[مسالك علماء المذهب في تحقيق المذهب " مراعاة مسالك في التصنيف والتأليف "]
ـ[أبوعبد الله عادل المغربي]ــــــــ[16 - 01 - 10, 04:04 ص]ـ
مسالك علماء المذهب في تحقيق المذهب
المذهب المالكي أنموذجا
" مراعاة مسالك في التصنيف والتأليف "
الشيخ أبو أويس مولاي رشيد الإدريسي
المتبصر الناقل لحكم شرعي من المذهب المالكي مثلا أو المفتي فيه، لا بد له من الانطلاق في نظرته الفقهية من دواوين الفقه في هذا المذهب 1.
وعليه فمن المهمات في هذا الباب الإطلاع على المصنفات الفقهية للمذهب المالكي، فهذا الأخير غني بمؤلفات الفقه المتنوعة ومع تنوعها فهي على نوعين: كتب متقدمة كالنوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني رحمه الله، وكتب متأخرة كمختصر خليل رحمه الله.
والنظر العلمي في الدواوين المتقدمة يعين على فهم كتب المتأخرين في المذهب الذين لخصوا واختصروا 2 بدورهم كتب من سبقهم على حد قول من قال:"رد الكثير إلى القليل، وتضمين القليل معنى الكثير"3.
ومن هذه المصنفات إضافة إلى ما ذكر قريبا: الموطأ للإمام مالك رحمه الله 4، والمدونة الكبرى، والمستخرجة وهي العتبية نسبة لأبي عبد الله محمد بن أحمد العتبي رحمه الله، والتفريع لابن الجلاب رحمه الله، والكافي في فقه أهل المدينة لابن عبد البر رحمه الله، والمقدمات الممهدات لابن رشد الجد رحمه الله، والبيان والتحصيل لابن رشد الجد كذلك رحمه الله، ومتن الرسالة للقيرواني رحمه الله، والفتاوي لابن رشد رحمه الله، وفتاوي الشيخ عليش رحمه الله، والقوانين الفقهية لابن جزي رحمه الله، والدخيرة للقرافي رحمه الله، والتبصرة لابن فرحون رحمه الله، وتحفة الحكام لابن عاصم رحمه الله، ولامية الزقاق للتجيبي رحمه الله، والمرشد المعين لابن عاشر رحمه الله في آخرين من المؤلفات، فما ذكر ما هو إلا غيض من فيض 5.
إلا أن النظر في المصنفات عموما ومؤلفات المالكية خصوصا تحتاج إلى مراعاة جملة من المسالك للوصول إلى تحرير الأقوال وتحقيقها، وهي طرائق مطروقة عند العلماء ومنهم السادة المالكية ومن ذلك:
المسلك الأول: الأخذ بلازم الأقوال والمذاهب مطلقا مطرح.
قال الشاطبي المالكي رحمه الله: "ولازم المذهب هل هو مذهب أو لا؟
هي مسألة مختلف فيها بين أهل الأصول. والذي كان يقول به شيوخنا البجائيون والمغربيون ويرون أنه رأي المحققين أيضا: أن لازم المذهب ليس بمذهب" الاعتصام 2/ 64.
وقال القرافي المالكي رحمه الله:" ولازم المذهب ليس بمذهب إذا لم يكن اللزوم بينا " البروق في أنواع الفروق 2/ 52.
المسلك الثاني: لابد من التفرقة بين الحكم والفتيا وبين التصنيف وكتب الفتاوي، فإذا أنت أردت عزو قولة إلى إمام في كتب الفتاوي له فهذا لا يعول عليه أصالة، وإنما التعويل على ما في المصنفات إلا إذا اتفقا وأما إذا اختلفا: افترقنا في الحكم على ما سبق إذ الأصل المصنفات لا كتب الفتاوي6. ذلك أن العناية بكتب التصانيف وتقرير الأحكام فيها أتم ولذلك يقرر الكردي رحمه الله ذلك فيقول:" في كلام الأئمة إشارة إلى أنه إذا اختلف كلام إمام في الفتاوي والتصانيف: قدم الثاني_أي الذي في التصانيف _ لأن الاعتناء في تحريرها أتم" الفوائد المدنية 23.
وهذا هو المعتمد عند عامة الفقهاء في عزو الألفاظ والنقول وتحرير المذاهب ولذلك يقول ابن ياسين رحمه الله:" وإذا وجدنا في المسألة كلاما في الفتوى فالعمدة ما في المصنف" الحجج البالغة ص: 6.
المسلك الثالث: أن يفرق بين وجود المسألة في بابها وفي غير بابها وفي مظانها وغير مظانها.
فإذا وجدت كلاما في الباب وكلاما في غير الباب: فالعمدة ما في الباب، وإذا وجدت كلاما في المظنة وفي غير المظنة استطردا 7 فالعمدة ما في المظنة.
وقولنا في غير المظنة المراد به: مجيئها في غير محلها_ أي عرضا واستطرادا_ وهو ما يسمى بالمسائل الاستطرادية.
وعليه: فإن هناك فرقا بينهما، أي: ما في الباب والمظنة، يقول الإمام النووي _ رحمه الله_ في مقدمة المجموع 1/ 69:" فالذي ذكره في بابه أقوى: لأنه أتى به مقصودا وقرره في موضوعه بعد فكر طويل بخلاف ما ذكره في غير بابه استطرادا فلا يعتني به اعتناءه بالأول".
وعليه: فالمسألة المحكوم عليها_ التي تريد أن تعزوها إلى إمام أو مذهب_ راجعة إلى ثلاثة مواضع:
¥