ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[22 - 01 - 09, 03:53 م]ـ
المشكلة أن كثيرا ممن يبحث في المسائل الكلية لم يتأهل للنظر في المسائل الجزئية.
ولذلك فالذي أنصح به في هذا المجال وفي غيره مما شابهه هو اعتماد أقوال أهل العلم المحققين الذين أفنوا أعمارهم في هذه العلوم، لأن الكلام في المسائل الكلية لا يصلح فيه الاعتماد على مطالعات منثورة هنا وهناك من كل لون من ألوان العلوم.
ومع الأسف الشديد صرنا نجد طلبة العلم في هذا العصر ينصرفون إلى بحث المسائل الكلية لأنها من وجهة نظرهم أسهل من بحث المسائل الجزئية!
وهذا هو الفرق بيننا وبين أهل العلم المتقدمين الذين كان الواحد منهم يفني عمره ربما في فن واحد ثم بعد ذلك يجبن عن إطلاق كثير من الإطلاقات التي يصدرها من لم يقض في العلم سنوات معدودة؟!
وأنا لا أقصدك بذلك يا أخي الفاضل، ولا أقصد أحدا بعينه، وإنما أقصد أن الأفضل لطالب العلم أن ينصرف لتحصيل الأهلية وترسيخ أصول العلوم في نفسه، وجمع أطراف الآلات، دون تضييع الوقت في مسائل جزئية تعتمد أكبر ما تعتمد على هذه الأهلية أصلا.
وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه، وأن يستعملنا وإياكم في طاعته.
شيخنا حبذا لو تناولت هذه القضية في موضوع مستقل ..
فإني وأمثالي بحاجة إلى مثل هذا ..
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[23 - 01 - 09, 12:40 ص]ـ
وأنا لم أقصد أن النافين يرون أن التوكيد لغو، ولكن يلزمهم ذلك ..
وفقك الله وسدد خطاك يا شيخنا الفاضل
أنا بينت في مشاركتي السالفة أن ذلك لا يلزمهم، ويبدو أن الأمر يحتاج إلى مزيد إيضاح.
فأنت تقول إن هذا لازم لهم، فنسأل: أين محل الإلزام؟
الذي فهمته من مشاركتك أنك تقول: (بما أن فائدة التوكيد رفع توهم المجاز، وبما أنهم يقولون لا يوجد مجاز، فمعنى هذا أنه لا فائدة للتوكيد)
وهذا الإلزام غير صحيح؛ لأنه إنما يلزم لو كانوا يقولون: إن ما يسميه الجمهور مجازا غير موجود، وهم لا يقولون بذلك، وإنما يقولون هو موجود ولكنه لا يسمى مجازا بل هو حقيقة.
فالجمهور يقولون: العبارة مثلا تحتمل معنيين أحدهما حقيقة والآخر مجاز.
أما المنكرون فيقولون: العبارة أيضا تحتمل معنيين ولكن كلاهما حقيقة.
فالجميع متفقون على إمكان احتمال العبارة لمعنيين، ولكن المنكرين يشترطون القرينة في تحديد المعنى المراد في كلا الحالين، أما الجمهور فيشترطون القرينة فقط في إحدى الحالتين دون الأخرى.
فتبين من هذا أن التوكيد عند المنكرين هو قرينة تحدد المعنى المراد، كما تحدده أي قرينة أخرى، ولا مانع من تعدد القرائن المحددة للمعنى.
فإن قلت: إن هذا معترَض بأنه إن كان الكلام لا يحتمل إلا معنى واحدا كان التوكيد لغوا؟
فالجواب: أن هذا لازم للفريقين أيضا؛ لأنه إن كان الكلام لا يحتمل المجاز أصلا فقد صار التوكيد لغوا عند الفريقين لأنه ليس ثم مجاز يمكن رفعه.
أرجو أن يكون اتضح الجواب.
ثم إن هذا الإلزام من أصله غير لازم؛ لأنه مبني على أن فائدة التوكيد فقط هي رفع توهم المجاز، وقد سبق أن هذا غير صحيح.
وهناك إلزامات أقوى كثيرا من هذا الإلزام وأوضح، ويصعب الجواب عنها، ولكن المراد عدم لزوم هذا الإلزام نفسه عينه (ابتسامة).
والله أعلم.
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[23 - 01 - 09, 02:55 م]ـ
وهذا الإلزام غير صحيح؛ لأنه إنما يلزم لو كانوا يقولون: إن ما يسميه الجمهور مجازا غير موجود، وهم لا يقولون بذلك، وإنما يقولون هو موجود ولكنه لا يسمى مجازا بل هو حقيقة.
فالجمهور يقولون: العبارة مثلا تحتمل معنيين أحدهما حقيقة والآخر مجاز.
أما المنكرون فيقولون: العبارة أيضا تحتمل معنيين ولكن كلاهما حقيقة.
فالجميع متفقون على إمكان احتمال العبارة لمعنيين، ولكن المنكرين يشترطون القرينة في تحديد المعنى المراد في كلا الحالين، أما الجمهور فيشترطون القرينة فقط في إحدى الحالتين دون الأخرى.
فتبين من هذا أن التوكيد عند المنكرين هو قرينة تحدد المعنى المراد، كما تحدده أي قرينة أخرى، ولا مانع من تعدد القرائن المحددة للمعنى.
تحقيق عزيز ..
وهناك إلزامات أقوى كثيرا من هذا الإلزام وأوضح
حبذا لو طرحتموها حتى نفقه كيفية تأمل المسائل ودراستها، لالمسألة المجاز نفسها ..
وهناك إلزامات أقوى كثيرا من هذا الإلزام وأوضح، ويصعب الجواب عنها، ولكن المراد عدم لزوم هذا الإلزام نفسه عينه (ابتسامة).
خطر هذا الإلزام بخاطري فأحببت طرحه -كما ذكرت سلفا- للاستفادة ..
ومثل هذا الطرح يفيدني في الحقيقة كثيرا، وذلك من جهة العلم بكيفية قراءة المسائل قراءة عميقة ..
وهذا ماتعودته منكم ..
ويعلم الله كم أدعو لكم بظهر الغيب ..
وفقكم الله وسددكم ..
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[25 - 01 - 09, 03:36 م]ـ
من هذه الإلزامات مثلا أن يقال:
من أقوى ما استدل به منكرو المجاز أن مثبتي المجاز يصححون إطلاق النفي على الحقيقة، وهذا يستلزم -عند منكري المجاز- إطلاق النفي على بعض نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، فيعتمدون على هذه النقطة في إبطال مذهب مثبتي المجاز.
وهذا في الحقيقة حجة عليهم لا لهم؛ لأن هذه الحجة مبنية على أن (إطلاق النفي) من أصله ممكن وواقع.
ولو صح إطلاق النفي أصلا، لسقط مذهبهم؛ لأن إطلاق النفي معناه خلو الكلام من القرينة، وهم يقولون بأن الكلام لا يمكن مطلقا أن يخلو من القرينة، فلو صح خلو الكلام من القرينة لسقط مذهب منكري المجاز.
فإن قالوا: إن القرينة موجودة، ولا يتعارض هذا مع كون الكلام مطلقا، فالجواب أن يقال:
- هذه القرينة إن دلت على أن المعنى المنفي غير المعنى المثبت في القرآن، فإطلاق النفي حينئذ صحيح باتفاق الفريقين.
- وإن دلت هذه القرينة على أن المعنى المنفي هو المعنى المثبت في القرآن، فإطلاق النفي حينئذ باطل باتفاق الفريقين أيضا.
فثبت أن اعتمادهم على هذه الحجة ساقط.
¥