمال ابراهيم أبو خديجة]ــــــــ[15 Aug 2010, 07:29 م]ـ

العقوبة المنتظره

كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ

في كل شئ تجد رحمة الله تتجلى حتى مع أهل الطغيان والفساد، فانظر إلى أثار رحمته كيف يريد الله سبحانه لهؤلاء الطاغين أن يعودوا إلى رشدهم وسلامة عقولهم بالإنتهاء عما يفعلون من محاربه الحق والعودة إلى صفوف الإيمان والالتصاق بخالقهم وسبب وجودهم على هذه الأرض، يعطيهم الفرصة للتفكير والتغير وإلى العودة قبل فوات الأوان، وإلا ستكون العاقبة لهم بالعذاب الشديد والنسف لأثار وجودهم.

فالله يتوعد هؤلاء الفاسدين الداعين لدعوة الباطل إن استمروا على كذبهم وعنادهم وباطلهم، بأن تكون عاقبتهم المذلة والخزي، فسوف يقبضهم الله من نواصيهم قبضة شديدة ليلقوا في العذاب الشديد في جهنم،

يقول الإمام الرازي حول معنى " السفع لَنَسْفَعاً لنأخذن بناصيته ولنسحبنه بها إلى النار، والسفع القبض على الشيء، وجذبه بشدة، وهو كقوله: {فَيُؤْخَذُ بالنواصى والأقدام} [الرحمن: 41] وثانيها: السفع الضرب، أي لنلطمن وجهه وثالثها: لنسودن وجهه "

فالأخذ الشديد من الناصية والسحب منها إلى نار جهنم والإلقاء في العذاب الشديد تدل على أن الناصية هي أهم وأشرف ما يرفع الإنسان به نفسه بين الناس، فهو يمشي متبخترا رافعا لجبهته عند كبره، كما أن تخصيص الناصية هنا يدل على أنها مجمع الأفكار واتخاذ القرار في الدماغ، فكانوا يكثرون من التفكير والتدبير واتخاذ القرارات ضد دعوة الحق، وهي مكان العلم والتعلم، والدماغ خلقه الله منقسما لقسمين الأيسر والإيمن فيجتمع فيه تفكير الإنسان بالجانبين ويميل لأحدهما أكثر من الآخر ومن خلاله تبرز سلوكياته وتصرفاته في حياته وتنطبع شخصيته، فبعض الناس يميلون مع الخيال والإبداع وهو الجانب الأيمن من الدماغ وآخرون يميلون مع التعقل والتفكير المنطقي والنظري وهو الجانب الأيسر من الدماغ، فمن فسد في الأرض ورفض دعوة الحق والإيمان ولم يستخدم تلك النعمة العظيمة بأن جعل الله له ذلك الدماغ للتفكير والتدبير بعد أن كان علقة تافه حقيرة، فهذا العلم الذي تعلمه أوصله لقرارات ومنهج حياة خاطئ مخالف لمنهج الله، فالمتعلم يبحث ويختبر ويفحص ويمحص ومن المتوقع أن يصل للخطأ والصواب، ولكن هؤلاء كانت مسيرتهم ضد دعوة الحق بالعناد والكذب رغم أن علمهم قد أوصلهم لحقائق ثابتة تدل على عظمة الله وقدرته سبحانه إلا أنهم غفلوا وتعاموا عن الرؤية وجاءوا بنتائج خاطئة للناس لإضلالهم، فكانوا يجتمعون للتخطيط لقلب الحقائق، وكانوا يتعاونون معا على إيقاف مسيرة الحق، ويناصر بعضهم بعض ويتفاخرون بأعدادهم وقوتهم الفكرية الزائفة، فيوم القيامة سيطلب منهم دعوة هؤلاء الذين اجتمعوا بهم في الدنيا بنواديهم الخاصة إن كان سينتفع بعضهم ببعض، أو يشفع بعضهم لبعض، والله سيدعو زبانية العذاب وهم الملائكة لتلقي بهم في أشد العذاب.

كما أن الناصية تنعقد عليها خطوط الإنفعالات الداخلية الصادره عن ردة فعل الإنسان نتيجة غضبه أو وجود مثير ما قد أدى لذلك الإنفعال، فهؤلاء الطاغين عقدوا جباههم ونواصيهم بخطوط الغضب عند رؤية أهل الطاعة والعبادة لله، اسودت وجوههم وارتسمت بخطوط التجهم عند رؤية المصلين لله والداعين للحق، لأنهم يظنون أن هؤلاء سيمنعون عنهم لذة الحياه ونعيمها، إنهم أخطئوا بما اعتقدوه وغضبوا لأجله ولو غضبوا للحق ودعوة الإيمان لكان خيرا لهم، لذا ستكون العقوبة بالسحب من تلك الناصية المنعقدة لأجل الباطل.

وبما أن هؤلاء الطاغين المفسدين حاولوا منع نواصي وجباه المؤمنين للسجود لله والتقرب إليه، فسيعاقبون بالسحب من نواصيهم وجرها إلى مهالك العذاب.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير