تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[النقاء]ــــــــ[30 - 09 - 09, 10:45 م]ـ

سبق أن سقت لك قول سيدي عبدالله -رحمه الله_ صاحب المراقي حيث قال:

أو جهل الحكم أو النطق انجلب** للسؤل أو جريٍ على الذي غلب

يعني بذلك أن من الموانع التي تمنع اعتبار مفهوم المخالفة من اللفظ هو أن يكون اللفظ جاء جريا على الغالب، أي حكاية للواقع الغالب في حصول موضوع المسألة، بالتالي يعلم الفقيه من هذا قرينة على أن المتكلم لا يريد إثبات حكم للمفهوم عكس الذي للمنطوق، وبالمثال يتبين المقال!

هو ما تلوتموه من قوله تعالى {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن}

منطوق الآية: تحريم الربيبة التي في حجر زوج أمها إن كان قد دخل بأمها.

هذا المنطوق فيه مفهومان:

مفهوم الصفة للربيبة وهي أن تكون في الحجر

ومفهوم الصفة لأمها وهي أن تكون مدخولا بها.

والذي يعنينا في المسألة هو المفهوم الأول، وهو كون الربيبة في حجر زوج أمها، فهذه الصفة خرجت مخرج الغالب،لأن غالب البنات إذا تزوجن أمهاتهن أن تتربى في حجر زوج أمها، وبالتالي فالصفة هنا لم تأتِ لتقييد الحرمة، وإنما أتت حكاية لواقع غالب،

وبالتالي فمن فهم مفهوم المخالفة من هذا الصفة فقال: إن الربيبة لا تحرم على زوج أمها إلا توفر شرطان:

أن تتربى في حجر زوج أمها، وأن يكون الزوج قد دخل بأمها ... فهذا فهم غير صحيح لأن مفهوم المخالفة من الصفة الأولى مُلغى لأن الصفة خرجت مخرج الغالب وليس للتقييد.

و من قال: إن الربيبة يحرم تزوجها إذا دخل الرجل بأمها سواء تربت في حجره أم لم تتربَّ في حجره ... فهذا فهم صحيح لأنه ألغى مفهوم الصفة التي خرجت مخرج الغالب.

وهنا تنبيه، وهو أن الحنفية لم يخالفوا في جميع مفهوم المخالفة، يُراجع في ذلك كتب الأصول.

وفق الله الجيع لطاعته

ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[30 - 09 - 09, 10:48 م]ـ

جزاكم الله خيرا .. كفيتم ووفيتم .. بورك فيكم

ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[30 - 09 - 09, 11:03 م]ـ

الأمثلة كثيرة جداً على هذه القاعدة: (النص إذا خرج مخرج الغالب لم يعتبر مفهومه) ..

ومعناها: أن النص إذا قُيِّد بوصف ليس مراداً وإنما ذُكِر لأنه الغالب، فإننا لا نأخذ بما دل عليه المفهوم ونطرحه.

وإليك بعض الأمثلة:

1 - قوله تعالى: ((وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا))

قال بعضهم: "إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا" خرجت مخرج الغالب حال نزول الآية؛ فإن في مبدأ الإسلام بعد الهجرة كان غالب أسفارهم مخوفة ..

فلا يعتبر المفهوم الذي هو: إن لم تخافوا أن يفتنوكم فعليكم جناح أن تقصروا من الصلاة.

2 - وقوله تعالى: ((وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا))

قال الحافظ ابن كثير: (قوله: {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} هذا خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له).

3 - وقوله تعالى: ((لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً))

قوله: ((كرها)) خرج مخرج الغالب؛ فلا يعتبر مفهومه الذي هو: يحل لكم أن ترثوهن إذا لم يكرهن.

4 - قول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ فَبَاتَ غَضْبَانَ لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ}

قوله (حتى تصبح) خرج مخرج الغالب؛ فلو دعاها بالنهار فإنه يجب عليها إجابته وإلا كانت داخلة في الوعيد.

5 - قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في فتح الباري: (قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذاسمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، ولا تسعوا))

أمر بالمشي ونهي عن الإسراع إلى الصلاة لمن سمع الإقامة، وليس سماع الإقامة شرطاً للنهي، وإنما خرج مخرج الغالب؛ لأن الغالب أن الاستعجال إنما يقع عند سماع الإقامة خوف فوت إدراك التكبيرة أو الركعة).

6 - وقال الجمهور في قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تأكلوا في آنية الذهب والفضة ولا تشربوا في صحافهما)):

إن النهي عن الأكل والشرب هنا خرج مخرج الغالب؛ لأن غالب استعمال الآنية يكون في الأكل والشرب .. قالوا: فلا يعتبر المفهوم الذي هو: جواز بقية الاستعمالات كالتطهر منها والاكتحال، فحرموا جميع أوجه الاستعمال.

وقد يقال: كيف نعرف إن كان خارجاً مخرج الغالب أو أن المفهوم معتبر؟!

والجواب: أن السياق والقرائن، والنصوص الأخرى أحياناً، ولغة العرب أحياناً .. إليهن المرجع في هذا الأمر.

وخذ على ذلك أمثلة:

-حديث: " الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله " أحمد وأبو داود

قال الشوكاني: هذا الوصف خرج مخرج الغالب باعتبار من ظهر منه الزنا. أهـ

لأن المجلود، وغير المجلود الذي عُرِف بالزنا سيان

ويؤيد هذا نص الآية: ((الزاني لا ينكِح إلا زانيةً أو مشركة)).

-حديث: (لا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ)

هل هذا الوصف (الركوب) مقصود هنا أم خرج مخرج الغالب؟

يقال: خرج مخرج الغالب؛ لأن الراجل في معنى الراكب هنا، فالمشاة والركبان سواء في نهي الناس عن تلقيهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير