تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا شك أن وجود الحرف دل على التضمين ... كما قال الأخ فريد. فلولا الحرف لما خطر بالبال أن نتلمس في الفعل معنى غير معهود فيه ... فالحرف قرينة على التضمين هذا متفق عليه لكن هل هو قرينة على المجاز ...

لا يخفى عليكم أنني أعتبر –عن صواب أو عن خطأ-أن نظرية المجاز غير فعالة في تفسير اللغة البشرية .. ولكنني أتكلم عن المجاز وفق قواعد أهله ... وتطبيق قواعدهم لا يجعل التضمين من وجوه المجاز لما يلي:

-لا بد في المجاز من علاقة نوعية معتبرة ... المقصود بالعلاقة ما يربط الكلمة الحاضرة بالكلمة الغائبة ... فهل تشبه إحداهما الأخرى،أم إحداهما سبب للأخرى، أم إحداهما محل للأخرى أم إحداهما تؤول إلى الأخرى .. الخ .. فإن لم تكن علاقة فلا مجاز كما في حالة الخطأ عندما يقول الساهي ناولني الفرس وهو يقصد الكتاب ... فلا علاقة معتبرة بين الكلمة الحاضرة الفرس والكلمة الغائبة الكتاب ... في حالة التضمين تكون الأفعال عادة من حقل دلالي واحد يصعب القول فيه بالمجاز.

-لكن الذي يرفع المجاز كلية هو القرينة .. فمن المتفق عليه عند البيانيين أن المعنى المجازي والمعنى الحقيقي لا يجتمعان أبدا في دلالة واحدة ..

جاء الأسد ...

إما أن يكون الأسد إنسانا، وإما أن يكون حيوانا .. ولا يجوز للمتكلم أن يقصد هذا وهذا في وقت واحد خلاف الأصوليين الذين يجوزون اجتماع الدلالتين ..

جاء الاسد ضاحكا ..

ضاحكا قرينة على الإنسانية ... وتمنع الحيوانية ...

هذا هو معنى القرينة المانعة .. أي تجعل المعنى الحقيقي محالا فتمنعه ..

وهذا غير وارد في التضمين لأنه يجوز لك أن تستعمل الفعل الحاضر كما يجوز استعمال الفعل الغائب ... فيتخلف شرط المجاز.

والنحاة عندما شرحوا التضمين استعملوا كلمة دقيقة جدا هي إشراب المعنى .. ولله درهم ما أبصرهم بالكلام .. فالإشراب معناه الحفاظ على المعنى العام للفعل المستعمل مع تطعيمه ببعض معاني الفعل الغائب كما يلت السويق أو الطعام ....

لكن المجاز ليس إشرابا بل هو استبدال محض ..

ـ[أبو فالح عبدالله]ــــــــ[24 - 11 - 07, 04:11 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

الشيوخ الأكارم .. اعذروا مثلي بأن يتطفّل.

المكرم أبا المعز أعزك الله بالإسلام .. لم تتطرق إلى دلالة (الاستقراء) على اعتبار على وجه الأغلبية =على كون معانيها حقيقية .. بمعنى غالبة متبادرة.

فهذا هو العرف المعهود في الاستعمال.

فنود أن نستفيد منكم في هذه الناحية، ولو لم نعتبر (المجاز) من المفاهيم الناهضة في العربية، فما سيكون التوجيه في هذه الحالة ونحن نرصد أثر الدلالة (الاستعمالية) لهذه الأفعال في كونها حقيقة في أصلها أو مجازاً في تضميناتها؟

يقول أبو مالك:

وكذلك في التضمين، إذا كان المعهود من استعمال الفعل تعديته بحرف معين، وكان ذلك شائعا معروفا في كلام العرب، فإن ذلك يدل على اختصاص هذا الفعل بهذا الحرف، فإذا جاء الفعل في بعض المواضع متعديا بحرف آخر، كان لنا أن نحكّم المعهود الذهني السابق في أن الظاهر غير مراد، لا سيما إذا كان السياق لا يأباه.

