[العقل عند الأصوليين - عرض ودراسة - د. علي بن سعد الضويحي]
ـ[وليد محمود]ــــــــ[31 - 07 - 09, 04:52 م]ـ
[العقل عند الأصوليين - عرض ودراسة - د. علي بن سعد الضويحي]
أستاذ أصول الفقه المشارك - بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالأحساء
فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
ملخص البحث
- يتكون البحث من: مقدمة، وأحد عشر مبحثاً، وخاتمة.
- أهم مستخلصات البحث ما يلي:
1 - العقل في اللغة يطلق على معان متعددة من أهمها:
الحِجْر، الجَمْع، الْحَبْس، التَثبت في الأمور، التميُّز، الفَهْم، المَسْك، الملْجَأ.
2 - أرجح تعريفات العقل في الاصطلاح أنه: نور في الصدر به يبصر القلب عند النظر في الحجج.
3 - أرجح الأقوال في محل العقل أنه القلب لدلالة ظواهر الآيات القرآنية الكريمة على ذلك، ومع كونه في القلب فإن نوره يفيض إلى الدماغ.
4 - للخلاف في محل العقل ثمرة عملية تظهر في بعض المسائل الفقهية.
5 - الراجح من قولي الأصوليين تفاوت العقول لدى الناس لدلالة الشرع على ذلك، ولما يُشاهَد من اختلافهم في المدارك.
6 - المعتزلة يُقرِّون بإدراك العقل لحُسْن الأشياء وقبحها، ويرتبون على ذلك الثواب والعقاب.
7 - الأشاعرة ينكرون استقلال العقل بإدراك حُسْن الأشياء وقبحها.
8 - الظاهرية يثبتون حجج العقول رغم إنكارهم القياس.
9 - الشيعة قد وافقوا المعتزلة في ترتيب الثواب والعقاب على مدركات العقل.
10 - العقل عند علماء السلف يحسِّن ويقبِّح، والثواب والعقاب عندهم شرعيان لا عقليان.
المقدمة:
الحمد لله الذي كرَّم الإنسان بالعقل، والصلاة والسلام على نبي الرحمة والعدل، وعلى آله وأصحابه أهل العلم والفضل، أما بعد:
فإنّ للعقل في الإسلام رتبةً سنيَّة ومكانة عليَّة، مَن تتبَّع نصوص الكتاب والسنّة وجد - ولله الحمد والمنَّة - برهان ذلك لائحاً ودليله واضحاً، فقد تجلَّى تكريم الإسلام لعقل الإنسان في صور عديدة، منها على سبيل التمثيل والبيان ما يلي:
1 - أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل العقل مناط التكليف، كما أشار إلى ذلك بقوله: (رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ الحنث (1) وعن المجنون حتى يفيق) (2).
2 - أن الحق تبارك وتعالى جعله وسيلة التدبر والتفكر لما في هذا الكون من بديع الخلق وإتقان الصُّنْع، وليس أدلَّ على ذلك من قوله سبحانه: (قل انظروا ماذا في السموات والأرض). (3) وقوله سبحانه: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت) (4).
3 - كما جعل الحق تبارك وتعالى العقل وسيلة التدبر لكتابه الكريم، فقال سبحانه: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً) (5).
وقال سبحانه: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) (6).
4 - وكثيراً ما يختم الحق تبارك وتعالى آيات ذِكْره الحكيم بقوله: (أفلا تعقلون) (7). ليبين سبحانه لعباده أنهم لو وظفوا عقولهم التوظيف الصحيح بالتفكر في حالهم ومآلهم لأرشدتهم عقولهم بتوفيق الله تبارك وتعالى إلى معرفة الحق وسلوك الطريق المستقيم.
5 - ولحماية العقل من الانحسار والجمود فقد نعى القرآن الكريم على أولئك المقَلّدين بلا هُدى تعطيل عقولهم تقديساً لما جرت عليه عادات الآباء والعشائر والأقوام، ومن ذلك قوله سبحانه: (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون) (8).
وقوله سبحانه: (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون) (9).
ولعظم مكانة العقل في الإسلام فقد رأيت أن أكتب بحثاً في " العقل عند الأصوليين " أستعرض فيه مواقفهم من بيان حقيقته حسب الاصطلاح المتعارف عليه عندهم، ثم موقفهم من تحديد مكانه، وهل هو على وتيرة واحدة أو أنه يختلف من إنسان لآخر نظراً لقوة إدراكه وضعفه؟ ثم موقفهم من كونه محلاً للاعتبار، وسِمَات ذلك عندهم، ثم هل القياس وحجة العقل متفقان أو مختلفان؟ وختام ذلك كله ببيان خلاصةٍ لدراسة مواقف الأصوليين من العقل.
أسباب اختيار الموضوع:
1. أهمية العقل، وعظم مكانته في الشريعة الإسلامية.
¥