وكل ما أشبهه في حكمه=ممَّا انقضى البحث به في عملِهْ
لكن هنا مسألةٌ خطيرهْ=وفي الأصول عندهم شهيرهْ
وهي القرآن عَرَبيٌّ كُلُّهُ=كذلك السنَّةُ أيضًا مثلُهُ
من جهة الألفاظِ والمعانِي=ومقتضى أساليب البيانِ
ليس الكلامُ في المعرَّباتِ=وكلُّ ذا بيانُهُ سياتي
وما من الأصولِ فيه يُخْتَلَفْ=والخلف لا يأتي بفقه مؤتَنَف
فالأخذُ بالتَّصحيحِ والتَّزييفِ=مواقعَ الخلف من التَّكلُّفِ
كالفرضِ تخييرًا أو الممنوع=وحالة الكفار في الفروع
(المقدمة الخامسة)
ما ليس يَبْتَنِي عليه عمل=أو اعتقادٌ منعُه لا يشكل
دليلُه أنَّا رأينا الشرع لا=يسمح فيما لا يفيدُ عملا
وذا له من أوضح الأدلَّهْ=جواب من سأل عن الأهلَّهْ
وَرُبَّما قد يفهم امتناعَه=جوابُ جبريل عن اَمْرِ السَّاعَهْ
وقد أتى النَّهيُ عن السُّؤالِ=عن غير ما يُفيدُ في الأعمالِ
وعدمُ اسْتحسانه من أوجه=منها التشهي وهو عنه قد نهي
والخوضُ فيما شأنه لا يعني=وأنه شغلٌ بما لا يعني
وإنَّه داعية النُّفورِ=مظنَّةُ الفتنة والغرورِ
ولا ينالُ العلمُ باستغراق=مطلبٌ شرعًا على الإطلاقِ
وإنَّهُ قد قال بعض الناسِ=ما في العلوم كُلِّها من باسِ
وإنَّها فرضٌ على الكفايهْ=فينبغي أن تقتفى درايهْ
وحضَّ جلَّ وعلا على النظرْ=في ملكوته وذاك معتبرْ
والعلم بالتفسير مطلوبٌ وقدْ=يكون فيما لا لتكليفٍ وَرَدْ
لأنَّنا نقول ليس الأمرُ=كذاك والمطلوب ذاك القدرُ
وما أتى في ذاك من تنصيصِ=محتمل التقييد والتخصيص
والفرض ممَّا ذمَّ في العلومِ=العلم إنه من المذموم
ورد كل فاسد ممنوع=بمقتضى ما جاء في المشروعِ
وقصّة الردّ لسحر السّحرهْ=بغير ما جاءوا به معتبرهْ
وقد يكون مثل هذا الحكم=على يدي ولي ان ذي العلم
وما بداخل في الاعتبارِ=بكل ما بذا من الآثار
تتبّع الأمر العسير في الطلب=وكل ما لا عهد فيه للعرب
فإنَّ ذا من عادة الفلاسفهْ=وهْي لسنَّة الهدى مخالفهْ
وما من التفسير فيما لم يقعْ=في ضِمْنِه التكليف فهْو بالتَّبَعْ
لذاك لم يسأل عن الأبّ عُمَرْ=وعن تحوُّفٍ سؤالُهُ صَدَرْ
وكل ما توقف المطلوبُ=عليه فهو مثله مطلوبُ
كالنَّحو واللُّغاتِ والتَّفسيرِ=وذا سيأتي بعدُ في التقريرِ
(المقدمة السادسة)
............
كتاب المقاصد
زهْي على قسمين في التعرف=من جهة الشارع والمكلَّفِ
ولنضع الآن لها مقدَّمَهْ=من الكلام تُقتفى مسلَّمَهْ
قدْ صَحَّ وضعُ الشرع للمصالحِ=دينًا ودنيا بالدليل الواضحِ
ممَّا أتى في معرض التعليل=بِحَسَب الجملة والتفصيلِ
وذاك مِنَّةٌ على العبادِ=مقرونةٌ بنعمة الإيجادِ
وهو من استقرائه في الشرع=بحيث أن يبلغ حكم القطعِ
القسم الأول في المقاصد من جهة الشارع
وفصل في الوضع للشروع=معتبرٌ من جهة التنويعِ
للبدء والإفهام والتكليف=وللدخول بعدُ في التكليفِي
النوع الأول في بيان قصد الشارع في وضع الشريعة ابتداءً
وفيه مسائل، المسألة الأولى
ومرجع التكالِفِ الشرعيَّهْ=الحفظ للمقاصد الكليَّهْ
وانقسمت إلى الضَّروريَّاتِ=وما لتحسينٍ وحاجباتِ
وهْيَ تعبُّداتٌ اَو عاداتُ=ومعْ جناياتٍ معاملاتُ
فكلُّ ما قامت على التَّعيينِ=مصالحُ الدنيا به والدينِ
فهو الضَّروريَّاتُ والخمس الأول=وأَمرُهُنَّ اتفقت فيه المِلَلْ
لأجل حفظ الدين ثمَّ العقل=والنفس والمال وحفظ النسلِ
وحفظها من جانبين يُلْتَزَمْ=من جانب الوجود أو من العدمْ
أمَّا بما يؤذن بالصَّلاح=كالأكلِ والصَّلاةِ والنِّكاحِ
أو مُقْتَضٍ للدَّرءِ للفسادِ=كالحدِّ والدِّيَّاتِ والجهادِ
وبعدهُ الحاجيّ وهو المُفْتَقَرْ=إليه من حيثُ مصالح البشَرْ
تَوَسُّعًا فيما لإليه احوجُّوا=مع رفع ما ينشأ عنه حَرَجُ
ثمَّ المحسِّناتُ بالإطلاقِ=ماكان من مكارم الأخلاقِ
(المسألة الثَّانية)
وانضمَّ للثلاثة المقاصدِ=ما هو تتميمٌ لكل واحدِ
كأجرة المثلِ ومنع النَّظَرِ للاجنبيّ وقليل المسكرِ
وكاعتبار الكفء في ذي الصِّغَرِ=والجمع بين القربتين في السَّفَرِ
واذب الاحداب والتَّحسيني=تتمَّةٌ لغيره في الدينِ
كمِثلِ ما الحاجيُّ في أمورِ=مُكمِّلٌ لحكمة الضَّروري
(المسألة الثالثة)
والشَّرطُ في تَتِمَّةٍ أن لا تُرا=مُبْطِلةً أصْلاً لها تقرَّرَ
فإنَّ الابطال لأصل التَّكْمِلَهْ=يُبْطِلُهَا فلا تُرى مُكَمِّلَهْ
(المسالة الرابعة)
ثُمَّ الضَّروريُّ من المقاصدِ=أصْلٌ لغيره من القواعدِ
¥