ولو سلمنا بالقول الأخير فغايته أن يكون ذلك لغة جائزة في الجملة وليست بالفصيحة.
وأما الحديث المذكور فلا شك أنه من تغيير النساخ، ولا أقول من تغيير الرواة، بل من تغيير النساخ؛ لأن الحديث معروف من رواية ابن سيرين بلفظ (بلى)، ومعروف من رواية (قرة) عنه بلفظ (بلى)، ومعروف من رواية (يحيى بن سعيد) عن قرة بلفظ (بلى)، وهذه الألفاظ موجودة في الصحيحين وغيرهما.
بل إن الروايات الأخرى للحديث في المسند نفسه من غير طريق (يحيى بن سعيد) كلها بلفظ (بلى).
ومعلوم أن الإمام أحمد لم يكن يحدث إلا من كتاب، فمن المستبعد جدا أن يكون هذا التغيير من الإمام أحمد نفسه، وكذلك من المستبعد أن يكون من ابنه عبد الله؛ لأنه كان يروي من كتاب أبيه.
فالذي يترجح لي - والله أعلم - أن هذا الخطأ وقع من النساخ الذين نسخوا المسند، وليس من الرواة المتقدمين.
والشراح - رحمهم الله تعالى - لهم في مثل هذا الموطن مسالك:
= فبعضهم يذهب لتصويب الرواة والنساخ مطلقا، ويبحث عن مسوغ لكل لفظة مهما كان ما خالفها من الروايات بعيدا، إحسانا للظن بهم، وهذه طريقة إمام النحو جمال الدين ابن مالك وتلميذه الإمام النووي ومن تبعهم كالقاري.
= وبعضهم يذهب لتخطئة الرواة مطلقا في كل ما خالف المشهور من العربية حتى لو اتفق الرواة على هذه اللفظة، وهذه طريقة أبي البركات الأنباري والعكبري وابن الجوزي والسيوطي.
= وبعضهم يتوسط فينظر في اختلاف الرواة فحيث اتفقوا حكم بصحة اللفظة؛ لأن طرق إثبات اللغة ليست بأقوى من هذه الأسانيد الصحيحة، وحيث اختلف الرواة حكم بأن هذا من تصرف الرواة، وهذه طريقة الحافظ ابن حجر وغيره.
وهذه الطريقة الأخيرة هي الطريقة المرضية التي لا يسوغ غيرها في نظري.
والبحث من فروع المسألة الطويلة الذيل، وهي الاحتجاج بالحديث النبوي في اللغة والنحو، وقد ناقشها من قبلُ شيخنا (الفهم الصحيح) في موضوع مفرد هنا في الملتقى، وأفردها بالتصنيف جماعة منهم خديجة الحديثي، ومحمود فجال وغيرهم.
ـ[أبو أنس السندي]ــــــــ[02 - 08 - 07, 04:46 ص]ـ
ما شاء الله بارك الله لكم وبارك عليكم ونفع بكم
وجزاكم الله خيرا
ـ[ماهر]ــــــــ[02 - 08 - 07, 07:03 ص]ـ
الأستاذ أبا مالك العوضي - وفقه الله -
لا نملك لك على ما تقوم به من نشر العلم إلا الدعاء لك بالعافية والعمر المديد والعطاء الدائم في الخير، وأن يكمل الله لكم طريق الوصول إلى مرضاته، وأن يجزل لك المثوبة.
وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل ما تقوم به في ميزان الحسنات يوم تعز الحسنات وتكثر الزفرات يوم الحسرات.
