تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وذكر الخوبي [14] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn14) لوقوع المعرب في القرآن فائدة أخرى، فقال: إن قيل " إن استبرق " ليس بعربي، وغير العربي من الألفاظ دون العربي في الفصاحة والبلاغة، فنقول: لو اجتمع فصحاء العالم وأرادوا أن يتركوا هذه اللفظة ويأتوا بلفظ يقوم مقامها في الفصاحة لعجزوا عن ذلك، وذلك لأن الله تعالى إذا حث عباده على الطاعة فإن لم يرغبهم بالوعد الجميل ويخوفهم بالعذاب الوبيل لا يكون حثه على وجه الحكمة، فالوعد والوعيد نظرا الى الفصاحة واجب، ثم إن الوعد بما يرغب فيه العقلاء، وذلك منحصر في أمور: الأماكن الطيبة، ثم المآكل الشهية، ثم المشارب الهنيئة، ثم الملابس الرفيعة ثم المناكح اللذيذة، ثم ما بعده مما يختلف فيه فالأكل والشرب لا يلتذ به في حبس أو موضع كريه، لهذا ذكر الله الجنة والمساكن الطيبة فيها، مما ينبغي أن يذكر معه من الملابس ما هو أرفعها، وأرفع الملابس في الدنيا الحرير، وأما الذهب فليس مما ينسج منه ثوب، ثم إن الثوب الذي من غير الحرير لا يعتبر فيه الوزن والثقل، وربما يكون الصفيق الخفيف أرفع من الثقيل الوزن، وأما الحرير فكلما كان ثوبه أثقل كان أرفع، فحينئذ وجب على الفصيح أن يذكر الأثقل الأثخن، ولا يتركه في الوعد لئلا يقصر في الحث والدعاء، ثم هذا الواجب الذكر إما أن يذكر بلفظ واحد موضوع له صريح أو لا يذكر بمثل هذا، ولا شك أن الذكر باللفظ الواحد الصريح أولى، لأنه أوجز وأظهر في الافادة، وذلك " استبرق " فإن أراد الفصيح أن يترك هذا اللفظ ويأتي بلفظ آخر لم يمكنه، لأن مايقوم مقامه إما لفظ واحد أو ألفاظ متعددة، ولا يجد العربي لفظا واحدا يدل عليه، لأن الثياب من الحرير عرفها العرب من الفرس، ولم يكن لهم بها عهد ولا وضع في اللغة العربية للذيباج الثخين اسم، وإنما عربوا ما سمعوا من العجم واستغنوا به عن الوضع لقلة وجوده عندهم وندرة تلفظهم به، وأما أن ذكره بلفظين فأكثر فإنه يكون قد أخل بالبلاغة، لأن ذكر لفظين لمعنى يمكن ذكره بلفظ تطويل، فعلم بهذا أن لفظ " استبرق " يجب على كل فصيح أن يتكلم به في موضعه ولا يجد ما يقوم مقامه، واي فصاحة أبلغ من أن لا يوجد غيره مثله. [15] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn15)

وقد أثبت أعلام " المدرسة " وعلى رأسهم المؤسس وتلميذه مجاهد وقوع المعرب في القرآن الكريم، بل ظهر اهتمام الشيخ أيضا بالدخيل في اللغة العربية عموما وفي القرآن خصوصا. حيث وصلنا كتابه (كتاب المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب، حققه الدكتور صلاح الدين المنجد 0.) الذي يعزى عادة إليه، تبين أن ابن عباس لم يقتصر فيه أو على الاصح لم تقتصر الروايات المعزوة إليه على لغات قبائل العرب، بل تعدتها الى لغات الفرس والنبط والحبشية وغيرها.

يقول الدكتور التهامي الراجي في مقدمة كتاب المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب: " واعتقد أن كتاب اللغات في القرآن الكريم "الذي يعزى عادة الى ابن عباس كما سبق أن ذكرت سواء في صورته القديمة التي رتبت أيام اسماعيل بن عمروالعواد المصري ت:429هـ، أم تلك التي رواها في وقت لاحق، شرف الدين أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي، هو من تأليف عالم مغمور يسمى أبا القاسم بن سلام، ولا علاقة للرجل والعالم اللغوي المشهور أبي عبيد القاسم بن سلام ت:224هـ، لقد نشرت رسالة أبي القاسم بن سلام مع ترتيب علمي وتحقيق ألفاظها بهامش التيسير في علوم التفسير للديريني، كما نشرتها دار إحياء الكتب العربية بهامش تفسير الجلالين. ولا يستبعد كما رأى كثير من الباحثين قبلنا أن تكون رسالة ابن عباس هذه تنسب خطأ الآن الى أبي القاسم بن سلام، قد هذبها بعض العلماء المهتمين بلغات القرآن، مصلحا الخلل الوارد فيها مرتبا الايات التي ذكرت فيها ألفاظ قبائل العرب بحسب مجيئها في القرآن الكريم. ومع هذا الحرص الشديد في الاصلاح والترتيب بقي كثير من التكرار الذي لا مبرر له.

ولا شك أن مهذب رسالة ابن عباس لم يرقه الاعتقاد الذي كان يعتقده من وجود المعرب في القرآن الكريم، فخالفه في كثير من المواضع في الرسالة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير