تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذه هي الصلاة التي تعتبر رمز الضبط والانضباط، قال تعالى:" واستعينوا بالصبر والصلاة .. ". وقوله تعالى:" إن الانسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين ". (المعارج/19.).

فالهلع والجزع والمنع نقائص وعيوب، وعلاجها يكون بالصلاة وعموم الطاعات والعبادات.

فهي قيام ومثول بين يدي الله سبحانه وتعالى، وحقها حضور القلب وخشوع الجوارح و"ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون". لكن كم من مصل ليس له من صلاته إلا التعب والنصب، كم من مصل يصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا النصف أو الثلث. وأن ليس للانسان من صلاته إلا ما عقل منها. بل إنها لتدعو للانسان أو عليه. ثم إن الصلاة مضبوطة بأزمنة وأمكنة، فالازمنة منها ما هو اختياري، ومنها ما هو اضطراري، والأمكنة منها ما هو فاضل كالمسجد الحرام والمسجد الأقصى والمسجد النبوي، ومنها ما هو عادي كسائر المساجد، ومن الأمكنة ما تحرم فيه الصلاة أو تكره كظهر الكعبة والمزبلة والمجزرة وهلم جرا.

والصلاة مضبوطة بالامام والمأموم، فالامام يحسن أن يمتاز بصفات كأن يكون أقرأ القوم وغير مكروه لديهم، والمأموم له أن ينبه الامام عند السهو أو الخطأ، لكن يخشى عليه إن هو رفع رأسه قبل الامام أن يجعل رأسه رأس حمار، فإنما جعل الامام ليأتم به.

والصلاة مضبوطة بالاحرام والتسليم، وبالركوع والسجود، وما يتخلل ذلك من تكبير وغيره، وهي الى ذلك مضبوطة بالنواقض والجوابر، إلخ.

إنها الصلاة التي كانت راحة لرسول الله، كما أخبر الصادق المصدوق يوما لصاحبه: " أرحنا بها يا بلال ". [20] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn20)

عكس أبناء الأمة اليوم الذين يقولون" أرحنا منها ". وإن لم تنطق بها شفاههم، فإن أفعالهم بها ناطقة، إنها مفزع رسول الله، حيث كان كلما حزبه أمر صلى ". [21] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn21) وقرة عينه صلى الله عليه وسلم كما قال:" حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة ". [22] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn22)

إنها المعين الحقيقي على تقوية الايمان، فإقامة الصلاة بأداء أركانها وسننها وهيئاتها في أوقاتها يوصل الانسان الى تحقيق تلك الصلة المطلوبة بين العبد وربه، وحري بمن فعل ذلك أن يعينه الله، وحري به هو أن يكون لما سواها مقيما، كما قال عمر في رسالة لعماله: " إن أهم أموركم عندي الصلاة من حفظها أو حافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ". [23] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn23)

الفريضة المرافقة لوجود الانسان المؤمن فوق هذه البسيطة، فريضة لا تسقط أبدا مع جميع الأعذار سواء كان مرضا أم خوفا أم حربا.

إقامة الصلاة كما أرادها الله أن تقام، لا كما أرادها الناس.

والعجيب في القرآن أنه عند حديثه عن فلاح المومنين ذكر من صفاتهم الست، الصلاة مرتين، حيث بدأ بها وختم بها، فكان البدء بالخشوع فيها والختم بالمحافظة عليها، فقال:" قد أفلح المومنون الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون، والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون، والذين هم لأمانتهم راعون، والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ". (المومنون/1 - 10).

إنها مضخة الاطفاء التي تطفئ النار المشتعلة الموقدة التي تلفح القلوب والعقول، وممحاة للذنوب حيث يروي [24] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn24) لنا سلمان الفارسي أنه كان يوما مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تحت شجرة فأخذ منها غصنا يابسا، فهزه حتى تحات ورقه، ثم قال: يا سلمان ألا تسألني لم أفعل هذا؟ قلت: ولم تفعله؟ قال: إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلى الصلوات الخمس تحاتت خطاياه كما تحات هذا الورق، ثم تلا:" وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ". (هود/119.).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير