تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" وخبرني بعض من أثق به أنه رأى بخط شيخ من أهل العلم ممن قد لزم المجالس وكتب بيده شيئا كثيرا بيت امرئ القيس:

فقال: حَلَفْتُ لها بالله حلفةَ فاجرٍ ... لناموا فما إن من حديث ولا صالِ

فجعل (فقال) من البيت! وأحسب أنّ الكلام كان قبل البيت .. وهذا قبيح جداً " [كتاب صنعة الشعر، المنسوب لأبي سعيد السيرافي: 35].

" وخبرني بعض من أثق به أن رجلا من أهل العلم أنشد:

أيها المرء لا تقولنّ شيئا ... لست تدري ماذا يُعْييك منه

وهذا مكسور لا يخرج، وإنما هو: ماذا يعيبك منه، من العيب " [كتاب صنعة الشعر، المنسوب لأبي سعيد السيرافي: 36].

" وخبرني من أثق به أنه كان في مجلس إملاء، فمرّ به هذا البيت:

أمن أم طلحة طيف ألمْ ... ونحن بالاجزاع من ذي سلَمْ

وبعده:

وفيها عصيت الألى فنّدوا ... وكلُّ نصيحٍ بها متهمْ

قال: فرأيت بعض من كان في المجلس قد كتب: (وفيها) منفردا عن الشعر، وجعل أول البيت (عصيت الألى فندوا)! ولو كان هذا الرجل في شيء من العروض لم يذهب عليه هذا المقدار " [كتاب صنعة الشعر، المنسوب لأبي سعيد السيرافي: 37].

6ـ ضبط الألفاظ

فربما احتمل اللفظ غير ما نطق، فكان العروض هو المحدد للنطق الصحيح، والضبط الصواب الذي ينبغي أن يصار إليه.

قال السيرافيّ: " ولا أحصي من الأبيات ما وجدته غُفلاً غير مضبوط ولا مشكول ولم يكن لي فيه سماع، فاستخرجته في العروض " [كتاب صنعة الشعر، المنسوب لأبي سعيد السيرافي: 35].

" ألا ترى أنك لو رأيت بيتاً من الشعر وفيه كلمة من العربيّة لا تعرفها نحو (جَحْمَرِش) و (كَنَهْبَل) وأنت عارف بالعروض ووزنه وأجزائه لم يجز أن تقول: (جَحَمَرِش) فتفتح الحاء وتسكّن الميم، ولا (كَنْهَبْل) فتسكن النون وتفتح الهاء؛ لأنّ الوزن يردعك ويمنعك من هذا الخطأ القبيح ". [كتاب صنعة الشعر، المنسوب لأبي سعيد السيرافي: 35].

ومن أمثلة هذا الأمر ما جاء في شعر حافظ إبراهيم من قوله:

" حطَمتُ اليراع فلا تعجبي ... وعفت البيان فلا تعتبي

تجد الفعل حطم، وقواعد اللغة تجيز نطقه بتشديد الطاء وعدم التشديد ولكن تفعيلة المتقارب تحتم ترك التشديد [في عروض الشعر العربي .. قضايا ومناقشات، للدكتور محمد عبد المجيد الطويل: 12].

وإليك مثالا آخر ذكره السيرافي، قال رحمه الله: " تجارى رجلان بحضرتي وتناشدا قول الشاعر:

كأنّ فاها عَبَقُرٌّ باردٌ

فقال أحدهما: عَبَقّر بتشديد القاف، وقال الآخر: عَبَقُرّ فشدد الراء، فقطعت البيت فخرج الحرف عَبَقُرٌّ بتشديد الراء، والبيت من الرجز، ولم يتزن البيت بتشديد القاف ... والوزن يردعك ويمنعك من الخطأ القبيح، ويزيل عنك الشك واللبس، ويرشدك إلى البصيرة واليقين، ولا تحتاج إلى ملاقاة أحد في معرفة ذلك، بل تكون أنت المرجوع إليك، والحكم فيما يرد عليك " [كتاب صنعة الشعر، المنسوب لأبي سعيد السيرافي: 35].

7ـ الصيانة من نسبة البيت إلى غير قصيدته

" وخبرني من أثق به عن رجل من جِلّة أهل العلم المتقدّمين فيه … أنه أنشد بيتا لأبي نواس وهو:

جُعلتُ فداكَ إنّ الحبس باسُ ... وقد أرسلتَ: ليس عليك باسُ

قال: فقلت له: هذا لأبي العتاهية. فقال: أوليس في أول هذاالشعر:

من ذا يكون أبا نوا ... سِكَ إذْ حبستَ أبا نواسِ؟

قال: فقلتُ: ليس هذا الوزن من ذلك الوزن، هذا من الكامل، وشعر أبي العتاهيةِ من الوافر، وقافية أحدهما مرفوعة، وقافية الآخر مخفوضة " [كتاب صنعة الشعر، المنسوب لأبي سعيد السيرافي: 40].

8ـ التمييز بين الشعر والنثر

فكثيراً ما يخلط غير البصير بالعروض بينهما.

ومن أمثلة ذلك قول السيرافي: " رأيت أيضا بخط رجل قد كتب بيده كتبا كثيرة، وهو أيضا ممن له نية في الشكل والضبط قد كتب كلاما منثورا ظن أنه شعر متزن، فأخرجه من الكلام وأفرده كما يفعل بالبيت من الشعر ليفصل بينه وبين الكلام! وهو كلام ليحيى بن يعمر قاله لرجل نازعته امرأة عنده فقال له:

أإن سألتك ثمن شَكْرها وشَبْرها ... أنشأت تطلها وتضهلها؟

... فظن هذا الرجل أن هذا الكلام بيت من الشعر فكتبه في كتابه على هذه الصورة التي كتبناها " [كتاب صنعة الشعر، المنسوب لأبي سعيد السيرافي: 36].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير