تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مشكورة في تنقيح مسائل الأصول مما علق بها من مسائل الكلام.

الإمام الغزالي -أبو حامد- عاب على مؤلفي الأصول إدخال علم الكلام في الأصول، ثم لما ألف كتاب "المستصفى" هو وقع في شيء من ذلك، فوضع مقدمة منطقية وأدخل فيها شيئا من علم الكلام، ثم اعتذر عن ذلك وقال: حقيقة أنا انتقدت من أدخل علم الكلام لكنني وقعت في هذا؛ لأن الفطام عن المألوف شديد.

أيضا يلاحظ دارس علم الأصول أن علم الأصول أو مؤلفات الأصول قواعد من غير أمثلة، الأصوليون يقررون القاعدة ويستدلون لها ويوردون الاعتراضات الواردة عليها ويدفعونها ولا يأتون بأمثلة عليها إلا من باب ضرب المثال فقط، يعني ما يأتون بفروع فقهية إلا من باب ضرب المثال الذي وضح القاعدة، وهذا حقيقة يعني قد يكون أكثر فائدة لو أنه وضعت القاعدة الأصولية ثم وضع ما ينبني عليها من مسائل فقهية؛ فيكون أسرع فهما للطالب وأكثر إفادة، لأن كون القاعدة الأصولية بمعزل والفروع الفقهية بمعزل يعني قد ما يحقق الفائدة الكبرى للطالب.

أيضا يلاحظ -أيها الإخوة- دارس علم الأصول أن أثر دراسة علم الأصول ليست سريعة، هذا ملاحظ يحتاج إلى سنوات حتى تظهر أثر هذه الدراسة بخلاف علم الفقه، علم الفقه الذي هو الغاية والثمرة دراسته أثرها سريع؛ ولهذا -أيها الإخوة- لو أن إنسانا مثلا قرأ مسألة من مسائل الفقه وضبطها، ثم جاء إنسان مثلا وسأله عن حكمها مثلا أمكنه أن يقول مثلا: والله لو يعني تبيانا لأنه راجح من أقوال العلم كذا وكذا، مثلا لو جاء إنسان وسأله عن مسألة مثلا زكاة الحلي المعد للاستعمال بعد أن يكون يعني عرف ترجيحات العلماء مثلا، أمكنه أن يقول مثلا: والله حقيقة الذي ظهر لي مثلا أن العلماء مثلا رجحوا مثلا وجوب الزكاة، أو رجحوا عدم وجوب الزكاة، على يعني ما ظهر له من الترجيح، لكن دراسة علم الأصول لأ تحتاج إلى وقت أولا يحتاج إلى أنه محيط مثلا بالكتاب، ثم إحاطة بالسنة ثم يطبق هذه القواعد الأصولية على الآيات والأحاديث فعند ذلك تظهر الثمرة.

علم الجدل وعلم الأصول

بقي معنا الإشارة إلى أن علم الأصول أو علماء الأصول يدخلون أحيانا علم الجدل مع علم الأصول، وهذا واضح في عنوان كتاب الإمام أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة روضة الناظر، فهذا الكتاب الذي هو مقرر على جميع كليات الشريعة، وقل أن تجد طالبا شرعيا إلا وقد مر على هذا الكتاب، المؤلف -رحمه الله -سمى كتابه روضة الناظر وجُنة المُنَاظِر، ما معنى جنة، بمعنى وقاية ودلالة، فهو يعني وقاية ودرع لمن يعني يخوض غمار المناظرة.

ولا شك -أيها الإخوة- أن المناظرة والجدال مشروعة إذا كانت بالتي هي أحسن ففي قوله تعالى: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فالجدال والمناظرة نوعان: نوع مذموم ونوع مشروع، المذموم ما كان لا يقصد به إحقاق الحق، أما المقصود به المكابرة أو المقصود به فقط إظهار العلم مثلا أو شيء من الأغراض الأخرى، لكن إذا قصد به إظهار الحق وقصد به إقامة الحجة فهذا لا شك أنه مشروع في هذه الحالة، فكل واحد منهم ـ يبدي ما لديه من الحجة، وإذا يعني تبين أن حجة هذا أقوى لزم الآخر مثلا أن يتبعه ديانة، ولزم الآخر أيضا يعني أن يلزم مثلا يعني من كانت حجته أقوى مثلا يلزم الطرف الآخر أن يتبعه ويوافقه، ولا يحل له مثلا أنه بعد أن تبين له أن حجة فلان أقوى من حجته لا يحل له في هذه الحال مثلا أن يتمسك برأيه، لكن الجدال المذموم هو الذي لا يقصد به شيء من ذلك.

يقول يحيى من أكثم -قاضي أهل السنة في عهد المأمون- يقول: سألني المأمون ذات مرة قال: لمن تركت بالبصرة من العلماء، فذكرت له علماء أجلاء من ضمنهم سليمان بن حرب -شيخ البخاري- وهو المحدث الجليل، وذكرت للمأمون ما هو عليه من العقل والرزانة والديانة، فقال المأمون: أحب أن أراه، قال فكتبت إليه أن اقدم إلى أمير المؤمنين، قال: فجاء سليمان بن حرب، ودخل على المأمون يقول يحيى بن أكثم، وكان في المجلس أحمد بن أبي دؤاد وثمامة بن أشرس وهما من كبار المعتزلة، يقول يحيى بن أكثم: فكرهت أن يدخل مثله في حضرتهم، فدخل على المأمون وسلم عليه فأكرمه وأجلسه بجانبه، وكان في المجلس هذان الرجلان يقول: فلما انتهى السلام والترحيب قال أحمد بن أبي دؤاد للمأمون: يا أمير المؤمنين، نسأل الشيخ، فنظر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير