تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ذكر هذا الإجماع واستدل به كذلك علي بن محمد الجرجاني (812هـ) في شرح المواقف والألوسي في روح المعاني

4) إذا كان العرب صرفوا عن الإتيان بمثل القرآن الكريم بعد نزوله ووقوع التحدي فما بالنا لا نجد في كلامهم قبل وقوع التحدي ما يشبهه أو يقاربه في بلاغته وبيانه؟ يقول الإمام الباقلاني: (إننا لوسلمنا أن العرب المعاصرين للبعثة قد صرفوا كما يزعمون، لم يكن من قبلهم من أهل الجاهلية مصروفين عما كان يعدل به في الفصاحة والبلاغة، وحسن النظم، وعجيب الرصف، فلما لم يوجد في كلام من قبله مثله) ويقول أبو القاسم الخوئي (1413هـ) من علماء الشيعة الإمامية) لو كان إعجاز القرآن بالصرفة، لوجد في كلام العرب السابقين مثله، قبل أن يتحدى النبي البشر، ويطالبهم بالإتيان بمثل القرآن، ولو وجد ذلك لنقل وتواتر، لكثرة الدواعي إلى نقله، وإذ لم يوجد ولم ينقل، كشف ذلك عن كون القرآن بنفسه إعجازا إلهيا، خارجا عن طاقة البشر.) وإلى مثل هذا أشار الشريف الجرجاني (812هـ) بقوله: (إنه لا يتصور الإعجاز بالصرفة، وذلك لأنهم كانوا حينئذ يعارضونه بما اعتيد منهم من مثل القرآن الصادر عنهم قبل التحدي به، بل قبل نزوله، فإنهم لم يتحدوا بإنشاء مثله بل بالإتيان به فلهم بعد الصرفة الواقعة بعد التحدي، أن يعارضوا القرآن بكلام مثله صادر عنهم قبل الصرفة)

5) القول بالصرفة يقتضي أنّ بلاغة العرب تعطّلت أو على الأقل تراجعت بعد وقوع التحدي والواقع خلاف ذلك فإنّ شعراءهم هم هم وخطباءهم كذلك وكلامهم الفصيح وأسلوبهم البديع والألفاظ المنمقة والمعاني الجليلة السامية بقيت هي هي لم يتغير من ذلك كلّه شيء ... ممّا يؤكد أنّ العجز واقع في أنفسهم وقدرتهم لمزية هذا القرآن وعلوّ شأنه وإعجازه في بلاغته ونظمه لا غير ... وإلى مثل هذا أشار القاضي عبد الجبار المعتزلي (415هـ): (لوكانوا ممنوعين من الإتيان بكلام فصيح، أو قول بليغ، لكان ذلك لا يختص بكلام دون كلام، وأنه لو حصل ذلك في ألسنتهم، لما أمكنهم الكلام المعتاد، ولكن القوم ظلوا يتكلمون، ويأتون بالقول الفني الممتاز، ولم ينحدر مستوى بيانهم، أو يهبط، ولكنه كان - على علوه -، لا يرقى الى مستوى القرآن.) وليس بعيد عن هذا قول يحيى بن حمزة العلوي في الطراز: (البرهان الثالث: الرجع بالصرفة التي زعموها، هو أن الله تعالى أنساهم هذه الصيغ، فلم يكونوا ذاكرين لها بعد نزوله، ولا شك أن نسيان الأمور المعلومة في مدة يسيرة، يدل على نقصان العقل، ولهذا فإن الواحد إذا كان يتكلم بلغة مدة عمره، فلو أصبح في بعض الأيام لا يعرف شيئا من تلك اللغة، لكان دليلا على فساد عقله وتغيره، والمعلوم من حال العرب، أن عقولهم ما زالت بعد التحدي بالقرآن، وأن حالهم في الفصاحة والبلاغة بعد نزوله كما كان من قبل، فبطل ما عول عليه أهل الصرفة.) ويقول الشيخ عبد القاهر الجرجاني (471هـ): (أنه يلزم على ادعائهم هذا، أن يكون العرب قد تراجعت حالها في البلاغة والبيان، وفي جودة النظم وشرف اللفظ، وأن يكونوا قد نقصوا في قرائحهم وأذهانهم، وعدموا الكثير مما كانوا يستطيعون، وأن تكون أشعارهم التي قالوها، والخطب التي قاموا بها، - من بعد أن أوحي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وتحدوا إلى المعارضة - قاصرة عما سمع منهم من قبل ذلك القصور الشديد، وإذا كان الأمر كذلك، وأنهم منعوا منزلة من الفصاحة قد كانوا عليها، لزمهم أن يعرفوا ذلك من أنفسهم، ولو عرفوا لجاء عنهم ذكره، ولكانوا قد قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -:إنا كنا نستطيع هذا قبل الذي جئتنا به، ولكنك سحرتنا، واحتلت علينا في شيء حال بيننا وبينه، وكان أقل ما يجب عليهم في ذلك أن يتذاكروه فيما بينهم، ويشكوا البعض إلى البعض، ويقولوا: ما لنا نقصنا في قرائحنا .. ؟ وإذا كان ذلك لم يرد، ولم يذكر إن كان منهم قول في هذا المعنى، لا ما قل ولا ما كثر، فهذا دليل على أنه قول فاسد، ورأي ليس من آراء ذوي التحصيل.)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير