تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"لقد كان قارون من قوم موسى، فآتاه اللّه مالا كثيرا، يصور كثرته بأنه كنوز - والكنز هو المخبوء المدخر منالمال الفائض عن الاستعمال والتداول - وبأن مفاتح هذه الكنوز تعبي المجموعة من أقوياء الرجال .. من أجل هذا بغى قارون على قومه. ولا يذكر فيم كان البغي، ليدعه مجهلا يشمل شتى الصور. فربما بغى عليهم بظلمهم وغصبهم أرضهم وأشياءهم - كما يصنع طغاة المال في كثير من الأحيان - وربما بغى عليهم بحرمانهم حقهم في ذلك المال. حق الفقراء في أموال الأغنياء، كي لا يكون دولة بين الأغنياء وحدهم ومن حولهم محاويج إلى شيء منه، فتفسد القلوب، وتفسد الحياة. وربما بغى عليهم بهذه وبغيرها من الأسباب ....

«وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ» .. الفساد بالبغي والظلم. والفساد بالمتاع المطلق من مراقبة اللّه ومراعاة الآخرة.

والفساد بملء صدور الناس بالحرج والحسد والبغضاء. والفساد بإنفاق المال في غير وجهه أو إمساكه عن وجهه على كل حال. «إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ» .. كما أنه لا يحب الفرحين. [5] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn5)

الشح والربا وقلة المواساة من الفساد فى الأرض

ومن الآيات التي توضح المفهوم الاقتصادي للفساد فى الأرض، قوله تعالى:

فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38) وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40) ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) [الروم]

وقد ذهب الكثير إلى ربط الفساد فى الآية المذكورة بالشرك لقرب ذكره، إلا أن التأمل فى نظام مجموعة الآيات يوحي بأن الفساد الذي ظهر فى البر والبحر له صلة قوية أيضا ببخس حقوق الناس وفشو التعامل بالربا.

فإن أبواب الفساد فى الأرض تفتح على مصراعيها حينما تكون الغاية الوحيدة لدى الإنسان هو الزيادة فى المال، فيفر عن مسؤولياته الاجتماعية خشية أن يحدث الإنفاق فيها نقصا فى أمواله، ويجعل الأولوية للإقراض الربوي لأن ذلك يضمن الزيادة فى أمواله زيادة مضاعفة من غير مخاطر، ومثل هذا الإنسان لايعرف قلبه الرحمة بالبشر، ولا يعني شيئا بهموم من حوله ولو كان من ذوي قرابته، إنما يصف لكل محتاج وصفة واحدة تتلخص فى الاقتراض الربوي.

وفى هذه الآيات كلمة جامعة للإمام الفراهي يقول فيها: "يشير إلى أن بناء الفساد هو الشرك. ومن الشرك ينشأ حب الدنيا، والشح، وقلة المواساة والتقوى، فيجمع أسباب الفساد" [6] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn6).

فى الشركة عمران وفى البغي على الشركاء فساد

لقد ذكر الفساد فى الأرض فى قصة داود عليه السلام، وهناك أيضا نجد أن له صلة بالفساد المالي، يقول تعالى: وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (25) يَا دَاوُودُ إِنَّا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير