فزعم أنهم قد تقولوا على العرب، وكذبوا فيما نسبوا إلى الألفاظ من العمل، وما كفاه ذلك حتى رماهم بالاعتزال، والخروج عن السنة).
ثم نقل عن الشاطبي وابن خروف ما يفيد في الرد على ابن مضاء في قوله هذا.
ومن المعلوم أن بعض المتسرعين في عصرنا قد تخذوا كلام ابن مضاء مطية لمحاولة هدم هذا العلم الجليل، وأنى لهم ذلك.
(1): يشير إلى البيت الذي أورده من قبل، وهو:
وسطروا فتنة أخبارها كذب ... ما بين زيد وعمرو في الدواوين.
--- يتبع إن شاء الله تعالى ---
ـ[عصام البشير]ــــــــ[27 - 10 - 07, 09:42 م]ـ
-ص 159:
نقل المؤلف قصيدة أبي حيان، التي أثبتها ابن الخطيب في (الإحاطة)، وقال: ( .. فهي أطول النظوم في مدح هذا العلم باعا، وأعرقها في الإجادة، لأغراضها المستجادة انطباعا، ونصها على طولها الممتع الإفادة، وإطنابها الغريب الطرف المستفادة).
والقصيدة أثبتها بطولها في هذه الفوائد، استجادة لها، على أنني أنكر فيها أمرين، لو تنكبهما الناظم لأحسن.
أولهما: بيتٌ ذكر فيه الناظم بعض الصحابة بما لا يليق – وإن رأيت من يستجيد ذلك من جهة البلاغة.
والثاني: إزراؤه على منتقدي سيبويه – خاصة المبرد – بما كان له عنه مندوحة. فقد كان يكفيه مدح سيبويه دون ذم من عارضه.
والقصيدة هي:
هو العلم لا كالعلم شيء تراوده ** لقد فاز باغيه وأنجح قاصده
وما فضل الإنسان إلابعلمه ** وما امتاز إلا ثاقب الذهن واقده
وقد قصرت أعمارنا وعلومنا ** يطول علينا حصرها ونكابده
وفي كلها خير، ولكن أصلها ** هو النحو، فاحذر من جهول يعانده
به يغعرف القرآن والسنة الذي ** هما أصل دين الله ذو أنت عابده
وناهيك من علم، علي مشيد ** مبانيه، أعزز بالذي هو شائده
لقد حاز في الدنيا فخارًا وسوددًا ** أبو الأسود الديلي فلا جم سائده
هو استنبط العلم الذي جل قدره ** وطار به للعرب ذكر نعاوده
وساد عطاء - نجله - وابن هرمز ** ويحيى، ونصر، ثم ميمون ماهده
وعنبسة قد كان أبرع صحبه ** فقد قلدت جيد المعالي قلائده
ومازال هذا العلم تنميه سادة ** جهابذة تبلي به وتعاضده
إلى أن أتى الدهر العقيم بواحد ** من الأزد تنميه إليها فراهده
إمام الورى ذاك الخليل بن أحمد ** أقرله بالسبق في العلم حاسده
وبالبصرة الغراء قد لاح فجره ** فنارت أدانيه وضاءت أباعده
بأذكى الورى ذهنًا، وأصدق لهجة ** إذا ظن أمرًا قلت: هاهو شاهده
وما إن يروي بل جميع علومه ** بدائه، أعيت كل حبرٍ يجالده
هو الواضع الثاني الذي فاق أولا ** ولا ثالث في الناس تصمي قواصده
وقد كان رباني أهل زمانه ** صؤوم قؤوم راكع الليل ساجده
يقسم منه دهره في مثوبة ** وثوقا بأن الله – حق – مواعده
فعام إلى حج، وعام لغزوة ** فيعرفه البيت العتيق، ووافده
ولم يثنه يوما عن العلم والتقى ** كواعب حسن تنثني، ونواهده
وأكثر سكناه بقفر بحيث لا ** تناغيه إلا عفره وأوابده
وما قوته إلا شعير يسفه ** بماء قراح ليس تغشى موارده
عزوفا عن الدنيا وعن زهراتها ** وشوقًا إلى المولى وما هو واعده
ولما رأى من سيبويه نجابة ** وأيقن أن الحين أدناه باعده
تخيره إذ كان وارث علمه ** ولاطفه حتى كأن هو والده
وعلمه شيئًا فشيئًا علومه ** إلى أن بدت سيماه، واشتد ساعده
فإذ ذاك وافاه من الله وعده ** وراح وحيد العصر اذ جاء واحده
أتى سيبويه ناشرًا لعلومه ** فلولاه أضحى النحو عطلا شواهده
وأبدى كتابًا كان فخرًا وجوده ** لقحطان إذ كعب بن عمرو محاتده
وجمع فيه ما تفرق في الورى ** فطارفه يعزى إليه وتالده
بعمرو بن عثمان بن قنبر الرضا ** أطاعت عواصيه وثابت شوارده
عليك قرآن النحو، نحو ابن قنبر ** فآياته مشهودة، وشواهده
كتاب أبي بشر فلا تك قاريا ** سواه فكل ذاهب الحسن، فاقده
هم خلج، بالعلم مدت، فعندما تناءت ** غدت تزهى وأنت تشاهده
إذا كنت يومًا محكمًا لكتابه ** فإنك فينا نابه القدر ماجده
ولست تبالي إن فككت رموزه ** أعضك دهر، أم عرتك شدائده
هو العضب، إن تلق الهياج شهرته ** وإن لاتصب حربًا فإنك غامده
تلقاه كل بالقبول وبالرضى ** فذو الفهم من تبدو إليه مقاصده
ولم يعترض فيه سوى ابن طراوة ** وكان طريًا لم تقادم معاهده
وجسره طعن المبرد قبله ** وإن الثمالي بارد الذهن خامده
هما ماهما صارامدى الدهر ضحكة ** يزيف ما قالا، وتبدو مفاسده
¥