محبكم الداعي لكم بظهر الغيب
ماهر
ـ[ابن وهب]ــــــــ[02 - 08 - 07, 07:08 ص]ـ
شيخنا العوضي
بارك الله فيكم ونفع بكم
في جمهرة الأمثال
(أخبرنا أبو أحمد، عن أبى بكر بن دريد، عن أبى حاتم، عن محمد بن موسى، عن محمد بن زياد، قال: سمعت الأحنف بن قيس يقول: أتيت المدينة، فبينا أنا بها إذ رأيت الناس يسرعون إلى رجل، فمررت معهم، فإذا أبو ذرٍ، فجلست إليه، فقال لي: من أنت؟ قلت: الأحنف، قال: أحنف العراق؟ قلت: نعم، قال لي: يا أحنف، الوحدة خيرٌ من جليس السوء، أليس كذلك؟ قلت: نعم، قال: والجليس الصالح خيرٌ من الوحدة، أكذاك؟ قلت: نعم، قال: وتكلمٌ بخيرٍ خيرٌ من أن تسكت، أكذلك؟ قلت: نعم، قال: والسكوت عن الشر خيرٌ من التكلم به، أكذلك؟ قلت: نعم، قال: خذ هذا العطاء ما لم يكن ثمناً لدينك، فإذا كان ثمناً لدينك، فإياك وإياه! وقال الشاعر:
وحدة العاقل خيرٌ ... من جليس السوء عنده
وجليس الصدق خيرٌ ... من جلوس المرء وحده
وقيل: جليس السوء كالقين الأصحر، إلا يحرقك بشرره يؤذك بدخانه.
وابأبى وجوه اليتامى
يضرب مثلاً للرجل يتحنن على أقاربه. والمثل لسعد بن القرقرة، رجلٌ من أهل هجر، رضيعٌ للنعمان بن المنذر، وكان النعمان يضحك منه، فدعا يوماً بفرسه اليحموم، وقال له: اركبه، واطلب عليه الوحش، فقال سعدٌ: إذن
)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[02 - 08 - 07, 07:16 ص]ـ
وفي مغني اللبيب
(بلى
حرف جواب أصلي الألف وقال جماعة الأصل بل والألف زائدة وبعض هؤلاء يقول إنها للتأنيث بدليل إمالتها وتختص بالنفي وتفيد إبطاله سواء كان مجردا نحو (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي) أم مقرونا بالاستفهام حقيقيا كان نحو أليس زيد بقائم فتقول بلى أو توبيخيا نحو (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى) (أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى) أو تقريريا نحو (ألم يأتكم نذير قالوا بلى) (ألست بربكم قالوا بلى) أجروا النفي مع التقرير مجرى النفي المجرد في رده ب بلى ولذلك
قال ابن عباس وغيره لو قالوا نعم لكفروا ووجهه أن نعم تصديق للمخبر بنفي أو إيجاب ولذلك قال جماعة من الفقهاء لو قال أليس لي عليك ألف فقال بلى لزمته ولو قال نعم لم تلزمه وقال آخرون تلزمه فيهما وجروا في ذلك على مقتضى العرف لا اللغة ونازع السهيلي وغيره في المحكي عن ابن عباس وغيره في الآية مستمسكين بأن الاستفهام التقريري خبر موجب ولذلك امتنع سيبويه من جعل أم متصلة في قوله تعالى (أفلا تبصرون أم أنا خير) لأنها لا تقع بعد الإيجاب وإذا ثبت أنه إيجاب فنعم بعد الإيجاب تصديق له انتهى
ويشكل عليهم أن بلى لايجاب بها الإيجاب وذلك متفق عليه ولكن وقع في كتب الحديث ما يقتضي أنها يجاب بها الاستفهام المجرد ففي صحيح البخاري في كتاب الإيمان أنه عليه الصلاة والسلام قال لأصحابه أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة قالوا بلى وفي صحيح مسلم في كتاب الهبة أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء قال بلى قال فلا إذن وفيه أيضا أنه قال أنت الذي لقيتني بمكة فقال له المجيب بلى وليس لهؤلاء أن يحتجوا بذلك لأنه قليل فلا يتخرج عليه التنزيل
واعلم أن تسمية الاستفهام في الآية تقريرا عبارة جماعة ومرادهم أنه تقرير
ما بعد النفي كما مر في صدر الكتاب وفي الموضع بحث أوسع من هذا في باب النون)
من المعلمة الالترونية
¥