تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[26 Sep 2010, 11:29 م]ـ

عندما يصبح إعجاز القرآن مصدراً للكسب

د. محمد سعيد رمضان البوطي

وأغرب من هذا وذاك أن متسابقاً آخر يصر على أن الحديد إنما أُهبط، كالمطر والبَرَد من السماء، ولم يُستخرج فلذات ومناجم من الأرض. وأن هذه الحقيقة أنبأ عنها القرآن في قوله تعالى: (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) [الحديث: 25] وأن العلم الحديث أيقن اليوم ذلك، فهو إذن من مظاهر الإعجاز العملي في القرآن.

فمن أين سرت هذه اللُّوثة إلى ذهن هذا الباحث الذي تغلبت لديه حوافز المسابقة في هذا المضمار على حوافز البحث في معنى كلمة (النزول) لغة؟ إنها سرت إليه من العجلة التي أفقدته فرصة البحث في معنى النزول ثم أفقدته فرصة الإصغاء إلى ما يقوله علماء الجيولوجيا وعلماء الطبيعة عموماً عن الحديد ومصدر تكوينه.

إن كلمة النزول تعني في أصلها اللغوي (الحلول). تقول نزلت ضيفاً عند فلان أي حللت في داره. ويقول الله تعالى: (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين) [الفتح: 4]. أي أحلَّها في قلوبهم. ويقول عز وجل: (لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك) [هود: 12] أي هلّا حلّ لديه وفي ملكه كنز .. ومثله قوله تعالى: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوأتكم وريشاً) [الأعراف 26].

وإنما تأتي بمعنى الهبوط من علُ، عند وجود قرينة دالة على ذلك. كقوله تعالى: (نزل به الروح الأمين على قلبك .. ) [الشعراء: 193]. وكقوله: (هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقاً) [غافر: 13].

إذن فمعنى قوله تعالى: (وأنزلنا الحديد) أحللناه في الأرض ويسّرنا لكم استخراجه.

إن الذي غيّب هذه الحقيقة اللغوية المبثوثة في القواميس العربية، عن ذهن هذا الذي يركض منافساً أقرانه في اكتشاف المزيد من (الإعجاز العلمي) في القرآن، أنه فهم كلمة (النزول) كما يفهمها عوام الناس الذين يتعاملون مع ظواهر اللغة، فألجأه ذلك إلى أن يستنطق علماء هذا الشأن بما يتفق مع الفهم الذي عاد به لكلمة (أنزلنا) في الآية المذكورة، وهو أن الحديد إنما نزل قطراتٍ متفرقةً من السماء، ولم يُستخرج فلذات ومناجم وعروقاً من باطن الأرض.

فهل استجاب علماء هذا الشأن لهذا الاستجرار الذي جاء نتيجة لجهل باللغة وتصور باطل لمعنى النزول؟

لم أجد في علماء طبقات الأرض، ولا الخبراء بالمعادن، ولا علماء الطبيعة عموماً من قال: إن الحديد، دون غيره من المعادن المستقرة في طوايا الأرض، هابط، منفصلاً عن تماسكه وثقله، من أجواء السماء، ثم إنه اتخذ مكانه منتشراً في أعماق الأرض، وإن إنطاقهم بما لم ينطقوا به ولا يؤمنون به، أمر غريب وعجيب! ..

المصدر: صحيفة الخليج

و موقع نسيم الشام: http://naseem-alsham.com/ar/Pages.php?page=readrticle&pg_id=3544&page1=1

قول الدكتور محمد سعيد:

"وأغرب من هذا وذاك أن متسابقاً آخر يصر على أن الحديد إنما أُهبط، كالمطر والبَرَد من السماء، ولم يُستخرج فلذات ومناجم من الأرض."

وأقول:

لم أسمع ولم أقرأ لأحد من العلماء المعتبرين الذين تكلموا في هذا الشأن أن الحديد لم يستخرج من الأرض، فلا أدري من أين أتى بها الدكتور محمد سعيد البوطي؟

ويقول:

"إن كلمة النزول تعني في أصلها اللغوي (الحلول). تقول نزلت ضيفاً عند فلان أي حللت في داره."

هذا الكلام غير دقيق، وغريب أن يأتي من عالم، فـ "نزول" أصل بذاتها، و"حلول" أصل بذاتها.

والأصل في النزول هو المجيء من مكان عالٍ ولا يحتاج إلى قرينة كما قال الدكتور.

قال بن دريد في "جمهرة اللغة":

"ولا يكون النُّزول إلا من ارتفاع الى هبوط، وإنما قالوا: نزلتُ في موضع كذا وكذا، لأنه ينزل على دابّة أو يتجاوز مَنزلة الى مَنزلة أخرى. وأنزلَ الله عزّ وجلّ الكتابَ إنزالاً ونزّله تنزيلاً شيئاً بعد شيء. وجعلتُ للرجل نُزْلاً، أي ما يقيمه لنزوله من طعام وغيره. ونزلتُ بفلان نازلةُ سَوْءٍ، وهنّ نوازل الدهر. وأنزل الفحلُ ماءه إنزالاً. والنُّزالة: ما أنزله الفحل من مائه. وفلان من نُزالةِ سَوْءٍ، أي من فحلِ سَوْءٍ. واللَّزْن: الضّيق؛ ماء لَزْن ومَلزون، أي قليل."

والحلول فيه دلالة على النزول من علو، قال صاحب " تاج العروس":

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير