تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولهذا -أيها الإخوة الكلام- على الأحكام الشرعية وغيرها من علوم الشريعة، الكلام عليها من غير علم أمر خطير كما في قوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا فنلاحظ أن الله -سبحانه وتعالى- قرن الشرك يعني قرن القول بغير علم، قرنه بالشرك وفي قوله تعالى: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ فدل على أن الكلام مثلا من غير علم وصدور الكلام من إنسان غير مؤهل معناها أنه قد يكون افتراء على الله سبحانه وتعالى.

ثم -أيها الإخوة- علم الأصول له فوائد أخرى جانبية غير الفائدة الأساسية اللي هي إدراك القواعد، من فوائده أولا أن الإنسان يحيط بأسباب الخلاف وإذا أحاط بأسباب الخلاف علم أو أدرك أن خلاف الأئمة -رحمهم الله- في المسائل الفقهية مرده إلى خلاف في مسائل أصولية؛ فيعذرهم في ذلك ويزداد تقديرا لهم، وقد أشار إلى كثير من ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله -في رسالته رفع الملام على الأئمة الأعلام.

أيضا مما يفيده علم الأصول لطالب هذا العلم التروي والتثبت وعدم الاستعجال في إصدار الأحكام، فليس كل ما من أول إلماحة يصدر الحكم لا، بل لا بد من التروي والتثبت والنظر في الأمور ثم بعد ذلك إذا تبين له وجه الحق بعد ذلك كله كان يعني -إن شاء الله- حكمه مظنة الصدق ومظنة الإصابة؛ ولهذا -أيها الإخوة- الإمام أحمد -رحمه الله -سئل عن مسألة بم تخرج المطلقة من عدتها أو بم تنقضي عدة المطلقة؟ معلوم أن عدة المطلقة ثلاث حيض، إذا طلقها في طهر فإن الحيضة الأولى ثم الحيضة الثانية ثم الحيضة الثالثة على قول الجمهور، إذا اغتسلت من الحيضة الثالثة، ليس بمجرد الطهر، إذا اغتسلت من الحيضة الثالثة، الإمام أحمد -رحمه الله -قال: إذا اغتسلت من الحيضة الثالثة خرجت من العدة، لكن لو أنه انقطع الدم عنها أو ظهر الطهر ولم تغتسل فهي ما زالت في العدة، فإذا اغتسلت خرجت من العدة ـ الحيضة الثالثة، فقيل للإمام أحمد إن ابن عباس يقول أنها إذا طهرت خرجت من العدة فقال الإمام أحمد: هذا جيد من حيث النظر، قيل ألا تقول به؟ قال: أتهيب أن أخالف فلانا وفلانا وفلانا من كبار الصحابة رضي الله عنهم.

فالإمام أحمد -رحمه الله -استحسنه من حيث النظر؛ لأن العدة ربطت بأمر لا تملكه المرأة، هذا كونه جيدا من حيث النظر ربطت بأمر لا تملكه المرأة لكن الاغتسال هو بيدها، لكن لما قيل له ألا تقول به؟ قال: أتهيب أن أخالف فلانا، وذكر جمعا من الصحابة رضي الله عنهم.

ثم أيضا إدراك القواعد الأصولية يربي الملكة الفقهية بحيث يميز الإنسان بين ما يصلح أن يكون دليلا وما لا يصلح أن يكون دليلا، يميزها طالب العلم، فليس كل ما أورد عليه ما يعني يمكن أن يكون دليلا أو يعني يظن أن يكون دليلا تبعه لا، التميز بين ما يصلح أن يكون دليلا وبين ما يصلح أن يكون دليلا هذا قد يستفيده الإنسان، قد يستفيده كثيرا من علم الأصول.

يقال إن القاضي حسين شيخ الشافعية في عصره بلا منازع قاضي خراسان كان رجلا فقهيا أصوليا متمكنا، وله كتاب مشهور اسمه التعليقة في الفقه، وكان قاضي البلد ففي يوم الثلاثين من شعبان البارحة ما رئي في تلك اليوم ما رئي الهلال، فإذا ما رئي الهلال ليلة الثلاثين، ماذا يكون حكمه، يكونوا مفطرين ما يصوموا لأنه ما رئي الهلال، فكان وهو جالس في مجلس القضاء وحوله يعني بعض الجلساء فدخل إنسان عليه قال له: أيها القاضي أنا البارحة رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في المنام يقول: إن اليوم واحد من رمضان، إن اليوم هو الأول من رمضان، وكان هذا الرجل الذي يقول هذا الكلام تظهر عليه علامات الفزع، كيف إنهم يعني مفطرين الآن واليوم الأول من رمضان، فقال له القاضي: أنت رأيته يعني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قال نعم، قال له يا هذا إن الذي رأيته في المنام رآه الصحابة في اليقظة وهو يقول: لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه فأيما يقدم الرؤية المنامية ولا الرؤية اللي في اليقظة اللي في اليقظة، الشاهد من هذا أن يعني التمييز +

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير