تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

6) لو عرض للعرب صارف منعهم من معارضة القرآن كما يدعيه القائلون بالصرفة لنقل وأثِر عنهم ذلك لوجود الدواعي فقد كانوا يجهدون أنفسهم ويبالغون في البحث عن شيء يعللون به رفضهم لدعوة النبيّ صلى الله عليه وسلم بالكذب والبهتان حتى , وما أيسر وأسهل أن يقولوا إننا قادرون على الإتيان بمثل هذا القرآن ولكن طرأ لنا كذا أو منعنا كذا أو أنّ سحر محمد حرمنا من بياننا وبلاغتنا ولكن كلّ ذلك لم ينقل لا لشيء إلاّ لأنه لم يقع أصلا والله أعلم ... يقول يحيى بن حمزة العلوي في الطراز (إنّهم لو صُرفوا عن المعارضة مع تمكنهم منها، لوجب أن يَعْلَموا ذلك من أنفسهم بالضرورة، وأنْ يُميزوا بين أوقات المنع والتخلية. ولو علموا ذلك، لوجب أن يتذاكروا في حال هذا المعجز على جهة التعجّب. ولو تذاكروه، لظهر وانتشر على حدّ التواتر. فلمّا لم يكن ذلك، دّلّ على بطلان مذهبهم في الصرفة) وإلى مثل هذا أشار علي بن عيسى الرماني في نكت الإعجاز

7) فإن قيل وقعت الصرفة دون أن يشعروا بها لزم من هذا القول أنّ حجة الله تعالى الواقعة بتحديهم لا تصحّ في حقهم بل لا بدّ من وقوع التحدي وأن يعلم المتحدي به ويتأكد من عجزه وجهة عجزه كذلك وإلاّ بطل الإعجاز أصلا

8) القول بالصرفة يقتضي أنّ الإعجاز فيها وفي قدرة الله الخارقة لا في القرآن الكريم الذي يفقد بذلك كلّ فضيلة وتميز على غيره من الكلام وهذا مخالف لنصوص الكتاب والسنة التي تثني على القرآن الكريم وتؤكد على خصوصيته وتميزه عن سائر الكلام بما في ذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث القدسي الشريف .... وإلى هذا أشار الباقلاني في إعجاز القرآن بقوله: (إنه لو كانت المعارضة ممكنة، وإنما منع منها الصرفة، لم يكن الكلام معجزا، وإنما يكون المنع هو المعجز، فلا يتضمن الكلام فضيلة على غيره.)

9) تعظيم العرب لبلاغة القرآن وإجلالهم وإكبارهم له رغم معارضته وكره أحكامه وحدوده وما جاء به ... والقصص في سيرته العطرة التي تثبت ذلك كثيرة فمنها ما رواه الامام محمد بن اسحق في كتاب السيرة (أن -عتبة بن ربيعة- كان سيدا في قومه، قال يوما وهو جالس في نادي قريش، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس في المسجد وحده: يا معشر قريش، ألا أقوم إلى محمد فأكلمه، وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء .. ويكف عنا .. ؟ فقالوا: بلى يا أبا الوليد، قم إليه فكلمه، فقام إليه عتبة حتى جلس إليه، فقال: يا ابن أخي، إنك منا حيث علمت من السطة (أي: الشرف) في العشيرة، والكمال في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم، وكفرت من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أ مورا، فتنظر فيها لعلك تقبل مني بعضها. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: قل يا أبا الوليد أسمع، قال: يا ابن أخي، إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا: جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت إنما تريد شرفا: سودناك علينا، حتى لا نقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد به ملكا: ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا لا تستطيع رده عن نفسك، طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالناحتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه، حتى إذا فرغ عتبة، ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – يستمع إليه قال: أفرغت يا أبا الوليد .. ؟ قال: نعم، قال: فاسمع مني، قال: أفعل، قال الرسول – صلى الله عليه وسلم -: [بسم الله الرحمن الرحيم. حم. تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون] ثم مضى رسول الله –صلى الله عليه وسلم – يقرأ هذه السورة وعتبة ينصت إليه، وهو ملق يديه خلف ظهره، معتمدا عليهما، حتى انتهى الرسول إلى السجدة، ثم قال: (قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت، فأنت وذاك)، فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض: نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به، فلما جلس اليهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد .. ؟ قال: ورائي أني سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر، ولا بالسحر، ولا بالكهانة، يا معشر قريش: أطيعوني واجعلوها بي، وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه، فاعتزلوه، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير