تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أحمد العمراني]ــــــــ[16 Aug 2010, 05:49 م]ـ

فالتوفيق بين أخذ ابن عباس عن أهل الكتاب وبين دعوته الى عدم الأخذ عنهم، سهل وبين.

إذ إن رجوعه إليهم لم يكن من طالب علم مبتدئ، أو قاص جاهل، إنما كان من عالم يعير سمعه لما يقال، ثم يعمل فكره وعقله فيما سمع، لينخل منه الزيف ويحتفظ بالصحيح.

وقد وضع أساس منهج الاختيار العلمي بقوله: " العلم أكثر من أن يحاط به فخذوا منه أحسنه".

وأنشد محمد بن مضعب لابن عباس:

ما أكثر العلم وما أوسعه ... من ذا يقدر أن يجمعه

إن كنت لابد له طالبا ... محاولا فالتمس أنفعه. (30).

وعزز هذه المقولة بسلوكه مع كعب الأحبار نفسه في موضوع بلغه عنه، لتظهر الصورة الحقيقية للحبر والمتمثلة في المؤمن المعتز بدينه الكريم على نفسه وثقافته.

حيث يروى أن رجلا أتى ابن عباس يبلغه زعم كعب الأحبار أنه يجاء بالشمس والقمر يوم القيامة كأنهما ثوران عقيران فيقذفان في النار، فغضب ابن عباس وقال: كذب كعب الأحبار، قالها ثلاثا، بل هذه يهودية يريد إدخالها في الاسلام. (31). وقد اعتذر له كعب بعد وتعلل. (32) ..

ومن هذا الوادي ايضا ما روي من انه ذكر الظلم في مجلس ابن عباس فقال كعب: إني لا أجد في كتاب الله المنزل أن الظلم يخرب الديار، فقال ابن عباس: أنا أوجدكه في القرآن، قال الله عز وجل: " فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا .. ". (33).

هذه هي حقيقة موقف ابن عباس من أهل الكتاب، وهو إذا كان يدعو الى تجنب الرجوع الى اهل الكتاب، فبسبب ما أدخل من فساد على عقول العامة، أما العلماء فإن معهم من الأسباب ما يجعلهم يقفون طويلا قبل أن يصدقوا ما يلقى إليهم من قول.

وعلى نهج الحبر ابن عباس سار تلاميذه الكبار الذين شكلوا معه مدرسة التفسير، وخصوصا سعيد بن جبير ومجاهد بن جبر وعكرمة مولى ابن عباس، وطاوس بن كيسان اليماني وعطاء بن أبي رباح، وأضافوا بما حصلوا عليه من معارف شيوخهم، وبما استزادوه من معارف عصرهم وبيئتهم ما لم يحصل أو لم يكن موجودا في عصر السابقين.

ومرجع ذلك بالأساس الى أمرين اثنين:

-كثرة من دخل من أهل الكتاب في الاسلام.

-ميل نفوس القوم لسماع التفاصيل عما يشير إليه القرآن من أحداث يهودية أو نصرانية.

مما جعل الكثير من النقاد ينظرون الى تفاسيرهم بعين الريبة في بعض الأحيان. ومن ذلك قولهم في تفسير مجاهد: " كتابه في التفسير يتقيه المفسرون" (34). وقد علل تلميذه الأعمش ذلك بقوله: " كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب اليهود والنصارى". (35).

وبالتأكيد أن هذا الاتقاء لتفسيره ظهر منذ البدايات الأولى في عصره، كما صرح الأعمش وهو من تلاميذه، ولكن مجاهدا ليس بدعا في هذا الأمر، ولكنه فيه آثر متبع، إذ بعض هذه الروايات منقولة عن شيخه ابن عباس والبعض الآخر من شيوخه الآخرين من الصحابة مثل عبد الله بن عمرو بن العاص وهو أكثر قليلا، وقسم ثالث مصدره الأخبار التي راجت في عصره وبيئته.

ورغم ذلك كله، فبالرجوع الى النصوص المروية عنه في هذا المجال نجده فعلا قد أكثر وخالف المبدأ الشرعي للحديث المحذر " لا تصدقوهم ولا تكذبوهم " إذ كثيرا ما يروي عنهم أحاديث في الأنبياء وقصصا عنهم لا تجوز في حقهم وحق عصمتهم، ومهما التمسنا له من مبررات للأخذ من أهل الكتاب وحصرنا الروايات القليلة التي رويت عنه في هذا المجال، فإن المبدأ يبقى هو المبدأ والمنهج ذاته غير مقبول في رواية تلك الأخبار حتى ولو كان خبرا واحدا. وهذا لا ينقص من تفسيره ولا يزعزع ثقة الأمة فيه، إذ يكفي لإزالة هذه الآثار وإلغائها، القيام بتنقيحه والتعليق عليه لتسهل الاستفادة وتعم الفائدة، وتزول الشبهات.

وهو الكلام نفسه الذي يمكن أن يقال في تفسير باقي التلاميذ وكل تراث الأمة، إذ تنقية تراثنا أضحى واجبا من الواجباب التي ينبغي أن تصرف فيه جهود الأمة اليوم، وهو من الواجب الذي لا يتم الواجب إلا به.

ـ[أحمد العمراني]ــــــــ[16 Aug 2010, 05:52 م]ـ

وهذا مثال يحدثنا عن قصة النبي يوسف (عليه السلام) تحدث عنها علماء "المدرسة"بتفصيل، ساقوا أثناءها أسماء وأحداثا وأرقاما وتفاصيل بدت فيها الروايات الاسرائيلية جلية واضحة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير