ويمتاز أهل العراق بأنهم أهل الرأى. وهذه ظاهرة نجدها بكثرة فى مسائل الخلاف، ويقول العلماء: إن ابن مسعود هو الذى وضع الأساس لهذه الطريقة فى الاستدلال، ثم توارثها عنه علماء العراق، ومن الطبيعى أن تؤثر هذه الطريقة فى مدرسة التفسير، فيكثر تفسير بالرأى والاجتهاد، لأن استنباط مسائل الخلاف الشرعية، نتيجة من نتائج إعمال الرأى فى فهم نصوص القرآن والسُّنَّة.
* *
* أشهر رجالها:
وقد عُرِف بالتفسير من أهل العراق كثير من التابعين، اشتهر من بينهم علقمة بن قيس، ومسروق، والأسود بن يزيد، ومُرَّة الهمدانى، وعامر الشعبى، والحسن البصرى، وقتادة بن دعامة السدوسى، ونتكلم عن كل واحد من هؤلاء على الترتيب:
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[19 Aug 2010, 09:23 م]ـ
أشكر للدكتور أحمد ما اتحفنا به من فوائد وننتظر رسالته بعد طبعها لنستفيد منها. بارك الله في علمه.
وبخصوص نقطة الحوار في مدرسة مكة وغيرها للتفسير فأقول:
لابد من النظر في أمور:
- هل كان الصحابة والتابعون في تناولهم لأصول مسائل التفسير في مكة والمدينة يختلفون عن إخوانهم في الشام أو اليمن أو العراق؟ وأعيد السؤال بصيغة أخرى: لو درس أحدٌ عند ابن مسعود ثم انتقل للتلمذ على أبيّ بن كعب فهل سيجد التباين في المنهج والأصول؟
- هل استقلت كل مدرسة بأصولها التي سارت عليها وتبعها على ذلك أهل العلم في ذلك القُطْر أو العَصْر؟
- أحسب أن الحوار يدور حول تخصيص الفترة الزمنية الأولى (القرون الثلاثة الأولى) بمدارس في التفسير، ولا يدخل ضمن النقاش ما جاء بعدهم في القرن الخامس والسادس مثلاً كمدرسة الأندلس وغيرها.
إن المتأمل في أعلام القرون المفضلة من الصحابة والتابعين وتابعيهم باختلاف البقاع التي قطنوها فمشربهم ومنطلقهم واحد من حيث الأصول وعليها بنوا تفريعاتهم، فمعالم تفسيرهم لآيات الكتاب العزيز واحدة وهم بذلك في مقابل المشارب المختلفة عن هديهم، ولا يعني هذا أنهم صبغة واحدة (كربونية) في كل ما يقولونه بل فهومهم واجتهاداتهم واهتماتهم العلمية متباينة، ولكن ذلك كله داخل دائرة واحدة في نهجهم التفسيري العام، وعليه فهم مدرسة واحدة وإن اختلفت بقاعهم التي نشروا فيها علومهم. وأما بعد مضي أصحاب القرون المفضلة (السلف الصالح) فقد يقع الخلاف في وجهات المفسرين. وهذا حديث آخر.
ولذا ففرق بين مدرستهم الواحدة في التفسير، والمدارس المختلفة في باقي العلوم كالمذاهب الفقهية أو المدراس النحوية، فإن المذهب الفقهي قد قام على أصول في استنباط الأحكام تخالف المذهب الآخر وعليه سار أبتاعه وانتسبوا له منذ النشأة وحتى الآن. كما أن المدارس النحوية لها معالمها التي سارت عليها وبَنَتْ مسائلها عليها وقام الخلاف بينهم في تفريعات بسبب الأصول التي بنوا عليها ذلك. وهذا ما لا نجده في منهج السلف الصالح في التفسير.
ولذلك لا يستطيع أحد أن ينتسب الآن إلى مدرسة التفسير في مكة بينما قد ينتسب إلى مذهب المالكية أو الظاهرية في الفقه ولا معترض عليه.
