بارك الله في طرحكم المفيد د. أحمد، وبارك الله في جميع المداخلات العلمية القيمة التي أثارها علمائنا الأفاضل في هذه المشاركة، وشيخنا د. مساعد أثار نقطة مهمة جدا وتحتاج إلى بسط، وهي قضية مصطلح المدارس، ولاشك أن التفسير تنوع في المدارس المختلفة المذكورة - تمشياً مع المصطلح السائد - مع اتفاقهم في الأصول وهي مصادر التفسير، وتنوعهم في مميزات كل مدرسة وملامحها التي برزت بها، ويظهر ذلك في توسعها في جانب دون جانب، فلعل الشيخ يفصل لنا في هذا الجانب أكثر، ويقترح لنا المصطلح البديل المناسب.
ومن باب إتمام الفائدة لهذا الموضوع، أود أن أساهم بجزء من رسالتي عن ابن جريج، وهو ممن يحسب على المدرسة المكية، وممن أتهم بالإكثار من الاسرائيليات، فأشير أولاً إلى ملامح المدرسة المكية - إن صحت التسمية -، مع تخصيص الحديث عن ملامح تفسير أتباع التابعين، الذي يعد ابن جريج منهم، ثم أختم بقضية هل يعد ابن جريج من المكثرين من رواية الإسرائيليات؟
وأسعد بمداخلاتكم ومناقشتكم الهادفة.
أولاً: مميزات المدرسة المكية في التفسير، وهي التي استفاد منها ابن جريج كثيراً، وأثرت في تكوين شخصيته العلمية، فكان له دور كبير في نشر تراث المدرسة المكية.
فمن أبرز ملامح المدرسة المكية ([1] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=116070#_ftn1)):
1- اعتنت بالجانب الحرفي المعرفي، فغلب على تفسيرهم إيضاح الغامض، وبيان المبهم.
2 - تميز المكيون بالعلم بمسائل الحج والمناسك، ولاسيما عطاء بن أبي رباح، ولذلك اهتموا بتفسير آيات الحج.
3 - تميز منهجهم بالسهولة واليسر، في تناولهم لآيات الحج ومسائله.
4 - اختصت المدرسة المكية، بكثرة اجتهادها في التفسير، والقدرة على الاستنباط.
5 - توسعت في الرواية عن أهل الكتاب.
6 - اهتمت بالدقة اللغوية، وبالمشكل، والغريب.
7 - تعد من أكثر المدارس نتاجاً في التفسير، وذلك بسبب أنها صنفت، ودونت آثارها مبكراً.
هذه أبرز ملامح المدرسة المكية، والتي هي انعكاس لتفسير ابن جريج، ويعتبر ابن جريج من أوائل من صنف في التفسير، ولذلك كان له الأثر الواضح في نشر التراث المكي.
من ناحية أخرى، لا بد من إلقاء نظرة أخرى، على مميزات تفسير أتباع التابعين عموماً، حتى نصل إلى نتائج تساعد في استخلاص منهج ابن جريج.
وفيما يلي عرض لأبرز ملامح منهج أتباع التابعين: ([2] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=116070#_ftn2)) .
1- كان تفسيرهم للقرآن، تفسير بالمأثور عن رسول الله e، وعن أصحابه، وتابعيهم رضي الله عنهم.
2 - لم تكن لهم عناية بالنقد، وتحري الصحة في رواية أحاديث التفسير، بل رووا كل ما ورد في تفسير الآية من صحيح وسقيم، واكتفوا بذكر الإسناد.
3 - التوسع في ذكر أسباب النزول.
4 - التوسع في رواية الإسرائيليات.
وكلا الأمرين يدور على الجانب القصصي والروائي، الذي جذب انتباه أتباع التابعين.
5 - كان استعمالهم للغة، أكثر من استعمال التابعين، فاهتموا بتوضيح العبارات، بمزيد شرح، وبيان عود للضمير المعلوم.
6 - كان اجتهادهم في التفسير، أقل من التابعين، وغلب عليهم أتباع الرواية والنقل، وكان لبعضهم اجتهادات في مباحث محدودة مثل:
أ) القراءة: حيث اجتهد أتباع التابعين، في بيان القراءة، واعتنوا بالأداء، ومن ثم نقلوه إلى الأئمة بعدهم من القراء، وكانوا لا يتحرجون من القراءة الشاذة في التفسير.
ب) النسخ: توسع أتباع التابعين في النسخ، وهذا تبعاً للمنهج الروائي الذي سلكوه.
ج) ترابط الآيات: وقد برزوا في هذا الجانب أكثر من التابعين.
د) كليات القرآن: اجتهد أتباع التابعين، في استخراج كليات القرآن، فأعملوا نظرهم، وفكرهم، في استخراج كليات، ما ذكرها التابعون.
هذه أبرز ملامح تفسير أتباع التابعين، بالإضافة إلى المصادر الأخرى، التي اعتمد عليها التابعون في تفسيرهم. ولو نظرنا إلى روايات أتباع التابعين في التفسير، نجد أن أكثرها منقول عن التابعين، أو اجتهادات، هي في الواقع أثر ونتاج لأقوال التابعين.
وبالنسبة لابن جريج، كمثال للتفسير في عهد أتباع التابعين، نجده قد استفاد كثيراً، من تفسير التابعين، وغالب مروياته عنهم، وممن أكثر عنهم في تفسيره: مجاهد، وعطاء، وعكرمة.
¥