هذا يجوز من غير إطلاق, لأنه لو أطلقناها لا يصح لأن الآية بعدها (أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) سورة الكهف (105) فالأصلُ أن الآية فيها لأهل الإشراك , فإنزالها على أهل الإسلام غير صحيح وإن أحتج به البعض، لكن الذي أوقفني لأجل ذلك قلت ما يطلق أمران:
الأمر الأول: نُقل عن سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه لمّا بلغه قتلة عُثمان , قال رضي الله عنه (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً) تلا الآية , فإن صحت الرواية فلا ريب أن قول سعد مقدم
والأمرالثاني: ما روي عن عبد الله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - وهذا صحيح في السند - أنه لمّا سُئل عن قضية في العدة وقيل له أن أبا موسى الأشعري قال أُتوا أبو عبد الرحمن فسيوافقني قال (قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) سورة الأنعام (56) هو أراد ليس بالضلالة بمفهومها المطلق، لكنه أرادها بجزئية , فننظر للمستشهد فإن أستشهد أن هؤلاء القوم الذين قال فيهم هذا القول ضلت أعمالهم بنسبة معينة جاز , باعتبار هذين الشاهدين , وإن أراد أنها عين آية الكهف لم يجز لأن ختام الآية (أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) فقول الله جل وعلا (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) حديثٌ عن أهل الكفر , فلا يجوز من فيه حبة خردل من إيمان أن يطبق عليه مثل هذه الآية
القطوف الدانية (قبسات من آيات)
بالنسبة آخر سورة الإسراء قول الله تعالى (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا) سورة الإسراء (110) الآية وجه التفريق بين (ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ)؟
نعم , قريشاً كانت تدعوا الله، تسأل الله , لكن لمّا (قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ) سورة الفرقان (60) واضح، هذا سبب نزول الآية , فلما جاء دعواهم بهذا رد على الله، أخبرهم الله جلَّ وعلا أن الرحمن أسم من أسماءه (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا) هذا ما بعده (مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) فجهلكم بأسماء الله منه أُتيتم , وإلا الرحمن من أعظم أسماءه جلَّ وعلا لكن قد يعني ربما قال بعض العلماء أنه أسم لم يكن معروفاً قبل القرآن وهذا له وجه
القطوف الدانية (قبسات من آيات)
رأي الشيخ فمن يقال في قول الله تعالى (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) سورة فاطر (28) أنها في علماء الشريعة وغير علماء الشريعة، وهل قال بهذا القول أحد من المفسرين؟
هو هذا تكلمنا فيه مراراً , كُل من خشي الله فهو عالم ولو لم يقرأ حرفاً , وكُل من عصى الله فهو جاهل بمقدار معصيته ولو حفظ الكتاب والسنة والعلوم كُلّها , إنما المعيار خشية الله , فلو أن إنساناً طبيباً مُلئ قلبه خشية من الله هذا عالم، عالم بماذا؟
هذا السؤال، عالمٌ بالله , بدليل أنه يخشاه، ولو إن إنساناً ربيب مكتبة شرعية يقرأ فيها ليلاً ونهاراً ثم لا تقع منه عياذاً بالله الخشية من الله , فهذا عالم بالكتب لا عالمٌ بالله , عالمٌ بما تضمنته هذه الكتب , يدلك على الكتاب والصفحة والجزء والمجلد لكنه لا يعرف الله،لأن العالم بالله يخشى الله (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) يروون قراءة لعمر بن عبد العزيز لا أظنها تثبت إنه قرأها بالرفع , ولها تخريج , لا يستقيم لغة لكن موجود علشان يعني يحتاط الإنسان في كلامه فيه (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) لكن التوجيه صعب تخريج الآية , يعني الكلام فيها من درجة ما هو يعني غير منضبط لا يكاد يحفظ , لكن أنا أحتاط في كلامي دائماً أقول كل ما قيل في العلم.
العلماء العالم بالله , العالم بالله , وأنا هذا التقسيم الآن , تقولي عالم شريعة عالم لغة عالم فيزياء عالم كيمياء عالم طب , هذا ليس له علاقة هذا معنى الآية , لأن العالم بماذا , عالم بالله
¥