تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا يكون أَخَصّ منه؛ كتعريف الكلمة بأنها اسم فقط، فهذا يجعل المخاطَب كذلك يخرج من تصوره جزيئات من المعرَّف - الكلمة -؛ كالفعل والحرف، من التعريف، فهو غير جامع للمعرَّف.

ولا يكون مباينا له: لعدم صدقه عليه؛ إذ هو غير متناول لأي فرد من أفراده، كتعريف الحجر بأنه سائل يروي ظمأ العطشان.

2 - أن يكون أَجْلى وأوضح من المفرد التصوّري الذي نشرحه؛ فإنْ كان أخفى منه، فإنّ المخاطب لن يستفيد شيئا من شرحنا وتعريفنا له، بل يبقى في جهالته، كتعريف الأسد للأعجمي بأنه الغضنفر، فالتعريف هنا أبعد وأخفى أو مماثل في الخفاء للمخاطَب.

وأحب أن أنبه على أن الخفاء والجلاء أمران نسبيان، تتفاوت فيهما العقول والمدارك، فرب شيء تراه خفيا وهو عند غيرك من الواضحات.

3 – ألا يتوقف العلم بالتعريف على العلم بالمعًّرف؛ إذ المعرِّف يجب أن يكون سابقا بالمعرفة على المعرَّف، كتعريف العلم: بأنه معرفة المعلوم على ما هو به؛ لأن المعلوم مشتق من العلم، والمشتق لا يُعرف إلا بعد معرفة المشتق منه، وهذا ما يطلق عليه الدور السبقي.

أو كتعريف الشمس بأنها كوكب نهاري؛ فإنه لا تُعرَف الشمس إلا بعد معرفة النهار، ولا يعرف النهار إلا بعد معرفة الشمس، فتوقف معرفة كل واحد منهما على الآخر.

ولكن قد يكون المعَّرف معلوما للسامع لغة، إنما الجهل في المعنى الاصطلاحي، فهذا لا حرج في ذكره بالتعريف، كما قال النبي ? حينما سأله جبريل ?عن الإيمان؟ فقال: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ (23)»

قال الطوفي (24): إنّا لا نسلم أن هذا من باب تعريف الشيء بنفسه؛ وإنما هو من باب تعريف الشرعي باللغوي؛وذلك أن الإيمان في اللغة التصديق، وفي الشرع تصديق خاص، وهو التصديق بالله عز وجل وما ذكره بعد. فكأنه قال: الإيمان شرعا هو التصديق بهذه الأشياء أو الإيمان الشرعي هو الإيمان اللغوي بهذه الأشياء.

ما يُتجنب في التعريف (25):

1 – الألفاظ الغريبة للسامع، كتعريف الخمر بأنها الخندريس (26).

2 – المجاز الخالي عن القرينة، كتعريف العالم بأنه بحر يحافظ على الصلاة، فكلمة بحر مجازية، ويحافظ على الصلاة قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي فقط، وليست قرينة معينة للمراد.

3 – المشترك الخالي عن القرينة، كتعريف العَسْجد بأنه العين، فإن العين لفظ مشترك بين الذهب وعين الماء وعين الشمس والحدقة وغير ذلك، فالذي ينبغي أن يقال في تعريفه بأنه: الذهب (27).

3 – (أو) التي للتشكيك لا للتقسيم، كتعريف القِرءْ بأنه الحيض أو الطهر.

4 - تقديم الأخَصّ على الأعمّ، كتعريف الإنسان بأنه: ناطق حيوان

أقسام التعاريف:

تنقسم التعاريف إلى قسمين رئيسيين كما مرَّ بنا سابقا وهما:

(1) حدود.

(2) رسوم.

فالحدود هي التي تشتمل على الذاتيات (الجنس والنوع والفصل).

ومتى اشتمل التعريف على ذاتيات المعَّرف، فهو أكمل التعاريف وأتمها ويُسمَى الحد التام، وإذا اشتمل على بعض الذاتيات وكان هو الذي فصل المعَّرف وميّزه عن غيره؛ فهو يقع في المرتبة الثانية، ويطلق عليه الحد الناقص.

والتعريف بالحد يُعد أهم وأدق أنواع التعاريف، ولكنه من أصعب أنواعها؛ لأنه يتطلب ملاحظة دقيقة، ومقارنة بين أفراد المعَّرف، وتحليلا لصفاتها المختلفة؛ لمعرفة ما هو ذاتي منها فيؤخذ، وما هو غير ذاتي فيُترك؛ فربما أُخذ الجنس البعيد على اعتقاد أنه قريب، وربما اشتبهت اللوازم البينة للشيء بذاتياته، فيؤخذ مكان الذاتيات ثم يركب منها الحد (28). والذهن في كل ذلك غير منتبه لدقائق الفروق بين الذاتيات واللوازم البينة لتقاربها واشتباهها (29).

أما الرسوم فهي التي لم يشتمل التعريف فيها على شيء من الذاتيات، أو اشتمل منها على شيء؛ ولكن لم يكن به فصل الشيء المعرَّف وتمييزه عن غيره، وإنما اشتمل على عَرَضيات بها كان تعريف الشيء وتمييزه عن كل ما سواه. وسمي الرسم بهذا؛ لأن الرسم في اللغة الأثر (30)، والخاصة أثر من آثار الحقيقة التي تدل عليها وتميزها عن غيرها. ومرتبة الرسوم دون مرتبة الحدود.

والرسوم تنقسم إلى عدة أقسام؛ منها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير