و قال الحسن بن على الخلال، عن زيد بن الحباب: سمعت سفيان الثورى يقول: عند ابن لهيعة الأصول و عندنا الفروع.
قال: و سمعت سفيان يقول: حججت حججا لألقى ابن لهيعة.
و قال على بن عبد الرحمن بن المغيرة، عن محمد بن معاوية: سمعت عبد الرحمن بن
مهدى يقول: وددت أنى سمعت من ابن لهيعة خمس مئة حديث، و أنى غرمت مؤدى، كأنه
يعنى: دية.
و قال أبو الطاهر بن السرح: سمعت ابن وهب يقول: و سأله رجل عن حديث فحدثه به
فقال له الرجل: من حدثك بهذا يا أبا محمد؟ قال: حدثنى به ـ والله ـ الصادق البار عبد الله بن لهيعة.
قال أبو الطاهر: و ما سمعته يحلف بمثل هذا قط.
و فى رواية: أن السائل كان إسماعيل بن معبد أخا على بن معبد.
و قال حنبل بن إسحاق بن حنبل، عن أحمد بن حنبل: ابن لهيعة أجود قراءة لكتبه
من ابن وهب.
و قال النسائى، عن سليمان بن الأشعث ـ و هو أبو داود: سمعت أحمد يقول: من
كان بمصر يشبه ابن لهيعة فى ضبط الحديث و كثرته و إتقانه؟!.
قال: و سمعت أحمد يقول: ما كان محدث مصر إلا ابن لهيعة.
و قال البخارى، عن يحيى بن بكير: احترق منزله ابن لهيعة و كتبه فى سنة سبعين
و مئة.
و قال يحيى بن عثمان بن صالح السهمى: سألت أبى متى احترقت دار ابن لهيعة؟ فقال: فى سنة سبعين و مئة. قلت: و احترقت كتبه كما تزعم العامة؟ فقال:
معاذ الله ما كتبت كتاب عمارة بن غزية إلا من أصل كتاب ابن لهيعة بعد احتراق داره غير أن بعض ما كان يقرأ منه احترق. و بقيت أصوله بحالها.
و قال يعقوب بن سفيان: سمعت أبا جعفر أحمد بن صالح، و كان من أخيار الثبوتيين يثنى عليه. و قال لى: كنت أكتب حديث أبى الأسود ـ يعنى النضر بن عبد الجبار ـ
فى الرق فاستفهمته، فقال لى: كنت أكتبه عن المصريين و غيرهم ممن يخالجنى أمرهم، فإذا ثبت لى حولته فى الرق و كتبت حديث أبى الأسود و ما أحسن حديثه،
عن ابن لهيعة. قال: فقلت له: يقولون: سماع قديم و سماع حديث. فقال لى:
ليس من هذا شىء، ابن لهيعة صحيح الكتاب، كان أخرج كتبه فأملى على الناس حتى كتبوا حديثه إملاء، فمن ضبط كان حديثه حسنا صحيحا إلا أنه كان يحضر من يضبط
و يحسن، و يحضر قوم يكتبون و لا يضبطون و لا يصححون، و آخرون نظارة و آخرون
سمعوا مع آخرين، ثم لم يخرج ابن لهيعة بعد ذلك كتابا، و لم ير له كتاب،
و كان من أراد السماع منه ذهب فاستنسخ ممن كتب عنه و جاءه فقرأه عليه، فمن وقع
على نسخة صحيحة فحديثه صحيح و من كتب من نسخة لم تضبط جاء فيه خلل كثير ثم ذهب قوم، فكل من روى عنه، عن عطاء بن أبى رباح فإنه سمع من عطاء، و روى عن رجل، عن عطاء، و عن رجلين، عن عطاء، و عن ثلاثة، عن عطاء تركوا من بينه و بين عطاء و جعلوه عن عطاء.
قال يعقوب: و كنت كتبت عن ابن رمح كتابا عن ابن لهيعة و كان فيه نحو ما وصف أحمد بن صالح، فقال: هذا وقع على رجل ضبط إملاء ابن لهيعة. فقلت له: فى حديث ابن لهيعة؟ فقال: لم تعرف مذهبى فى الرجال إنى أذهب إلى أنه لا يترك حديث محدث حتى يجتمع أهل مصره على ترك حديثه.
و قال يعقوب بن سفيان فى موضع آخر: سمعت أحمد بن صالح يقول: كتب حديث ابن لهيعة عن أبى الأسود فى الرق، و قال: كنت أكتب عن أصحابنا فى القراطيس
و أستخير الله فيه. فكتبت حديث ابن لهيعة عن النضر فى الرق. قال يعقوب:
فذكرت له سماع القديم و سماع الحديث، فقال: كان ابن لهيعة طلابا للعلم، صحيح
الكتاب، و كان أملى عليهم حديثه من كاتبه، فربما يكتب عنه قوم يعقلون الحديث
، و آخرون لا يضبطون، و قوم حضروا فلم يكتبوا فكتبوا بعد سماعهم، فوقع علمه
على هذا إلى الناس، ثم لم يخرج كتبه، و كان يقرأ من كتب الناس، فوقع حديثه إلى الناس على هذا، فمن كتب بأخرة من كتاب صحيح قرأ عليه فى الصحة، و من قرأ من كتاب من كان لا يضبط و لا يصحح كتابه وقع عنده على فساد الأصل. قال:
و ظننت أن أبا الأسود كتب من كتاب صحيح، فحديثه صحيح يشبه حديث أهل العلم.
¥