نلاحظ أن السبعة من الخمسة عشر علما علوم لغوية، فعلم معاني المفردات العربية –وهو الذي عبره السيوطي باللغة- وعلم النحو، وعلم التصريف أو الصرف، وعلم الاشتقاق، وعلم المعاني والبيان والبديع علوم لغوية بمعناها العام. فإذا لم يكن أحد على دراية بعلوم اللغة فلا يجوز له أن يتصدى لتفسير ذلك القرآن العظيم. وقد ذكرها السيوطي تلك السبعة في أوائل تلك العلوم الخمسة عشر ليشير إلى أهميتها وأوليتها قبل علوم أخرى.
والإمام محمد عبده لخص تلك العلوم وزاد عليها علوما أخرى كما فعل الشيخ أبو شهبة أيضا. ([10] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_edn10)) والجدير بالذكر أن تلك الشروط إنما اشتُرطت لمن أراد أن يبلغ تفسيرُه مرتبة عليا في العلمية، ويصل إلى هداية الناس بالوقوف على أسرار القرآن وعجائبه التي لا تنقضي على مرّ العصور، أما من أراد أن يفسر القرآن تفسيرا إجماليا أو يستدلّ بالقرآن لجلب الناس العوام على الخير والهدى وإبعادهم عن الشر والضلال، فلا يشترط تلك العلوم الكثيرة التي قد لا تتيسر في هذا الزمان أن تجتمع كلها في شخص واحد.
يقول الإمام محمد عبده: للتفسير مراتب، أدناها أن يبين بالإجمال ما يُشرِب القلبَ عظمة الله وتنزيهه، ويصرف النفس عن الشرّ ويجذبها إلى الخير. وهذه هي التي قلنا إنها متيسرة لكل أحد ?وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ? [القمر: 17، 22، 32، 40]، وأما المرتبة العليا فلا تتمّ إلا بأمور فبدأ الإمام يذكر تلك العلوم. ([11] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_edn11))
ــــ
[1] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_ednref1) الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير، د. محمد بن محمد أبو شهبة (القاهرة، مكتبة السنة، 1408 هـ) ط 4، ص 36.
[2] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_ednref2) الإتقان في علوم القرآن، ج 2، ص 477.
[3] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_ednref3) قد تأتي القراءة الصحيحة بمعنى آخر وبحكم آخر فيجب على المفسر أن يعرف اختلاف مثل تلك القراءات، أما اختلاف القراءات التي لا أثر له في معنى الآية كاختلافها في الأداء فلا يجب على المفسر أن يعرفه، أما القراءات غير الصحيحة أو الشاذة فلا يشترط معرتها كوسيلة لتفسير القرآن، وغاية الأمرأنها تعتبر أخبار الآحاد فتفيد كما تفيد. والله أعلم.
[4] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_ednref4) ويقصد به علم التوحيد أو علم الكلام مما يساعد العقل للوصول إلى معرفة ما يجب وما يستحيل وما يجوز في حق الله وكذا في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام ينفع هذا للمفسر عندما يفسر الآيات المتعلقة بصفات الله وقصص الرسل ونحوهما، وربما يفيد المفسر أيضا معرفة طريقة تركيب الأدلة العقلية من مقدمتين ونتيجة، فقد كان في علوم القرآن فصل أو باب في جدل القرآن، وإن كان بينه وبين جدل المتكلمين فرق. والله أعلم
[5] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_ednref5) هذا مما يحتاجه المفسر عند يواجه آيات الأحكام الشرعية حتى يستطيع أن يستنبط أحكاما فرعية، وكذا ينفعه هذا العلم لما فيه من الكلام عن دلالات الكلام على المعاني مثل مفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة وغير ذلك من المباحث.
[6] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_ednref6) هذا العلم وما قبله واجب حتى لا يقع المفسر في القول بما قد نسخ أو وقع في انغلاق الفهم للجهل بسبب نزول الآية، وقد ذكر العلماء فوائد معرفة أسباب النزول وأقوال الأئمة في وجوب معرفة الناسخ والمنسوخ، وكذلك معرفة قصص القرآن أي تاريخ الأمم السابقة مع أنبيائهم من لدن أدم إلى مشاهد يوم القيامة –إن صحّ أن يعتر قصصا سوف تقع-.
[7] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_ednref7) يقول ابن عاشور في مقدمة تفسيره: ولم نعدّ الفقه من مادة علم التفسير كما فعل السيوطي؛ لعدم توقف فهم القرآن على مسائل الفقه، فإن علم الفقه متأخر عن التفسير، وفرع عنه، وإنما يحتاج المفسر إلى مسائل الفقه عند قصد التوسع في تفسيره. (انظر: تفسير التحرير والتنوير، ج 1، ص 26)
¥