وما سبق لا يعني أن نسلب أهل كل بلد أبرز الصفات التي كانت في تفسيرهم، كما أنه لا يستلزم إثبات هذه الصفات أن نجعلها مدرسة مستقلة برأسها.
كما أنه قد تُسمَّى فترة ابن عباس رض1 وتلاميذه أصحب مدرسة مكة في التفسير، ولكن باعتبار إطلاق كلمة (مدرسة) بمعناها التعليمي بوجود شيخ وتلاميذ ثم يقوم التلاميذ بنشر علمه، لا بمعناها المنهجي المشير لاختلاف أصول هذه المدرسة عن غيرها من مدارس ذلك الزمن. والله أعلم،،
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[19 Aug 2010, 09:59 م]ـ
أشكر الدكتور أحمد العمراني على ما قدم.
ونحن لا نختلف في ما قاله شيخ الإسلام، لكنه لم يسمها مدرسها، ونسبها إلى المدينة التي يقطنها شيخ من شيوخ التفسير، وكما تلاحظ فإنه لم يقسمهم إلى مدارس تتمايز في الأصول، وهذا ملحظ مهم لا يخفى على مثلكم من أهل التحرير.
وأما أخي أبو سعد، فهل تتوقع أنه يخفى علي ما قاله الذهبي في التفسير والمفسرون.
أقول لك: لقد أخطأ الذهبي في هذه التسمية، وهو انطلق من كلام شيخ الإسلام، وأعتمد مصطلح مدرسة، وهل لأن الذهبي قال، فإنه صواب؟!
ـ[أحمد العمراني]ــــــــ[19 Aug 2010, 10:34 م]ـ
السلام عيكم ورحمة الله
والله ايها الاخوة إني لأغبط نفسي بوجودكم وحواركم، وكأني أجالسكم على مائدة علمية، نتحدث حول هذا الموضوع، وكم تمنين لحظتي هاته لو عاد بي الزمن الى الوارء قليلا، وقدمت هذا الموضوع للنقاش معكم، لاختزلت الوقت اختزالا بما ستجود به علي أفكاركم واقتراحاتكم، ولكن لا ضير، فالفائدة متى كانت أفادت، فشكرا لكم على هذا الحوار العلمي الهام، وأرجو الاطلاع على مقالي الاخر:" مدرسة مكة في التفسير بين الأثر والتأثير"،. وشكر الله لكم مرة أخرى.ورمضان مبارك سعيد.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[19 Aug 2010, 11:47 م]ـ
وأما أخي أبو سعد، فهل تتوقع أنه يخفى علي ما قاله الذهبي في التفسير والمفسرون.
أقول لك: لقد أخطأ الذهبي في هذه التسمية، وهو انطلق من كلام شيخ الإسلام، وأعتمد مصطلح مدرسة، وهل لأن الذهبي قال، فإنه صواب؟!
أعلم أنه لا يخفى عليك ما قاله الذهبي
ولا يلزم من تعدد المدارس الاختلاف فيما بينها
وإذا كان لا بد من الاختلاف حتى يصح هذا الإطلاق فلن نعدم بعض الفروق تميز بين المدارس الثلاث
وعلى أي حال لقد أعجبني كلام أخينا الفاضل حاتم القرشي:
ولذلك لا يستطيع أحد أن ينتسب الآن إلى مدرسة التفسير في مكة بينما قد ينتسب إلى مذهب المالكية أو الظاهرية في الفقه ولا معترض عليه.
وما سبق لا يعني أن نسلب أهل كل بلد أبرز الصفات التي كانت في تفسيرهم، كما أنه لا يستلزم إثبات هذه الصفات أن نجعلها مدرسة مستقلة برأسها.
كما أنه قد تُسمَّى فترة ابن عباس رض1 وتلاميذه أصحب مدرسة مكة في التفسير، ولكن باعتبار إطلاق كلمة (مدرسة) بمعناها التعليمي بوجود شيخ وتلاميذ ثم يقوم التلاميذ بنشر علمه، لا بمعناها المنهجي المشير لاختلاف أصول هذه المدرسة عن غيرها من مدارس ذلك الزمن. والله أعلم،،
¥