تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(65). [أعلى الممالك وأثبتها ما يبنى على العلم وحُمي بالسيف]

قال-رحمه الله-عند قوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ}:

"قال أبو الطيب المتنبي:

أعلى الممالك ما يُبنى على الأسل [1] ... والطعنُ عند محِبِّيهِنَّ كالقُبَلِ

نعم، إن محبِّي الممالك الصادقين في محبتها، والذين تصلح لهم، ويصلحون لها، هم الذين يستعذبون في سبيلها الموت، ويكون الطعن عندهم مثل القُبَل على ثغور الحسان.

فأما الممالك التي تُبنى على السيف فبالسيف تُهدم، وما يُشاد على القوة فبالقوة يُؤخذ.

وإنما أعلى الممالك وأثبتها ما بُني على العلم وحُمي بالسيف، وإنما يبلغ السيف وطره ويؤثر إذا كان العلم من ورائه.

ولكن أبا الطيب شاعر الرجولة والبطولة، شاعر المعارك والمعامع، لا يرى أمامه إلاَّ الحرب وآلات الطعن والضرب، فلا يمكن أن يقول-وقد غمرته لذةا لإنتصار، واستولت نشوة الغلب والظفر لبّه وخياله-إلاَّ ما قال".اهـ

[1]: [الأسل: الرماح والنبل أفاده الشيخ محمود الجزائري-سدده الله- كما في تحقيقه على الكتاب/عبد الحق].

---

(66). [تنويه وتأصيل بشأن العلم؛ وقيام الممالك عليه]

قال-رحمه الله-عند قوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ}:

"قد ابتُدئ الحديثُ عن هذا الملك العظيم بذكر العلم، وقدمت النعمة به على سائر النعم تنويهاً بشأن العلم وتنبيهاً على انه هو الأصل الذي تنبني عليه سعادة الدنيا والأخرى، وأنه هو الأساس لكل امر من أمور الدين والدنيا، وأن الممالك إنما تبنى عليه وتشاد، وأن الملك إنما ينظم به ويساس، وأن كل ما لم يُبنَ عليه فهو على شفا جرفٍ هارٍ، وأنه هو سياج المملكة ودرعها، وهو سلاحها الحقيقي وبه دفاعها، وأنَّكل مملكة لم تُحْمَ به فهي عرضة للانقراض والانقضاض".اهـ

ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[15 Aug 2010, 09:11 م]ـ

(67). [نكتة التنويع وبلاغة التنزيل]

قال-رحمه الله-عند تفسير لسورة الذاريات الآيات (47 - 51):

"لما كانت السماء متلاحمة الأجزاء في العلاء، ثابتة على حالة مستمرة في هذه الدنيا على البقاء، ناسبها البناء.

ولما كانت مظهر العظمة والجلال ناسبها لفظ القوة.

ولما كانت الأرض يطرأ عليها التبديل والتغيير بما ينقص البحر من أطرافها، وبما قد يتحول من سهولها وجبالها، وبما يتعاقب عليه من حرث وغراسة وخصب وجدب؛ ناسبها لفظ الفراش الذي يُبسط ويُطوى ويُبدَّل ويُغيَّر.

ولما كانت أسباب الانتفاع بها الميسرة ضرورية للحياة عليها، وكلها مهيأة، وكثير منها مشاهد، وغيره معد يتوصل إليه بالبحث والاستنباط-ناسب ذكرالتمهيد.

ولما كانت الأزوج مكوناً بعضها من بعض؛ ناسبها لفظ الخلق.

ولما كان النظر في الزوجين هو نظر في أساس التكوين لتلك المذكورات السابقة، وهو محصل للعلم الذي يحصل من النظر فيها؛ قرن بلفظ التذكر".اه

ثم قال رحمه الله: "جاءت الثلاث الآيات الأُوَل كما يكون قولها من الله.

وجاءت هذه الآية كما يكون قولها من النبي صلى الله عليه وسلم، تنويعا للخطاب وتفننا، فإنه لما كان ما في هذه الآية هو المقصود؛ حوّل أسلوب الكلام من الإخبار إلى الأمر، تجديدا لنساط السامع، وبعثا لاهتمام المخاطبين، وبحثا لهم وتوكيداً عليهم.

وفيه تنبيه على أن ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما يقوله الله في وجوب الإيمان والامتثال".اهـ

---

(68). [دقيقة كونية في الآية القرآنية]

قال-رحمه الله-عند تفسيره لسورة الذاريات في قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ}:

"شأن الفراش أن يكون ما تحته لا يصلح للجلوس والنوم عليه، وما تحت وجه الأرض هو كذلك لا يصلح للحياة فيه، فإن تحت القشرة العليا من الأرض المواد المصهورة والمياه المعدنية والأبخرة الحارة مما تنطق به البراكين المنتشرةعلى وجه الأرض في أماكن عديدة، فكانت القشرة العليا مثل الفراش تماما".اهـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير