تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مسائلُ في الإجماعِ السُّكُوتِي

ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[12 - 12 - 09, 01:57 م]ـ

مسائلُ في الإجماعِ السُّكُوتِي

المسألة الأولى: حقيقته:

الإجماع: هو اتفاق مجتهدي هذه الأمة في عصر على حكم شرعي. والسكوتيُّ منه أن يقول بعض المجتهدين (واحدًا كان أو أكثر) قولًا فيشتهر بين الباقين بلا نكير ولا موافقة قولية أو فعلية.

المسألة الثانية: تصوره:

للأصوليين رحمهم الله في تصوره مسلكان:

الأول: من جعل ذلك في كلِّ عصر من عصور المجتهدين: وهذا هو الذي صرح به الحنفية في كتبهم وأبو المعالي والشيخ أبو اسحاق الشيرازي في شرح اللمع والفخر الرازي في كتبه وسائر أصحابه وسيف الدين الآمدي وابن الحاجب في مختصريه وغيرهم والقرافي من المالكية وغيره من المتأخرين.

الثاني: مسلك من خص ذلك بعصر الصحابة رضي الله عنهم: قول أبي الحسين القطان في كتابه "أصول الفقه" وأبي نصر بن الصباغ في كتابه "العدة" وأبي المظفر بن السمعاني في كتابه "الحجة" والغزالي في "المستصفى" و"المنخول" وابن برهان وغيرهم. وقاله القاضي عبد الوهاب من المالكية واختاره القرطبي من متأخريهم والشيخ موفق الدين الحنبلي في "الروضة" وخصه بالمسائل التكليفية.

المسألة الثالثة: تفصيل المذاهب في حجيته وإجماعيته:

الأول: هو حجة وإجماع: قاله أحمد، والحنفية، وكثير من الشافعية، ومنهم من عزاه للشافعي. قلت (الأموي): وفي المناقب للخر الرازي عنه ما يوهم خلافه.

الثاني: هو حجة وإجماع بشرط انقراض العصر: قاله أبو علي الجبائي من المعتزلة.

الثالث: ليس بإجماع ولا حجة: قاله جمهور الشافعية، وبعض الحنفية، وداود الظاهري، وصاحب "البرهان"، وقال العلائي: هو ظاهر مذهب الشافعي. ونقله الغزالي في"المنخول" عن الجديد.

الرابع: هو حجة وليس بإجماع: قاله أبو بكر الصيرفي من الشافعية، وأبو هاشم بن الجبائي من المعتزلة. وإلى قريب من ذلك ذهب الآمدي.

الخامس: ليس بحجة ولا إجماع في الأحكام، وهو حجة وإجماع في الفتاوى: قاله ابن أبي هريرة.

السادس: عكس السابق: قاله أبو إسحاق الاسفرايني.

السابع: قول القاضي الماوردي وتفصيله: قاله ما حاصله أن ليس بحجة ولا إجماع ما لم يكن في عصر الصحابة، فإن كان في عصرهم فله صورتان:

الأولى: أن يكون فيما يفوت استدراكه كإراقة الدماء او استباحة الفروج، يكون عند ذلك إجماعًا لأنهم لو اعتقدوا خلافه لأنكروه إذ إنهم لا يتفقون على ترك إنكار منكر أو ترك أمر بمعروف.

الثانية: أن يكون فيما يفوت استدراكه، وعند ذلك يكون حجة لان الحق لا يخرج عنهم، وفي كونه إجماعًا وجهان لأصحابه الشافعية. وذلك سواء في الأحكام والفتاوى.

الثامن: يكون إجماعًا إذا كان فيما يدور ويتكرر: قاله أبو المعالي الجويني.

((تنبيه)): الأقوال جميعها لا تخالج المسلكين السابقين، إنما من اختار مسلكًا منهما قال فيه بحسبه. فمن تصور ذلك في عصر الصحابة فقوله في عصر الصحابة ولا علاقة به بمن بعدهم،،،وهكذا.

المسألة الخامسة: الترجيح

الذي يتبين لي من أقوال السادة الأصوليين أنهم لم يختلفوا في حجية الغجماع السكوتي ولا إجماعيته! إنما رأوا لتعينه شروطًا بينها شارح التحرير – وسنذكرها – فمن رآها متعينة فحسب في عصر الصحابة تصور الإجماع مختصًا به، ومن رآها متعينة فيه وبعده قال بالمسلك الثاني.

وهذه الشروط هي:

الأول: أن يعلم أنه بلغ جميع أهل العصر ولم ينكروا، وفي كون ذلك بغلبة الظن أو بالظن أو الشك كلام كثير يراجع. والأولى تقييد ذلك بغلبة الظن.

الثاني: أن يكون السكوت مجردًا من علامات الرضا والكراهة.

الثالث: مضي زمن يسع مهلة تلك المسألة عادة.

الرابع: ألا يتكرر ذلك مع طول الزمان، فإن أفتى واحد بخلاف الثابت قطعًا لا يكون سكوتهم دليلًا على الموافقة.

وقال غيره: إن فتوى المفتي إنما تعلم بقوله الصريح الذي لا يتطرق إليه احتمال او تردد.

فلا يتحقق ذلك الإجماع إلا بسكوت فيه دلالة على الرضا. ومعرفة ذلك متعذرة.

قلت: والمسألة سجال، فلا يخفى أن حكم المجتهد في مسألة مع معاينة كافة المجتهدين لها وسكوتهم على حكمه أو فتواه زمنًا طويلًا وتردد حكمه أو فتواه مع تردد الحادثة أو المسألة مع اطراد سكوتهم لا شك أن هذا إجماع معتبر والله أعلم.

====المراجع=====

(1) إجمال الإصابة في أقوال الصحابة: للحافظ العلائي.

(2) شرح التحرير.

(3) أصول الفقه لمحمد الخضري.

(4) البحر المحيط للزركشي.

(5) مناقب الشافعي للفخر الرازي.

(6) الإحكام للآمدي.

والمسألة طويلة الذيل، وما كتبناه للتذكير بها للحكم فيها، والله أعلم وصلى الله على نبينا ومولانا محمد وسلم تسليمًا كثيرًا.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير