ـ[ابن وهب]ــــــــ[02 - 08 - 07, 07:38 ص]ـ
(وقال سيبويه في باب النعت في مناظرة جرت بينه وبين بعض النحويين فيقال له ألست تقول كذا وكذا فإنه لا يجد بدا من أن يقول نعم فيقال له أفلست تفعل كذا فإنه قائل نعم فزعم ابن الطراوة أن ذلك لحن
وقال جماعة من المتقدمين والمتأخرين منهم الشلوبين إذا كان قبل النفي استفهام فإن كان على حقيقته فجوابه كجواب النفي المجرد وإن كان مرادا به التقرير فالأكثر أن يجاب بما يجاب به النفي رعيا للفظه ويجوز عند أمن اللبس أن يجاب بما يجاب به الإيجاب رعيا لمعناه ألا ترى أنه لا يجوز بعده دخول أحد ولا الاستثناء المفرغ لا يقال أليس أحد في الدار ولا أليس في الدار إلا زيد وعلى ذلك قول الأنصار رضي الله تعالى عنهم للنبي وقد قال لهم ألستم ترون لهم ذلك نعم وقول جحدر
647 - (أليس الليل يجمع أم عمرو ... وإيانا فذاك بنا تدان)
(نعم وأرى الهلال كما تراه ... ويعلوها النهار كما علاني)
وعلى ذلك جرى كلام سيبويه والمخطئ مخطئ
وقال ابن عصفور أجرت العرب التقرير في الجواب مجرى االنفي المحض وإن كان إيجابا في المعنى فإذا قيل ألم أعطك درهما قيل في تصديقه نعم وفي
تكذيبه بلى وذلك لأن المقرر قد يوافقك فيما تدعيه وقد يخالفك فإذا قال نعم لم يعلم هل أراد نعم لم تعطني على اللفظ أو نعم أعطيتني على المعنى فلذلك أجابوه على اللفظ ولم يلتفتوا إلى معنى وأما نعم في بيت جحدر فجواب لغير مذكور وهو ما قدره في اعتقاده من أن الليل يجمعه وأم عمرو وجاز ذلك لأمن اللبس لعلمه أن كل أحد يعلم أن الليل يجمعه وأم عمرو أو هو جواب لقوله وأرى الهلال البيت وقدمه عليه قلت أو لقوله فذاك بنا تدان وهو أحسن وأما قول الأنصار فجاز لزوال اللبس لأنه قد علم أنهم يريدون نعم نعرف لهم ذلك وعلى هذا يحمل استعمال سيبويه لها بعد التقرير اه
ويتحرر على هذا أنه لو أجيب (ألست بربكم) ب نعم لم يكف في الإقرار لأن الله سبحانه وتعالى أوجب في الإقرار بما يتعلق بالربوبية العبارة التي لا تحتمل غير المعنى المراد من المقر ولهذا لا يدخل في الإسلام بقوله لا إله إلا الله برفع إله لاحتماله لنفي الوحدة فقط ولعل ابن عباس رضي الله عنهما أنما قال إنهم لو قالوا نعم لم يكن إقرارا كافيا وجوز الشلوبين أن يكون مراده أنهم لو قالوا نعم جوابا للملفوظ به على ما هو الأفصح لكان كفرا إذ الأصل تطابق الجواب والسؤال لفظا وفيه نظر لأن التفكير لا يكون بالاحتمال)
ـ[ماهر]ــــــــ[10 - 08 - 07, 07:57 ص]ـ
الشيخ الجليل (المقنع) ابن وهب
جزاكم الله خيراً
ـ[سامي الفقيه الزهراني]ــــــــ[20 - 11 - 07, 09:28 م]ـ
أعجبني نص لأبي حيان في هذه المسألة أحببت نقله إليكم للفائدة ..
قال أبو حيان في تذكرته بعد أن نقل كلام سيبويه في: (باب ما يجري عليه صفة ما كان من سببه).
وهو قوله: (وإن زعم زاعم أنه يقول: مررت برجل مخالط بدنه داء، ففرق بينه، وبين المنون.
قيل له: ألست قد علمت أن الصفة إذا كانت للأول فالتنوين وغير التنوين سواء، إذا أردت بإسقاط التنوين معنى التنوين، نحو قولك: مررت برجل ملازم أباك، ومررت برجل ملازم أبيك أو ملازمك، فإنه لا يجد بدّاً من أن يقول: نعم، وإلاّخالف جميع العرب والنحويين).أ. هـ
قال أبو حيان:
(قدلحّن ابن الطّراوة سيبويه في استعماله نعم في هذين الموضعين، وقال: إنّما هو موضع بلى لا موضع نعم.
وهو كما قال في أكثر ما يوجد من كلام النحاة، وهو لا شكّ أكثر في الاستعمال، وعلى ذلك جاء ما يروون عن
ابن عبّاس، من قوله في قول الله تعالى: " ألست بربّكم " إنهم لو قالوا: نعم، لكفروا. ولكن قد يوجد مع ذلك خلافه.
قال الشاعر:
أليس الليل يجمع أم عمروٍ ... وإيانا فذاك بنا تداني
نعم وترى الهلال كما أراه ... ويعلوها النهاركما علاني
ويفتقر كلام ابن عباس مع وجود قول هذا القائل إلى فضل نظر، وهو أن يقول: نعم في قول الشاعر ليس بجواب، لأن الجواب بنعم إذا جاء بعد الاستفهام إنما يكون تصديقاً لما بعد ألف الاستفهام.
ولم يرد الشاعر أن يصدّق أنه لا يجمعه الليل مع أمّ عمرو، فلذلك يكون بنو آدمٍ إذا قالوا في جواب: ألست بربّكم: نعم، كفّاراً، لأن الجواب بنعم يكون تصديقاً لما بعد ألف الاستفهام من النفي، وهو الأكثر في الاستعمال، ولكنه لا يمتنع مع ذلك أن يقولوا: نعم، لا على الجواب، ولكن على التصديق، لأن الاستفهام في ألست بربّكم تقرير، والتقرير خبر موجب.
فإذا كان التقرير خبراً معناه الإيجاب، جاز أن يأتي نعم، كما يأتي بعد الخبر الموجب للتصديق. وإذا كان الأمر كذلك لم يكن في إجازة نعم في الآية، وفي الشعر مخالفة لابن عباس فيما قاله، لأنهما لم يتواردا على معنًى واحد، فإن الذي منعه، إنما منعه على أنّ نعم جواب، وإذا كان جواباً إنما يكون تصديقاً لما بعد ألف الاستفهام، والذي أجازه إنما أجازه على أن تكون نعم غير جواب.
وإتما نعم فيه على وجه التصديق، كما في قولك: نعم، لمن قال: قام زيد).
انتهى كلام أبي حيان.
¥