وأسْأَلُ التوفيقَ والإِعانَهْ=في شَأنِهِ من ربِّنا سبحانَهْ
(المقدمة الأولى)
إن أصول الفقه قطعياتُ=لأنها للشرع كُليَّاتُ
وذا بالاستقراءِ يستبينُ= وما كذا فشأنُهُ اليقينُ
بيانُهُ اسْتِقْرا وتأبي الشرعِ=لحكمه كذاك وهو مرعي
أو من دليل العقل منه للقطعِ=أو جهة المجموع وهو قطعي
ومع ذا لو لم تكن قطعيَّهْ=لاتّصفت بأنها ظنيَّهْ
ولو أجيز الظنُّ في كليَّهْ=لجاز في الكلية الأصليَّهْ
وذاك عادةً محالٌ أصلُهْ=فكلُّ ما أدَّى إليه مثلُهْ
هذا ولو جاز سوى اليقينِ=فيها لجاز في أصول الدينِ
وما كذاك تلك باتفاقِ=فلينجز حكم القطع بالإطلاقِ
فهي لدى الشرع أصول مثلها=فشأنها متحد وأصلها
والقصد كلياته المشهورهْ=تحسينًا اَوحاجةً اَو ضرورهْ
وهْي التي قد ضمن الحفظ لها=وأخبر الله بأن أكملها
فالحفظ والإكمال للكُلِّيِّ=دليله تخلُّفُ الجزئيِّ
وقد نفى القاضي عن الأصول=ما ليس قطعيًا على التفصيلِ
مثل تفاصيل الحديث والعلل=وغيرها مما على الظن اشتملْ
واعتذر الإمامُ عن إدخالِه=فيها لأن القطع من تابه
فهو إن ألفي غير قطعي=يرجع في المفتى لحكم القطع
قال الإمام المازري إنه=لا وجه أن حوشي ذا مهنته
فهي قوانين استقر حكمها=في غيرها فصح فيها رسمها
قال ومن أبي المعالي يحسن=إخراجها منها وهذا بيِّنُ
إذ الأصول عنده الأدلهْ=وهي بحكم القطع مستقلهْ
كما رأي القاضي لا يحسن به=إخراجها تمسكًا بمذهبه
حيث أصول الفقه ليست عنده=إلا أصول العلم فيما حَدَّهْ
وليس بين الأصل والقانون=فرقٌ فلا بدّ من اليقين
وما من الأصول ظنِّيًّا يقعْ=مثل التفاصيل فآتٍ بالتَّبَعْ
(المقدمة الثانية)
ذا العلم ذو أدلَّةٍ كليَّهْ=عقليَّةٍ عاديَّةٍ سمعِيَّهْ
فما أتى دليلاً اَوْ مقدَّمَهْ=فيه فبالقطع تكون مُعْلِمَهْ
وأشرف الأدلَّةِ السمعيَّهْ=ما كان ذا دلالةٍ قطعيَّهْ
تواترتْ لفظًا عليه يُبْنى=أو ما له تواترٌ في المعنى
أو ما استفدناهُ من استقراءِ=موارد الشريعة السمحاءِ
وحكمُ كلِّ ذاك في الدلالهْ=وجوبٌ أو جوازٌ أو إحالَهْ
ويلحق الوقوع في الجميع=بهذه وعدم الوقوع
وكونه حجةً او لا ذالكا=يوخذ وقوعه كذالكا
وما على الصحة والعكس اشتملْ=مرحعه إلى الثلاثة الأُوَلْ
وكونه من جملة الأحكامِ=ليس من الأصول بالإلزامِ
من حيث كونها أصولا والذي=يدخلها خلا العلوم يحتذي
(المقدمة الثالثة)
لا تدخلُ الأدلَّةُ العقليَّهْ=ذا العلم إلا تخدك النقليَّهْ
فالعقل في المشروع لا مجال لهْ=إلا بقدر النقل فيما احتملَهْ
إذًا فقد صحّ من السَّمعيَّهْ=بأنها دلالة الشَّرعيَّهْ
ويذر القطعي في آحادِ=أدلَّة السَّمعِ في الانفرادِ
لأجل أن قطْعَها موقوفُ=على أمورٍ ظنّها معروفُ
منها طريق النقل للُّغاتِ=ومقتضى مذاهِبِ النُّحاةِ
وما به الترتيب ذو امتيازِ=وفقد الاشتراك والمجازِ
والنسخ والمعارض العقلي=والنقل للشرعيِّ والعاديِ
والحذف والتقييد والتخصيصِ=بل يستفادُ القطع من نصوصِ
تظافرَ استقراؤها في معنَى=فجاوت للقطع فيه الظنَّا
فالاجتماعُ فيه بالإطلاقِ=ما لا يكون مع الافتراقِ
وهو كذا تواترٌ في المعنى=كجود حاتمٍ بحيثُ عنَّا
شأن ثبوت القطع بالصَّلاةِ=والحج والصيامِ والزكاةِ
وعدمُ اعتبار هذا أدّى=قومًا لأن هدُّوا النصوص هدَّا
وفي اعتباره في الاستدلال= رَفْعٌ لما يَعْرِضُ مِنْ إشكالِ
ألا ترى الخمسَ الضَّروريَّاتِ=معلومة القطع على النَّاتِ
لا بدليل واحدٍ معيَّنِ=بل جملة أفضت إلى التيقُّنِ
وسائر القواعد الشَّرعيَّهْ=بهذه المثابة المرعيَّهْ
وباعتبار حالة المجموع=تباين الأصول للفروع
واعلم بأن كل أصل شرعي=ملايم تصرفات الشرع
لم يشهد النَّص على اليقينِ=له صحيح في أمور الدين
مرسل الاستدلالِ هذا أصلهْ=لمالكٍ والشّافعيّ نقله
وأصل الاستحسان مثل ذلكْ=وهو على رأي الإمام مالكْ
تقديمه مرسل الاستدلالِ=على القياس الثابت الإِعْمالِ
(المقدمة الرابعة)
كُلُّ مَنُوطٍ بأُصُولِ الفِقْهِ=لا يَبْتَنِي عليه فرعٌ فِقْهِي
فإنَّ جَعْلَهُ مع الأصولِ=مِنْ جُملةِ التَّشْغيبِ والتَّطويلِ
كمثلِ لا تكليفَ عند الشَّرْعِ=إلا بفعلٍ وابتداءِ الوضعِ
والأمر للمعدوم والرسولُ هلْ=كان له تعبُّدُ شرع الأُوَلْ
وليس باللازم أن يكون ما=عليه فقهٌ يبتني لها انتما
كالنَّحو والبيان والتَّصريفِ=وكالمعاني الآتي في الحروفِ
¥