تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المدخل إلى علم العروض (1) ثمرات علم العروض]

ـ[عادل باناعمة]ــــــــ[05 - 08 - 07, 08:54 ص]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وبعد

فطالما أدركتني الرغبةُ في الكتابة في هذا المنتدى العامرِ، لما وجدتُ فيه من مثاقفة أهل العلم، ومذاكرةِ طلابه، ولما تمتلئ به جنباتُهُ من نفيس الأقوال، وجليل المسائل .. وكانت تحول دون تحقيق رغبتي هذه الحوائل والعوائقُ.

وقد عزمتُ أن أبتدرَ الكتابةَ مستسمحاً إخواني من العلماء وطلبةِ العلم، راجياً أن يتقبلوا ما أخطه بقبولٍ حسنٍ، وآملاً أن يلقى منهم تقويماً وتهذيباً وعنايةً.

وقد حملني على البدء بهذه المقالات أني وجدت أخي محمد حمدان قد طرح سؤالاً عن الطريق الأمثل لدرس العروض

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=108049

وما رأيتُ في التعليقاتِ إجابةً شافيةً، وكنتُ قد درّستُ هذا العلم في جامعة أم القرى، ووجدتُ أن من مشكلاتِهِ الرئيسةِ غفلةَ الطلبةِ عن (فلسفةِ) هذا العلم، وآلية وضعِهِ، فأحببت أن أضع مقدمةً لهذا العلم لا أتعرض فيها لشيء من البحور ولا الأوزانِ وإنما أحرّر فيها جملة مسائل أعتقدُ أن دارس العروض لا يحسن به أن يقتحم غماره حتى يستوعبها ويتفهّمها.

ولعل من يصبرُ نفسه على قراءة هذه المقالات يرجعُ إن شاء الله بغنمٍ وافرٍ، وبذخيرةٍ قد لا يجدُها مسطورة على هذا النحو في غير هذا المقام.

أقول هذا ترغيباً في القراءة ليعظم أجري، لا افتخاراً ولا ادّعاءً .. وأنّى! وأنا من أنا في تقصيره وقلة حيلته.

المقدمة الأولى: ثمرات علم العروض

وقد بدأت بها لأن فريقاً من طلبةِ العلم لا يستشعر فضيلة هذا العلم ولا قيمته، ويظن أن غاية ما فيه تمييز الموزون من المكسور، وهذا على شرفهِ ثمرة واحدةٌ من ثمار العروض، ثم أنت لا تعدم فاضلاً من طلبة العلم يحتجّ بتقصير بعض الأئمة في العروضِ فيجعله أصلاً، وحجةً له في ترك تعلمِهِ، وعسى أن يكون في هذه المقدمة ما يقيمُ لهذه القضية ميزانها.

فلنستعرض معاً طائفة من ثمرات هذا العلم ..

1ـ معرفة الأوزان الصحيحة من الفاسدة "

وإنما وضع الخليل العروض لئلا يخرج خارج عن الوزن كما حظر بالنحو كلام العرب لئلا يحول الناس إلى اللحن " [كتاب صنعة الشعر، المنسوب لأبي سعيد السيرافي: 41].

2ـ معرفة ما يجوز مما لا يقبله الطبع السليم وعكسه

فالأول: كالضرب الثالث من الطويل إذا لم يُقبض ما قبله، كقوله:

أقيموا بني النّعمان عنّا صدوركم ... وإلا تقيموا صاغرين الرؤوسا

[الكافي في العروض والقوافي، للخطيب التبريزي: 24]

والثاني: كقول البهاء زهير:

يا من لعبت به شمولٌ ... ما ألطف هذه الشمايلْ

نشوان يهزه دلالٌ ... كالغصن مع النسيم مايلْ

[انظر: نهاية الراغب في شرح عروض الحاجب، لجمال الدين الأسنوي: 78].

فهذه أبيات قد لا تنبو عن الذّوق ولكنها لا تستقيم على وجه من وجوه العروض.

3ـ الأمن من تداخل البحور

و" قد وقع فيه جماعة من العرب كمرقش ومهلهل وعلقمة بن عبدة وعبيد بن الأبرص وغيرهم " [البارع: 83].

وقد ذهَبَ الغذّاميُّ إلى أنّ عبيد أخذ في قصيدته بفكرة مزْجِ البحور، وأنّه قد اجتمع في قصيدته هذه سبعة أبحر! [انظر: الصوت القديم الجديد: 81 – 85]، وأنّ قصيدةَ الأسود بن يعفر (إنّا ذممنا على ما خيّلت ... سعد بن زيد وعمرو من تميمْ) جاءت على أربعة أوزان! [انظر: الصوت القديم الجديد: 86 – 87].

4ـ ضبط الشطرين وعدم انزياح بعض أحدهما إلى الآخر

ومثاله ما في كتاب أهدى سبيل [ص: 11]:

والرزق عن قَدَرٍ لا العجز ... ينقصه ولا يزيدك فيه حول محتالِ

وحق (ينقصه) أن تكون في الشطر الأول.

5ـ سلامة النطق بالشعر وصيانته عن التحريف

وإليك هذه الأمثلة العديدة:

" وخبرت عن شيخ من مشايخ أهل العلم والرواية وكانت له حلقة في المسجد الجامع بالرصافة أنه أنشد لامرئ القيس:

ألا إنني باك على جبل باك ... يقود بنا باكٍ ويتبعنا باكٍ ويحدو بنا باكٍ

يجعل الطويل على عشرة أجزاء، وهذا ما قاله عربيّ ولا أنشده أعجميّ، فأي مهجنة أقبح على الإنسان من هذه المهجنة؟ وبكم الخرس أحسن من النطق بمثل هذا! " [كتاب صنعة الشعر، المنسوب لأبي سعيد السيرافي: 32].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير