فجاءت هذه الاجتهادات في شكل ردود أفعال تمثلت ابتداء بمحاولة تصفية وتمييز الدرس البلاغي والإعجازي عن المعتقد الاعتزالي ... ثم محاولة صبغ هاذين العلمين بالمعتقد الأشعري
ثم إنّ غالب من تكلم في إعجاز القرآن الكريم من الأشاعرة أنكر مسألة الصرفة جملة وتفصيلا ... ولكن ذلك لم يمنع بعض كبار القوم وعليتهم من القول بها وعلى رأسهم أبو الحسن الأشعري فيم يزعم البعض ...
والقول بالصرفة عند الأشاعرة غير القول بها عند المعتزلة فهم يقولون بها في حدود ضيقة جدّا وبضوابط صارمة لعل أهمها ما يلي:
? أنّ أعظم معجزات القرآن بلاغته (وليست معجزته الوحيدة ... )
? أنّ العرب والعجم بل الإنس كلّهم والجنّ معهم لا يقدرون على معارضة القرآن والإتيان بمثله ...
? ليس في كلام البشر قديما وحاضرا ومستقبلا شيئا يشبه القرآن أو يقاربه ...
? صرف المتحدين عن معارضة القرآن والإتيان بمثله وجه آخر لإعجاز القرآن ولكنه وجه تابع وثانوي ...
? صرف المتحدين عن معارضة القرآن والإتيان بمثله إنما سببه إبعاد الشكوك عن إعجاز القرآن وحتى لا يصير مجالا للقيل والقال والأخذ والعطاء فيتأثر الضعفاء ومن في قلوبهم مرض ...
يتبع إن شاء الله ...
فتحي بودفلة
الفصل الثاني
إبطال نظرية الصرفة:
يمكننا تصنيف وترتيب جملة الأدلة التي تمّ بها إبطال نظرية الصرفة في مجموعتين اثنين الأولى عبارة عن ردود وأدلة نظرية وعلمية نقلية وعقلية والثانية عبارة عن ردود عملية تطبيقية واقعية
أولا الأدلة العلمية النقلية والعقلية المبطلة لنظرية الصرفة:
1) استدلّ الإمام الخطابي على بطلان نظرية الصرفة بقوله تعالى: ???? ??? ?????? ???????????? ??????? ?????????? ?????? ??? ????????? ???????? ?????? ????????????? ?? ????????? ??????????? ?????? ????? ?????????? ???????? ???????? ???? قال عليه رحمة الله الواسعة: " ... فأشار في ذلك إلى أمر طريقة التكلف والاجتهاد وسبيله التأهب والاحتشاد والمعنى في الصرفة التي وصفوها لا يلائم هذه الصفة فدلّ على أنّ المراد غيرها والله أعلم." اهـ ويقول الإمام السيوطي مستدلا بهذه الآية: ( ... فإنه يدل على عجزهم مع بقاء قدرتهم، ولو سلبوا القدرة، لم تبق فائدة لاجتماعهم، لمنزلته منزلة اجتماع الموتى، وليس عجز الموتى مما يحتفل بذكره، ... )
لو كان الإعجاز في الصرفة كما يزعمون لكان الأبلغ فيها أن يأتي القرآن في أدنى مراتب البلاغة والبيان فالعجز عن الإتيان بالشيء البسيط بالصرفة أبلغ وأوكد من العجز عن الإتيان بالشيء العظيم , وإلى هذا الوجه أشار الباقلاني (403هـ) بقوله: (لو كان الأمر على ما ذهبوا اليه، وكان الإعجاز بالصرفة حقا، لكان الأقوى في الحجة، والأبين في الدلالة، أن يجيء القرآن في أدنى درجات البلاغة، لأن ذلك أبلغ في الأعجوبة، فإن الذي يعجز عن كلام هو في مستوى كلام الناس أو أدنى منه، يكون ذلك دليلاعلى أن هناك قوة غلابة، حالت بينه وبين المعارضة، ولم يكن هناك حاجة لمجيء القرآن الكريم في نظم بديع، ومستوى رفيع عجيب، لأن الأقرب إلى قوة الدليل، ووضوح الحجة حين تكون الصرفة هي الوجه للإعجاز- أن يكون القرآن في مستوى كلامهم، أو دونه.)
2) الآيات الدالة على التحدي والإعجاز تحمل في طياتها دلالة واضحة على مزية القرآن وأنّه فوق قدرة البشر فإنّ الخطاب القرآني لم يوقع التحدي إلاّ بعد الحديث عن نظم القرآن وعن معارضة العرب ورفضهم لدعوته وأحكامه ومعانيه والقول بالصرفة مناقض ومخالف لذلك
3) الإجماع وقع قبل قول النظام بالصرفة على أنّ القرآن معجز بنظمه ولا سبيل لخرقه يقول الإمام القرطبي في أحكام القرآن مفندا القول بالصرفة: (وهذا فاسد، لأن الإجماع قبل حدوث المخالف: أن القرآن هو المعجز، فلو قلنا: إن المنع والصرفة هو المعجز، لخرج القرآن عن أن يكون معجزا، وذلك خلاف الإجماع، وإذا كان كذلك، علم أن نفس القرآن هو المعجز، وأن فصاحته وبلاغته أمر خارق للعادة، إذ لم يوجد كلام قط على هذا الوجه، فلما لم يكن كذلك مألوفا معتادا منهم، دل على أن المنع والصرفة، لم يكن معجزا.) وممّا قاله السيوطي رادّا على القاشلين بالصرفة: ( ... هذا مع أنّ الإجماع منعقد على إضافة الإعجاز للقرآن فكيف يكون معجزا وليس فيه صفة الإعجاز ... ) وممن
¥