تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كفى بك داء أن ترى الموت شافيا ... وحسب المنايا أن يكن أمانيا ...

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[10 - 12 - 07, 04:06 م]ـ

2 - هل تذوقت شعر السلكة أم السليك؟

طافَ يَبغي نجوةً ... من هلاكٍ فَهَلَك

لَيت شِعري ضلّةً .. أيّ شيءٍ قَتَلك

أَمريض لم تُعَد .. أم عدوٌّ خَتَلَك

أَم تولّى بكَ ما .. غال في الدهرِ السُّلَك

وَالمَنايا رصدٌ .. لِلفَتى حَيثُ سَلَك

أي شيء حسن .. لفتى لم يك لك

كلّ شيءٍ قاتلٌ .. حينَ تلقى أَجَلَك

طال ما قد نلت في .. غير كدً أملك

إِنّ أَمراً فادحاً .. عَن جَوابي شَغَلك

سَأُعزّي النفسَ إِذ .. لَم تُجِب مَن سَأَلَك

لَيتَ قَلبي ساعةً .. صبرهُ عَنك مَلَك

لَيتَ نَفسي قُدّمَت .. لِلمَنايا بَدَلَك

1 - للمقطوعة إيقاع قوي منشؤه وصل روي اللام بالكاف .. ولما كان البحر قصيرا جدا فإن الثنائي الصوتي"لك"يتردد على الأذن دون انتظار طويل .. فما أن ينتهي صدى "لك"من البيت حتى يقرع الأذن صوت "لك"الموالية في البيت اللاحق ... بسبب قلة المدة الزمنية الفاصلة بين نهايات الأبيات ..

المقطوعة في نظري من باب لزوم ما لا يلزم ....

فالكاف صوت قوي مشهود صالح لان يكون رويا عكس الهاء وقد صدق التنوحي في قوله:

(والكاف التي للخطاب في المذكر والمؤنث، فإنهما وإن كانا في الإضمار بمنزلة هاء أكرمه وشتمه فإنهما قويان، وتستعملان في الروي استعمال الميم والنون، .....

وقد زعم بعضهم أن كاف الخطاب في مثل قولك: حمدك وشكرك لا تكون رويا إلا أن تشاركها كاف أصلية، واحتج بأن هذا اللفظ لو رد إلى الغائب لتغيرت الكاف وصارت هاء، فالكاف في موضع ما لا تكون رويا).

قلت:

ما زعمه هؤلاء غير متجه لأنهم أدخلوا في العروض اعتبارات نحوية /صرفية لا قيمة لها إيقاعيا ... فالعروض موجه للأذن فقط والأذن لا تفرق بين الكاف في" فَهَلَك" والكاف في " قَتَلك".

2 - ما يثير الانتباه في المقطوعة هو الاستهلال بالخبر في بيت الأول:

طافَ يَبغي نجوةً ... من هلاكٍ فَهَلَك

حيث الضمير العائد على السليك هو ضمير الغائب

ثم تتمحض بقية القصيدة لأسلوب الخطاب ... فيكون الضمير العائد عليه هو كاف الخطاب.

خطر لي توجيهان:

1 - أن يكون البيت الأول حكاية للخبر الذي جاء الشاعرة عن مصرع ابنها .. ذلك الخبر الذي تردد صداه في وعيها ففجر فيها تلك المناجاة التي ستخلل القصيدة كلها.

طافَ يَبغي نجوةً ... من هلاكٍ فَهَلَك

هذا كلام الشاهد على المصرع هو خليق بمتفرج يعتمد العين لا الفؤاد ..

لَيت شِعري ضلّةً .. أيّ شيءٍ قَتَلك

وهذا كلام الشاعر بالمصرع هو خليق بالام التي تشعر ولا ترى ...

طافَ يَبغي نجوةً

إنه وصف بارد عقلي خبري خال من الإ‘حساس مثل قصاصات الأخبار ... أو حصاة تلقى في بركة.

ثم يتحول الخبر إلى إنشاء يعني ينفتح على أعماق الحس والشعور

لتبدأ المناحة ... أو قل التموجات و الذبذبات والاهتزازات في الدوائر الشعورية الناشئة عن "حصاة" الخبر ..

لَيت شِعري ضلّةً ...

2 - أو أن تكون الشاعرة استهلت قصيدتها فوقع في روعها أن ابنها تعرض لتغييب مزدوج:

-التغييب الوجودي فقد مات

-التغييب الشعري من خلال التعبير بضمير هو وزمان الماضي"طاف"

فاستدركت الأمر فرأت أن لا يتمالأ الوجود والشعر على تغييب السليك ... فلا أقل من استحضار الفقيد شعريا مادام استحضاره واقعيا محال .. وليس الشعر إلا تأسيسا للعالم المنشود فليحضر السليك في القصيدة إذن!! فليكن شاهدا سميعا في الهنيهة الحاضرة يسأل ويخاطب:

أي شيء قتلك ..

كما اعتادت في الأيام الخوالي أن تعاتب ابنها كأي أم في الدنيا:

أي شيء أخرك!!!

3 - أَمريض لم تُعَد .. أم عدوٌّ خَتَلَك ...

من أجمل الأبيات!

أَمريض لم تُعَد ...

يمتزج هنا احساسان:

-الحرمان

-الحسرة.

الحرمان باعتبار الابن فهو مريض ولكن لا مؤنس له أو زائر.

الحسرة من جانب الام فالأم لا يخفف عنها إلا أن تكون بجانب ابنها المريض مواسية ومطببة تمر براحتها على الوجه المصفر أو تبلل بالماء الجبين المحموم ... لكن السلكة محرومة من هذه الوظيفة .. فيأتي إلى الوعي السؤال الذي لا مناص منه:

ترى من يقوم مقامها هناك ..

أَمريض لم تُعَد ...

لكن السلكة تنتبه فجأة إلى أن ابنها لم يعد طفلا ليربت على شعره ... وليس من الوفاء للفقيد أن يبرز للناس في مثل هذه الصورة .... فهو رجل لا كالرجال ... صعلوك يعشق المخاطر والأهوال.

فأولى به ألا يموت محموما على فراش المضر .. بل:

"عدوٌّ خَتَلَك"

هذا هو اللائق بالصعلوك أن يموت في معركة فقط ...

ويموت غيلة فقط .. لأنه أشجع فلا يتمكن منه غيره إلاإذا استعانوا عليه بالختل والتمسكن.

فانظر إلى هذا البيت كيف لخص شقه الاول لهفة الأم، وكيف لخص شقه الثاني حياة الصعلوك!!

4 - أميل إلى جعل المقطوعة من مشطور المديد .. فما رأي شيخنا عصام؟

ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[10 - 12 - 07, 05:56 م]ـ

بوركتَ أبا عبد المعزِّ ..

للتثبيت.

ـ[محمود آل زيد]ــــــــ[10 - 12 - 07, 06:30 م]ـ

الشيخ الفاضل (أبا عبد المعز): أعزك الله،،،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير