[عندما تقترض اللغة العربية ما كانت تملك!!]
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[18 - 08 - 07, 04:12 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي العربي الأمين.
وبعد:
فإن الاقتراض اللغوي عملية ضرورية أوجبتها ظروف تعارف الشعوب والأمم .. ولا تكاد تخلو لغة من اللغات من كلمات وتعابير مستعارة من اللغات المجاورة مثلما لا تكاد تخلو أسواق الناس من بضاعات غير محلية. وحجم "الاستيراد "و"التصدير" في اللغة يتناسب مع حظ أهل اللغة من الحضارة والرقي ولا نبعد إذا قلنا بتطابق الميزان التجاري واللغوي: فالأمة الأكثر استيرادا للمنتوجات هي أيضا الأكثر استيرادا للألفاظ ... ولعل لغتنا العربية الشريفة تمثل الحالتين معا خير تمثيل:
في زمن رقي أهلها دخلت الألفاظ العربية في جل لغات الدنيا، وفي زمن الانحسار جاءتها ألفاظ الأعاجم من كل جهة!
كل هذا معروف، لكننا نريد هنا أن نشير إلى أمر لا يخلو من طرافة: أن تقترض اللغة العربية كلمة هي في الأصل مالكتها ومنها أخذت.ومثاله الاقتصادي - على نهجنا في تماثل اللغة والاقتصاد-أن تشتري قميصا وتلبسه مزهوا ببطاقته " صنع في أروباستان "بينما هو في الحقيقة مصنوع في الشارع الخلفي من حارتك! ولعل من يعلم ذلك جيدا يجيب على زهوك بابتسامة رثاء وإشفاق!!
قال حافظ النيل على لسان أمه العربية:
ولدت فلما لم أجد لعرائسي ... رجالاً وأكفاءً وأدت بناتي.
ولو قال" اقترضت بناتي"لما أبعد النجعة!
وقبل أن أشير باختصار إلى بعض صور هذا "الاقتراض المقروض"استفتح بهذا المثال النادر:
يعلم كثير من الناس أن أهل صناعة العلوم-الرياضيات خصوصا-يستعملون الحرف x للدلالة على المجهول أو القيمة غير المحددة ولو قلنا إن هذا الرمز أصله عربي لجوبهنا بالاستنكار،وهو استنكار مستساغ بلا ريب لأن بادي الرأي يقول كيف يستعار هذا الحرف وهو غير موجود في اللغة العربية -و ما كان في يوم من الأيام معدودا من حروفها-.!
لكن لو سردنا القصة من "المبتدأ" لعرفنا حقيقة "الخبر".
-سمى علماؤ الرياضيات المسلمون ما يجهل قيمته "شيئا" فيقولون مثلا خمسة زائد شيء تساوي ثمانية 5+ x=8 اختصروا كلمة" شيء" بسبب كثرت جريانها على ألسنتهم-والقلم لسان- إلى "ش".
-ترجم القشتاليون –الاسبان-كتب الرياضيات الإسلامية وبما أن المقابل الصواتي لحرف"ش" هو " x " فقد أدخلوه من ثم رمزا للمجهول ..
-حاول بعض العرب تعريب الرياضيات في المدارس والجامعات فرأوا أن " x " – ولفظها الفرنسي إيكس-قريبة صوتيا من "س"العربية. فرمزوا إلى المجهول بها،وما المجهول إلا"الشيء"العربي القديم.
وهكذا انتهت قصة الشين التي استوردناها سينا.
ومن صور هذه الظاهرة:
-أن يستورد العجم لفظة عربية فنستوردها منهم مع التعريب الصوتي الضروري غافلين عن أصلها الفصيح.
ومثاله كلمة" ترسانة"والتي تعني مجموع الأسلحة .. فهي مأخوذة من اللفظ الأعجمي arsenal وهذه اللفظة نفسها مستعارة من المركب العربي: دار الصناعة.
وقريبا منه كلمة jupe الفرنسية التي تنطق "جوبا "مع أن الفرنسية نفسها قد أخذت قديما اللفظة العربية "جبة".
ومثال آخرقريب:
شجر" البوباب"معرب ل baobab.. المأخوذة من العربية أصلا من (أبو حِباب)
-أن يستورد العجم لفظة عربية فنسترجعها منهم عالمين بأصلها العربي إجمالا لكن عند التفصيل يفترض أصلا عربيا وهميا.
ومثاله كلمة الكحول .. فالمستعمل واع بأن alcohol أصلها عربي ويعتقد استنادا إلى ترتيب الحروف في اللفظة الأعجمية أن الأصل العربي هو الكحول -المشتقة من الكحل-
وهذا وهم، إنما أصلها" الغول"وهو المادة المسكرة كما في قوله تعالى "لا فيها غول" .. فلا مناسبة ظاهرة بين اسم الكحل- مادة ولونا-مع المسمى وهي المادة المشتعلة المخدرة.
-أن يستورد العجم من لغتنا لفظة ف"يصنعونها"ثم نستوردها منهم "مصنعة" مع وجود "المادة الخام" في لغتنا-مثل ما يحدث في عالم الصناعة والتجارة تماما-
مثاله كلمة" الكافيين" وهي المادة المنبهة في القهوة ... وهذا اصطلاح كيمياوي أعجمي اشتقوه من كلمة cafe وهذا المصدر نفسه مأخوذ من كلمة قهوة العربية.
ومثال آخر:
نستعمل اليوم بكثرة-بسبب شيوع علم المعلوميات- كلمة شفرة ومشتقاتها:كتشفير وفك الشفرة ومشفر إلخ ... وهذه الكلمة مأخوذة من الفرنسية chiffre التي اشتق منها الفرنسيون chiffrage ،chiffrement، chiffrer ، déchiffrer...
لكن chiffre نفسها مأخوذة من كلمة "صفر" العربية ... !!
هل يجب استحداث باب في النحو نسميه "الدخيل من الأصيل"!!!
اترك الجواب للإخوة، كما أترك لهم فرصة إغناء هذا الباب بما يرونه من شواهد.
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[20 - 08 - 07, 03:53 م]ـ
موضوع طريف جدا ـ من الطرافة التي هي ضد التلادة!!
جزاك الله خيرا وأحسن إليك.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[20 - 08 - 07, 04:14 م]ـ
من أغرب الأمثلة كلمة (مروة)
استعارها الأتراك منا فنطقوها (مرفت)، على عادتهم في الحروف العربية
ثم استوردناها منهم بصيغتها التركية!
¥