تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أيها الكافرون)، ونحن نعلم بالضرورة أن الإتيان بمثله، أو بما يقرب منه ممكن، فإن قلتم: إن الإتيان بأمثال هذه السور خارج عن مقدور البشر، كان ذلك مكابرة، والإقدام على هذه المكابرات مما يطرق التهمة إلى الدين، قلنا: فلهذا السبب اخترنا الطريق الثاني، وقلنا: إن بلغت هذه السورة في الفصاحة إلى حد الإعجاز، فقد حصل المقصود، وإن لم يكن الأمر كذلك، كان امتناعهم عن المعارضة - مع شدة دواعيهم إلى توهين أمره -معجزا، فعلى هذين التقديرين يحصل المعجز.)

? الحافظ ابن كثير (774هـ) أقرّها على سبيل المجادلة والمنافحة على الحق لا غير حيث يقول:) وقد قرر بعض المتكلمين الإعجاز بطريق يشمل قول أهل السنة، وقول المعتزلة في الصرفة، فقال: إن كان القرآن معجزا في نفسه لا يستطيع البشر الإتيان بمثله، ولا في قواهم معارضته، فقد حصل المدعى وهو المطلوب، وإن كان في إمكانهم معارضته بمثله، ولم يفعلوا مع شدة عداوتهم له، كان ذلك دليلا على أنه من عند الله، لصرفه إياهم عن معارضته مع قدرتهم على ذلك، وهذه الطريقة -وإن لم تكن مرضية لأن القرآن في نفسه معجز لا يستطيع البشر معارضته كما قررنا - إلا أنها تصلح على سبيل التنزل، والمجادلة، والمنافحة عن الحق، وبهذه الطريقة أجاب الرازي في تفسيره عن سؤاله في السور القصار، كالعصر، وإنا أعطيناك الكوثر.)

? أبو إسحاق الاسفراييني (418هـ) فقد عدّها وجها من أوجه الإعجاز حيث قال في شرحه للمواقف: (وقيل: إعجازه بالصرفة، على معنى أن العرب كانت قادرة على كلام مثل القرآن قبل البعثة، لكن الله صرفهم عن معارضته، واختلف في كيفية الصرف، (فقال الأستاذ) أبو اسحاق منا، (والنظام) من المعتزلة، (صرفهم الله عنها مع قدرتهم) عليها، وذلك بأن صرف دواعيهم إليها، مع كونهم مجبولين عليها، خصوصا عند توفر الأسباب الداعية في حقهم، كالتقريع بالعجز، والاستنزال عن الرياسات، والتكليف بالانقياد، فهذا الصرف خارق للعادة، فيكون معجزا.)

? الراغب الأصبهاني (425هـ) حيث يقول: (اعلم أن إعجاز القرآن ذكر من وجهين، أحدهما: إعجاز يتعلق بنفسه، والثاني: بصرف الناس عن معارضته) ثم يتبع ذلك بقوله: (فلما دعا الله أهل البلاغة والخطابة، الذين يهيمون في كل واد من المعاني - بسلاطة لسانهم - إلى معارضة القرآن، وعجزوا عن الإتيان بمثله، ولم يقصدوا لمعارضته، فلم يخف على ذوي البلاغة أن صارفا إلهيا صرفهم عن ذلك، وأي إعجاز أعظم من أن يكون كافة البلغاء عجزوا في الظاهر عن معارضة مصروفة في الباطن عنها.)

? أبو الحسن الماوردي (450هـ) قال في أعلام النبوة: (الوجه العشرون من أوجه إعجازه: الصرفة عن معارضته، واختلف من قال بها: هل صرفوا عن القدرة على معارضته مع دخوله في مقدورهم .. ؟ على قولين: أحدهما:- إنهم صرفوا عن القدرة، ولو قدروا لعارضوا.

والقول الثاني:- إنهم صرفوا عن المعارضة مع دخوله في مقدورهم.

والصرفة إعجاز على القولين معا .... ) ثم يقول: (فإذا ثبت إعجاز القرآن من هذه الوجوه كلها، صح أن يكون كل واحد منها معجزا، فإذا جمع القرآن سائرها كان إعجازه أقهر، وحجاجه أظهر، وصار كفلق البحر، واحياء الموتى، لأن مدار الحجة في المعجزة إيجاد ما لا يستطيع الخلق مثله) ومثل ذلك يقوله في تفسير النكت والعيون: (فأما إعجاز القرآن الذي عجزت به العرب عن الإتيان بمثله، فقد اختلف العلماء فيه على ثمانية أوجه، إلى أن يقول: والثامن: أن إعجازه هو الصرفة، وهو أن الله تعالى صرف هممهم عن معارضته، مع تحديهم أن يأتوا بسورة من مثله، فلم تحركهم أنفة التحدي، فصبروا على نقص العجز، فلم يعارضوه، وهم فصحاء العرب، مع توفر دواعيهم على إبطاله، وبذل نفوسهم في قتاله، فصار بذلك معجزا لخروجه عن العادة كخروج سائر المعجزات عنها. واختلف من قال بهذه الصرفة على وجهين:

أحدهما: أنهم صرفوا عن القدرة عليه، ولو تعرضوا لعجزوا عنه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير