تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[18 - 06 - 09, 09:40 م]ـ

علم الجدل وعلم الأصول

بقي معنا الإشارة إلى أن علم الأصول أو علماء الأصول يدخلون أحيانا علم الجدل مع علم الأصول، وهذا واضح في عنوان كتاب الإمام أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة روضة الناظر، فهذا الكتاب الذي هو مقرر على جميع كليات الشريعة، وقل أن تجد طالبا شرعيا إلا وقد مر على هذا الكتاب، المؤلف -رحمه الله -سمى كتابه روضة الناظر وجُنة المُنَاظِر، ما معنى جنة، بمعنى وقاية ودلالة، فهو يعني وقاية ودرع لمن يعني يخوض غمار المناظرة.

ولا شك -أيها الإخوة- أن المناظرة والجدال مشروعة إذا كانت بالتي هي أحسن ففي قوله تعالى: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فالجدال والمناظرة نوعان: نوع مذموم ونوع مشروع، المذموم ما كان لا يقصد به إحقاق الحق، أما المقصود به المكابرة أو المقصود به فقط إظهار العلم مثلا أو شيء من الأغراض الأخرى، لكن إذا قصد به إظهار الحق وقصد به إقامة الحجة فهذا لا شك أنه مشروع في هذه الحالة، فكل واحد منهم ـ يبدي ما لديه من الحجة، وإذا يعني تبين أن حجة هذا أقوى لزم الآخر مثلا أن يتبعه ديانة، ولزم الآخر أيضا يعني أن يلزم مثلا يعني من كانت حجته أقوى مثلا يلزم الطرف الآخر أن يتبعه ويوافقه، ولا يحل له مثلا أنه بعد أن تبين له أن حجة فلان أقوى من حجته لا يحل له في هذه الحال مثلا أن يتمسك برأيه، لكن الجدال المذموم هو الذي لا يقصد به شيء من ذلك.

يقول يحيى من أكثم -قاضي أهل السنة في عهد المأمون- يقول: سألني المأمون ذات مرة قال: لمن تركت بالبصرة من العلماء، فذكرت له علماء أجلاء من ضمنهم سليمان بن حرب -شيخ البخاري- وهو المحدث الجليل، وذكرت للمأمون ما هو عليه من العقل والرزانة والديانة، فقال المأمون: أحب أن أراه، قال فكتبت إليه أن اقدم إلى أمير المؤمنين، قال: فجاء سليمان بن حرب، ودخل على المأمون يقول يحيى بن أكثم، وكان في المجلس أحمد بن أبي دؤاد وثمامة بن أشرس وهما من كبار المعتزلة، يقول يحيى بن أكثم: فكرهت أن يدخل مثله في حضرتهم، فدخل على المأمون وسلم عليه فأكرمه وأجلسه بجانبه، وكان في المجلس هذان الرجلان يقول: فلما انتهى السلام والترحيب قال أحمد بن أبي دؤاد للمأمون: يا أمير المؤمنين، نسأل الشيخ، فنظر المأمون نظرة تخيير له، يعني كأنه يقول: يعني أنت وشأنك يعني ما أحببت، تسأل أم لا؟

ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[18 - 06 - 09, 09:42 م]ـ

لا حرج في هذا، فلما تهيأ أحمد بن دؤاد للسؤال قال سليمان بن حرب: إذن لي يا أمير المؤمنين روينا عن فلان عن فلان عن فلان أن رجلا قال لإياس القاضي أسألك فقال: "إن كانت مسألتك لا تلحق الجليس ولا تزري بالمسؤول فسل"، وروينا عن فلان عن فلان أن رجلا قال أن ابن شبرمة كان يقول: "من المسائل لا ينبغي للمسؤول أن يسأل عنها ولا ينبغي للسائل أن يسأل عنها فإن كانت مسألتكم يا أمير المؤمنين ليست من هذا فليسألوا" قال يحيى بن أكثم: "فهابوه فوالله ما نطق أحد منهم بكلمة حتى قام" الشاهد من هذا يعني أن الجدال قد يكون يعني محمودا، وقد يكون مذموما بحسب الحالة، بحسب الواقعة.

بأيهما يبدأ طالب العلم بعلم الأصول أم بعلم الفقه

ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[18 - 06 - 09, 09:43 م]ـ

بقي معنا الإشارة -أيها الإخوة- هل الأصول خاصة بالمجتهد يعني دراسة علم الأصول خاصة بالمجتهد أو يستفيد منها من هو طالب العلم مثلا، الحقيقة دراسة علم الأصول ليست خاصة بالمجتهد، بل يستفيد منها طالب العلم في الترجيح وإدراك القول الراجح بناء على ما عرف من قواعد أصولية فليست خاصة بالمجتهد.

أيضا فلا بد من الإشارة إلى مسألة وهي بأيهما يبدأ طالب العلم؟ هل يبدأ بالأصول بدراسة الأصول أم يبدأ بدراسة الفقه.

بعض العلماء قدموا هذا على هذا لكن التحقيق لهذه المسألة أولا نقول: إن ما كان من قبيل فرض العين وهو معرفة أحكام الطهارة ومعرفة أحكام الصلاة، وحفظ بعض القرآن التي تصح به الصلاة، ومعرفة أحكام الزكاة إذا كان ذا مال وجبت عليه الزكاة، وأحكام الصيام إذا كان وجب عليه، وأحكام الحج إذا كان وجب عليه، وأحكام المعاملات التجارية إذا كان صاحب تجارة ويحتاج إلى معرفتها، فإن هذا من قبيل فرض العين الذي لا يجوز تأخيرها.

ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[18 - 06 - 09, 09:44 م]ـ

أما ما عدا ذلك مما هو من فروض الكفايات كدقائق علم الفقه ومسائل الأصول وغيرها من العلوم التي هي من قبيل فرض الكفاية فهذا الذي يظهر -والله أعلم- أنها يعني ينظر فيها من حيث التقديم هل يقدم هذا على هذا؟ إلى ما يحقق الاستفادة، ما يحقق الاستفادة بالنسبة للطالب ينبغي أن يقدم؛ لأن ما يحقق الاستفادة فيه حفظ للوقت والمسلم مأمور بحفظ الوقت، فكل ما كان يحقق الاستفادة بشكل أكبر عندئذ نقول ينبغي أن يقدم، وقد يظهر -والله أعلم- أن دراسة علم الفقه أولا تحقق الاستفادة من علم الأصول أكثر، فإذا كان يعني هذا هو الواقع وهذه هي الحالة فبهذه الحال نقول: إن الإنسان يبدأ بعلم الفقه قبل علم الأصول، أما إذا كان أن دراسة علم الأصول أولا تحقق الاستفادة من الفقه أكثر أو تحقق الاستفادة من الأصول أكثر ففي هذه الحال يبدأ كما قلت يعني القاعدة في هذا أو الذي ينبغي أن يقال أن ما كان يحقق الاستفادة ينبغي أن يؤخذ به.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير