-بل إنها كالماء الذي يطفئ دخان النار وسوادها ويغسل أثرها من بين جوانح الانسان، لهذا قال (صلى الله عليه وسلم): " إن لله ملكا ينادي عند كل صلاة يا بني آدم قوموا الى نيرانكم التي أوقدتموها فأطفئوها ". [25] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn25) وهو ما شرحه ابن مسعود: " تحترقون تحترقون، فإذا صليتم الصبح غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون فلا تكتب عليكم حتى تستيقظوا " [26] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn26)
هذا بعض من كل، وغيض من فيض من عظمة الصلاة ودورها في ضبط وانضباط النفس، ولكل مؤمن أن يتساءل عن عدد المصلين وعدد مساجد المسلمين، وغياب الضبط المطلوب، فسيتعرف على السبب اليقين ولن يلوم إلا نفسه ولن يرجو إلا رب العالمين.
ومما يفيد النفس ويضبطها ويزكيها أمام باريها كثرة الذكر والاستغفار لقوله تعالى:" ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه يجد الله ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما " (النساء/110).
4 - 2 - الاستعانة بمحاسبة النفس: قال تعالى:" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ". (الحشر/18). إن آيات القرآن لتذكر الانسان بيوم لا مرد له، فيه مساءلة الرحمان لبني الانسان بكل ما سعت له وإليه من أعمال كما قال تعالى: " إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى .. ". (طه/15.).
والانسان محتاج للتذكر والتذكير بأن هذا اليوم هو يوم العدل المطلق، ليس فيه ظلم " لا ظلم اليوم". وليس فه رخصة للرجوع والاعتذار أو المقايضة كما قال تعالى:" ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الارض لافتدت به .. ". (يونس/54.).
بل سيجد الانسان نفسه وبيده كتابه يقرأه بنفسه، كما قال تعالى:" اقرأ كتابك فى بنفسك اليوم عليك حسيبا ". (الاسراء /14.).
ومحاسبة النفس تكون قبل العمل كما قال الحسن البصري: " رحم الله عبدا وقف عند همه فإن كان لله أمضاه وإن كان لغيره تأخر ". [27] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn27) وأثناءه باستحضار شرع الله ومراقبته في السر والعلن. وبعده، باستحضار قوله تعالى: " فوربك لنسألنهم أجمعين " (الحجر/98) وقوله: " ليسأل الصادقين عن صدقهم ". (الاحزاب/8).قال أحد السلف: " فإذا سأل الله الصادقين فما بالك بالكاذبين ".
4 - 3 - تنمية الصفات الطيبة: وذلك حتى يكون لها الغلبة، ذلك مثل: صفات الحلم والكرم والتواضع والشكر، ولا يكفي في ذلك قراءة كتاب أو حفظ نصوص، لكن تحصيلها لابد له من مجاهدة وتمرن وتدريب؛ فمثلا من أراد أن يكون حليما، فهذا ينبغي له أن يقوي إيمانه ويزيد في صبره ويكظم غيظه ويملك نفسه في مواقف الغضب، قال صلى الله عليه وسلم: " إنما الحلم بالتحلم " .. [28] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn28)
وقد أثنى الله جل وعلا على الكاظمين الغيظ فقال جل من قائل:" وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ للَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " (آل عمران/133).
فالحديث عن المتقين هنا هو حديث عن صفة مهمة من صفاتهم، وهي كظم الغيظ وهو أحد أهم الوسائل المعينة على ضبط النفس. قال القرطبي في معناه: " كظم الغيظ رده في الجوف.". [29] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn29) ويقال كظم غيظه أي سكت عليه ولم يظهره مع قدرته على إيقاعه بعدوه. فكظم الغيظ هو منعه من أن يقع. [30] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn30)
ومن خلال ما ذكر نستطيع القول بأن ضبط النفس في مثل هذه الحالة، يكون بمنعها من التصرف خطأ في المواقف الطارئة والمفاجئة التي تتطلب قدرا من الشجاعة والحكمة وحسن التصرف. وقد وردت أحاديث كثيرة عن المصطفى (صلى الله عليه وسلم) فيها بيان فضل كظم الغيظ وبالتالي ضبط النفس منها:
¥