هذا نلمسه بوضوح في (أساس البلاغة) للزمخشري .. وكأنه قد بنى فكرة الكتاب عليه، وهو لا يضيع فرصة في التنبيه على التضمين .. لكن بأسلوب غير مباشر فهو يكرر ذكر الفعل بمعناه المجازي حينما يعديه بحرف معين قليل استعماله به، بعد أن يذكر الفعل بمعناه الحقيقي إما بحرفه الغالب تعديته به أو يكون غير معدىً أصلاً!

أرجو الإفادة .. فأنا غير مختص بهذا المجال، وأحب معرفة رأيكم مع الإيضاح.

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[24 - 11 - 07, 11:14 م]ـ

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..

أخي الكريم ..

أفضل أن ننطلق من أمثلة ملموسة لكي لا يتشعب بنا التعميم عن المراد (لاحظ أني استعملت التضمين هنا أيضا فأشربت فعل "التشعب" معنى فعل "الابتعاد" بقرينة حرف الجر "عن" المصاحب عادة لفعل ابتعد)

- طلب منه/ طلب إليه ...

-أغلظ له/ أغلظ عليه ..

-نَقَمَ مِنْهُ وَعَلَيْهِ/نقمه ...

-اكتالوا من الناس/اكتالوا على الناس ..

في الشق الأول من كل مثال جاء الفعل متعديا بالحرف الذي أثبته الاستقراء كما قال أبو مالك فيما اقتبسته عنه:

وكذلك في التضمين، إذا كان المعهود من استعمال الفعل تعديته بحرف معين، وكان ذلك شائعا معروفا في كلام العرب، فإن ذلك يدل على اختصاص هذا الفعل بهذا الحرف،

لكن في الشق الثاني من كل مثال جاء الفعل متعديا بغير الحرف المعهود بالاستقراء ...

كان من الممكن منهجيا أن يقال:هنا "شذوذ" أو" نكارة" أو ربما "خطأ" ... لكنهم لم يحكموا بذلك لأن هذه الظاهرة شائعة عمن لا يجوز نسبتهم إلى الخطأ .. فكان لهم سبيل آخرفقالوا:

هنا تضمين ..

بمعنى تضمن هذا الفعل معنى فعل آخر .. لكن أي فعل؟

لا بد من شرطين لتحديد ذلك الفعل الغائب،هنا نلتجيء ثانية إلى الاستقراء:

-فعل يتعدى بالحرف الذي" استولى" عليه "المنافس الجديد" كما عهد فيه بالاستقراء.

-الفعل المستعمل والفعل الغائب يجب أن ينتميا إلى حقل دلالي واحد ..

بهذين الشرطين سيتم تأويل الأمثلة على النحو التالي:

- طلب إليه ..... (رغب إليه)

فرغب هو الذي يتعدي ب"إلى"،فإن قلت لم هذا الفعل بعينه وفي اللغة مئات الافعال التي تتعدى ب"إلى" قلنا لأنه ينتمي إلى الحقل الدلالي الذي ينتمي إليه فعل" طلب".

-أغلظ عليه .... (قسا عليه)

وهكذا ...

وأحيانا قد لا تجد فعلا محددا يطلبه التضمين فتفترض معنى نوعيا لا شخصيا منه:

اكتالوا على الناس ...

فيمكن هنا أن نشيرإلى معنى نوعي مرتبط بالتسلط والتحكم والاستعلاء .. فتقول كان الاكتيال مشربا بكل ذلك ..

لكن من وجهة نظر بلاغية أستبعد المجاز ... وأفضل أن يكون التضمين مندرجا ضمن باب آخر من البلاغة وهو باب الإيجاز في فن علم المعاني ... كما قال صاحب مغني اللبيب:

وفائدة التضمين: أن يُدلَّ بكلمة واحدة على معنى كلمتين، ...

والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير