وهنا يظهر الفرق جليا بين كلا الفريقين فلو سلمنا وجود هذا المثال في اللغة فكيف يستطيع من نفى أن يحمل معنىً للفظ من دون قرينة؟ وعندئذ يتساوى في عرف النافين كل المعاني اللتي يحتملها اللفظ لأنه لا قرينة البتة .. وهذا خطير إذا طبقناه في العقيدة في الأسماء و الصفات وهذه ثمرة عقيدية
ولكن المثبتين يحملون المعنى المراد من اللفظ على الأصل وبالتالي لا يختلفون في هذا المعنى ....
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لو سلم منكرو المجاز بوجود كلام خال من القرائن لكان مذهبهم ساقطا لا يقول به عاقل.
فالاستدلال الذي تفضلت بذكره لا يلزم منكري المجاز؛ لأنهم لا يسلمون بوجود هذا المثال المذكور.
ولازم الحق حق، ولازم الباطل باطل، فلو ثبت وجود هذا لسقط مذهبهم، ولكنهم لا يثبتون وجود مثل هذا، ولم يلزمهم مخالفوهم بوجود مثل هذا.
وأنا لا أعرف مسألة عملية تنبني على الخلاف بين مثبتي التقسيم ومنكريه، وأتمنى أن يخبرني أحد بمثل هذه المسألة العملية.
وأعني بالمسألة العملية: (كفر - إيمان) (حلال - حرام) (سنة - بدعة) ونحو ذلك.
ومن الأدلة القوية جدا على عدم وجود ثمرة في مسائل العقيدة خاصة أن القول بالتقسيم ظهر منذ أواخر القرن الثاني الهجري كما قال شيخ الإسلام نفسه، وظهر معه أو قبله كثير من البدع من الجهمية والمعتزلة والقدرية والروافض والخوارج وغيرهم، ومنذ ذلك الحين والعلماء لا يفترون عن الرد على هؤلاء المبتدعة، ومع كل هذه الردود لم نجد كتابا مصنفا في الاعتقاد أنكر عليهم هذا التقسيم، أو عده من أصول البدع.
بل وجدنا العكس، فقد وجدنا أصحاب التصانيف الذين يردون عليهم يثبتون التقسيم ويردون عليهم بناء على وجوده، ومن هؤلاء: عثمان بن سعيد الدارمي في رده على الجهمية، وابن قتيبة في رده على الملاحدة (في مشكل القرآن)، والكرجي القصاب في رده على المعتزلة (في نكت القرآن)، وهؤلاء من أئمة أهل السنة في عصرهم، وكلهم أثبتوا المجاز في كتبهم، ولم يخطر على بال واحد منهم أن يقول: إن أصل هذه البدع هو هذا التقسيم.
وقد قرأت هذه الكتب الثلاثة كاملة ولم أجد فيها مجرد إشارة لوجود خلاف في التقسيم، لا سيما في كلام ابن قتيبة الذي هو خطيب أهل السنة من جهة، وإمام من أئمة اللغة من جهة أخرى.
بل إن أشهر من نسب إليه إنكار التقسيم هو أبو علي الفارسي المعتزلي الذي ينكر الصفات!
فكيف يقال إن إثبات الصفات ثمرة لإنكار المجاز؟! وإنكار الصفات ثمرة لإثبات المجاز؟!
والمقصود هنا هو ثمرة للتقسيم بإطلاق، وليس ثمرة مدرسة المجاز عموما، لأنه لا يمتنع وجود أقوال فاسدة عند مدرسة المجاز، ولكن هذه الأقوال ليست لازمة للقول بالتقسيم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[21 - 01 - 09, 05:07 م]ـ
وما زلت أجمع النقاط التي لي فيها اقوال ولعل الله تعالى ينعم علينا بموضوع يكون الوقت تحت امرنا فنتدارس فيه
حياك الله أخي الكريم، وجزاك الله خيرا
المشكلة أن كثيرا ممن يبحث في المسائل الكلية لم يتأهل للنظر في المسائل الجزئية.
ولذلك فالذي أنصح به في هذا المجال وفي غيره مما شابهه هو اعتماد أقوال أهل العلم المحققين الذين أفنوا أعمارهم في هذه العلوم، لأن الكلام في المسائل الكلية لا يصلح فيه الاعتماد على مطالعات منثورة هنا وهناك من كل لون من ألوان العلوم.
ومع الأسف الشديد صرنا نجد طلبة العلم في هذا العصر ينصرفون إلى بحث المسائل الكلية لأنها من وجهة نظرهم أسهل من بحث المسائل الجزئية!
وهذا هو الفرق بيننا وبين أهل العلم المتقدمين الذين كان الواحد منهم يفني عمره ربما في فن واحد ثم بعد ذلك يجبن عن إطلاق كثير من الإطلاقات التي يصدرها من لم يقض في العلم سنوات معدودة؟!
وأنا لا أقصدك بذلك يا أخي الفاضل، ولا أقصد أحدا بعينه، وإنما أقصد أن الأفضل لطالب العلم أن ينصرف لتحصيل الأهلية وترسيخ أصول العلوم في نفسه، وجمع أطراف الآلات، دون تضييع الوقت في مسائل جزئية تعتمد أكبر ما تعتمد على هذه الأهلية أصلا.
وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه، وأن يستعملنا وإياكم في طاعته.
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[22 - 01 - 09, 03:10 م]ـ
الأول: أن هذا يمكن أن يصح لو كان منكر المجاز يقول: إن قولنا: (فعل فلان نفسه) يساوي قولنا: (فعل فلان) من كل وجه، وهذا غير صحيح؛ فإن قولنا (فعل فلان) يحتمل أن يكون قد فعل بنفسه، ويحتمل أن يكون أمر غيره أن يفعل، ويعرف المقصود من القرائن والسياق، فإذا قلت: (بنى الأمير المسجد) فالقرائن الحالية والعقلية تدل على أنه لم يحمل الحجر والرمل بنفسه، وإنما أمر من ولي ذلك، فهذا نوع من القرائن، ومن القرائن أيضا استعمال التوكيد بالنفس والعين، فمنكر المجاز يقول: إن التوكيد لم يقع لغوا، وإنما وقع كقرينة تحدد المراد كما تفعل القرائن الأخرى.
أبا مالك ..
هذا صحيح ..
حتى مثبتوا المجاز يرون أن التوكيد بالنفس والعين قرينة تحدد المراد ..
وأنا لم أقصد أن النافين يرون أن التوكيد لغو، ولكن يلزمهم ذلك ..
أفلا يكون هذا عليهم لا لهم؟
¥