تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومعنى هذه الحالة أن يكون النافي على علم بنفيه، فنفيه في هذه الحالة إثبات، لأنه إثبات للعلم بالعدم، ففي هذه يتساويان ويتعارضان ويطلب الترجيح بمرجح آخر.

قال المرداوي في "التحبير" (7/ 4189) وهو يشرح هذه الحالة:

" ومعنى إستناد النفي إلى علم بالعدم، أن يقول الراوي: أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل في البيت، لأني كنت معه فيه، ولم يغب عن نظري طرفة عين فيه، ولم أره صلى فيه، أو قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يصل فيه، أو قال: أعلم ان فلانا لم يقتل زيد، لأني رأيت زيدا حيا بعد موت فلان، أو بعد الزمن الذي أخبرني الجاني أنه قتله فيه، فهذا يقبل لأستناده إلى مدرك علمي، ويستوي هو والإثبات فيتعارضان، ويطلب المرجح من خارج." اهـ.

قال العبد الضعيف: أو كأن يحرص الراوي أو المخبر على تتبع أمر ما، فيثبت أمورا وينفي أمورا، فنفيه في هذه الحالة نفي بعلم، لأن الذي يتتبع الجزئيات ويدقق فيها فيثبت بعضها وينفي بعضها يستبعد أن يكون نفيه عن عدم علم، كما في نفي ابن عمر رضي الله عنه رفع اليدين حالة السجود كما سيأتي ان شاء الله تعالى. وهو مذهب الحنفية، وممن نص على ذلك إمام الحرمين أبو المعالي الجويني، وإليكا الهراسي، ورجحه ابن مفلح، والطوفي، وابن النجار، >ومن المعاصرين ابن عثيمين وغيرهم رحمهم الله.

قال الجويني في "البرهان" (2/ 1200):

" وهذا يحتاج إلى مزيد تفصيل عندنا، فإن كان الذي نقله النافي إثبات لفظ عن الرسول عليه السلام مقتضاه النفي، فلا يترجح على ذلك اللفظ الذي متضمنه الإثبات، لأن كل واحد من الراويين مثبت فيما نقله، وهو مثل أن ينقل احدهما أن الرسول عليه السلام أباح شيء، وينقل الثاني أنه قال: لايحل، وكلٌٌََُُُُ ناف مثبت في قوله ... " اهـ

وأما قول إليكا الهراس، فقد نقله الزركشي في "البحر المحيط" (6/ 173) فقال:

" ... وقال إلكيا: إذا تعارض رواية النفي والإثبات وكانا جميعا شرعيين، استفسر النافي فإن أخبر عن سبب علمه بالنفي صار هو والمثبت سواء، ولهذا لم يرجح الشافعي رواية نفي الصلاة على شهداء أحد على رواية الإثبات، لأن النفي اعتضد بمزيد ثقة، وهو أن الراوي جابر وأنس، والمقتول عم أحدهما ووالد الآخر ولا يخفى ذلك عليهما ... ".اهـ

وقال السمرقندي وهو يحرر مذهب الحنفية في "ميزان الأصول" (735):

" أما الأول-أي النفي الذي يعرف بدليله-فكقول النبي صلى الله عليه وسلم "ليس في الخضروات صدقة"، وروي "في الخضروات صدقة"، وكل واحد منهما ثبت بالنص، فلا يترجح المثبت، ولكن يصار إلى نوع آخر من الترجيح ... " اهـ

وأما قول ابن مفلح والطوفي فسيأتي ذكره

وقال ابن النجار في "الكوكب المنير" (4/ 685):

" ... وكذا حكم كل شهادة نافية استندت إلى علم بالمنفي، فإنها تعارض المثبة، لأنهما في الحقيقة مثبتتان، لأن إحداهما تثبت المشهود به، والأخرى تثبت العلم بعدمه." اهـ

وأبعد السمرقندي والسبكي والمرداوي أن يكون في هذا خلاف –أي في تساويهما وتعارضهما-

قال السمرقندي في "ميزان الأصول" (736)، بعد أن تكلم على النفي الذي يعرف بدليه، وقرر أنهما يتعارضان فلا يترجح المثبت عليه، قال:

" ... وعلى هذا القسم يحمل قول عيسى بن أبان، وينبغي ان لا يخالفه فيه الكرخي رحمه الله." اهـ.

وقال السبكي في الإبهاج (7/ 2825)، بعد أن نقل كلام الجويني السابق في تعارض النفي بعلم مع الإثبات، وتقديم الإثبات على النفي إذا لم يستند النافي لعلم، ثم قال:

" وهذا التفصيل حق، ولا يتجه معه خلاف في الحالتين، بل ينبغي حمل كلام القائل بالإستواء على الحالة الأولى، والقائل بتقديم الإثبات على الحالة الثانية، ولا يجعل في المسألة خلاف." اهـ

وقال المرداوي في "التحبير" (7/ 4189)، في تفصيله الكلام في المسألة:

" وقال ابن مفلح (والمراد ما قاله الفخر بن إسماعيل، وتبعه الطوفي في "مختصره"، إن استند النفي إلى علم بالعدم لعلمه بجهات الإثبات فسواء)، قلت-أي المرداوي-: وينبغي أن يكون هذا والذي قبله سواء، أعني بلا خلاف." اهـ

وقد اضطربت عبارة الزركشي رحمه الله في "البحر المحيط"، إذا قدم النافي المستند إلى العلم على المثبت في أول كلامه، ثم صرح بأنه كالمثبت، وجعله نظير المحصور في آخر كلامه

قال الزركشي في "البحر المحيط"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير