تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بعض العلماء أخذ بحديث النهي، الحنابلة -رحمهم الله- ما يجيزون، ما يرون مشروعية تحية المسجد في وقت النهي، والشافعية -رحمهم الله- أخذوا بعموم حديث تحية المسجد، وقالوا: إن عمومه أقوى. رجحوه، عمومه أقوى لماذا؟ قالوا: لأن النهي عن الصلاة بعد صلاة العصر خولف، خص منه، كقضاء الفائتة وصلاة الجنازة وغيرها، فلما أنه أخرج بعض أفراده ضعف عمومه، وحديث تحية المسجد باق على عمومه لم يخص منه شيء، والقاعدة على أن: "كل شيء باق على عمومه، أقوى من الذي أخرج بعض أفراده".

حديث تحية المسجد لم يخص منه شيء، وحديث: لا صلاة بعد صلاة العصر خص بقضاء الفائتة، وخص بصلاة الجنازة، وخص بأمور كثيرة، وبركعتي الطواف، خص منها، فيقول: لما أنه خص حديث: لا صلاة بعد صلاة العصر ضعف عمومه؛ لأنه دائما القاعدة على أن العام يضعف بكثرة المخرج منه، فلما أنه ضعف عمومه، أصبح عموم "إذا دخل أحدكم المسجد" أقوى منه فرُجح.

بقي معنا الإشارة إلى أنه أحيانا يتعارض بعض المقاصد أو بعض الأحكام، مثل: التعارض مثلا بين القرب مع الإمام وبين إدراك الركعة، أحيانا تدخل المسجد، المسجد كبير جدا مثلا، وفيه صفوف كما يحصل مثلا في الحرم: فيه صفوف عند الباب، فيه صفوف في الرواق، فيه صفوف في الصحن، فإن أنت مثلا مشيت والإمام يقرأ، دخل في الصلاة والإمام يقرأ، ومشيت، قد تصل الصحن اللي هو أقرب للإمام مثلا والإمام قد ركع، ففاتتك قراءة الفاتحة، وقد يكون فاتتك تكبيرة الإحرام، وإن صليت في المكان الذي يليك، التي تجوز فيه الصلاة، يعني مع أول صف تجوز به الصلاة، فأنت أدركت جزءا كبيرا مع الإمام، لكنه فاتتك القربة، فأيهما يقدم؟

هذا من باب التعارض، يعني تعارض ما بين أحكام أو بين مقاصد؟ ها، ما الذي يقدم في هذه الحالة؟ تستمر ماشيا حتى تدرك، تكون قريبا مع الإمام؟ ولّا تصلي في المكان الذي يليك جنب الباب مثلا، كما يحصل في المساجد الكبيرة: كالحرم المكي، أو المسجد النبوي؟ ها .. الشيخ، عندك شيء؟

يتقدم ويستفيد، ولو فاته جزء من الصلاة مع الإمام، طيب يتقدم لكنه -يعني- يؤدي الذي عليه، يعني قد لا ينغلق الصف، قد يكون ... لكن يؤدي الذي عليه، يؤدي الذي عليه من حيث ... وإن بقي الصف محفوظا. الشيخ يقول -يعني-: الآن القرب من الإمام وسد الصفوف "سد الفجوات" وهناك سيستفيد أو سيحصل له جزء كبير من الصلاة مع الإمام.

فيه قاعدة ذكرها العلماء في هذا، وهو أن: "ما كان من داخل الصلاة مقدّم على ما كان من خارج الصلاة". ما كان من داخل العبادة مقدم على ما كان من خارج العبادة، فالقرب من الإمام أو سد الفجوة، هل هو من داخل الصلاة ولّا من خارج؟

من خارج، وإدراك جزء من الصلاة مع الإمام، هل هو من خارج الصلاة ولّا من داخل؟ من داخل. ففي هذه الحال، بناءًا على هذه القاعدة نقول: الأولى له أن يصلي في المكان الذي يليه؛ لأنه سيحصل له إدراك أكبر جزء مع الإمام وهو من داخل الصلاة، أما القرب فهو من خارج الصلاة.

بقي معنا الإشارة إلى مسألة التعارض، أحيانا في القواعد "تعارض القواعد" فمن القواعد الفقهية المعروفة: الأصل براءة الذمة، اليقين لا يزول بالشك، والأمور بمقاصدها، العادة محكمة، الضرر يُزال، الاجتهاد لا يرفع بالاجتهاد، الدفع أولى من الرفع، الميسور لا يسقط بالمعسور ... وغير هذه القواعد، لكن لو أن إنسانا مثلا دهس بسيارته ملفوفا، ما يدري ما هو فدهسه، ثم تبين له أنه رجل، أي إنه إنسان، فجاء أهل الميت هذا وقالوا: أنت تسببت في موت قريبنا؟ فهنا فيه قاعدة بالنسبة للسائق: "الأصل براءة الذمة" أو نقول: "العبرة في كل حادث تقديره بأقرب زمن" أو "الأصل بقاء الحياة" الأصل بقاء الحياة يعني: يفترض أنه مثلا ما كان ميتا، أنه كان حيا؛ لأنه كان حيا فيما مضى، هذا الأصل، الأصل أنه حي، ما نحكم بأنه ميت، الأصل بقاء الحياة، فإذا قلنا عملنا بالأصل بقاء الحياة، يكون يلزم السائق. وإذا عملنا بقاعدة: "الأصل براءة الذمة" عندئذ ما يلزم السائق شيء، فإذا تعارضت قاعدتان، يعمد إلى مرجح آخر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير