الثلاثي، والحرف الثالث في الرباعي، والحرف الرابع في الخماسي، حتى يكون الترتيب دقيقا. ومن أشهر أتباع هذه المدرسة الإمام الصغاني في معجماته المعلمات المشهورات: "التكملة والذيل والصلة" و "مجمع البحرين" و "العباب"، والفيروزأبادي في "القاموس" وابن منظور في "اللسان". ومع أن الفيروزأبادي أراد من تأليف القاموس منافسة الجوهري وإظهار عجزه وقلة بضاعته فإنه لم يستطع أن يبتكر سبيلا جديدة، بل اتبع الجوهري في النظام والترتيب والمنهج.
ومن المعاجم المعاصرة التي سارت على نهج الترتيب الألفبائي "المعجم الوسيط" الذي أصدره مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ويتلخص المنهج الذي نهجه مجمع اللغة العربية في ترتيب مواد المعجم فيما يلي:
- تقديم الأفعال على الأسماء.
- تقديم المجرد على المزيد من الأفعال.
- تقديم المعنى الحسيّ على المعنى العقلي، والحقيقي على المجازي.
- تقديم الفعل اللازم على الفعل المتعدِّي.
ـــــــــــــــــــــــ
أولا كتاب / المحيط
التأليف
أديب اللجمي-شحادة الخوري
البشير بن سلامة-عبد اللطيف عب
نبيلة الرزاز
المراجعة والتنسيق
أديب اللجمي-نبيلة الرزاز
تقديم
بقلم الأستاذ الدكتور محيي الدين صابر
المدير العام الأسبق للمنظمة العربية
للتربية والثقافة والعلوم
إن من الظواهر الإيجابيّة البنّاءة، في سياق السّعْي الثقافيّ العربيّ الواعد، ما نشهده من نشاط غنيّ نافع، يتجلى في الدراسات اللغويّة والموسوعيّة، وفي إصدار معاجم لغوية عربية - عربية، وأخرى ثنائية اللغة، عربية - أجنبية، وثالثة متخصِّصة في أحد ميادين المعرفة العلمية والفنيّة والتّقنيّة وسواها.
ومثل هذا النشاط هو، من ناحية، مواصلة لتقليد أصيل في العمل الفكري العربي. إِذ عُني العربُ، منذ البداية، بِلُغَتهم، وخصُّوها بخدمات لم تنلها أية لغة أخرى. فهي، إلى جانب عراقتها وإيغالها في القِدم، تتمتع بحيوية متجددة، وترتبط ارتباطًا عضويًا بالطبيعة والحياة. وهي، إلى هذا وذاك، لغة الإسلام، كرّمها الله فأنزل بها كتابه الحكيم، وجعلها اللغةَ الروحية للمسلمين كافة، بها يؤدُّون عباداتهم، وبها يَقرؤون القرآن في صلواتهم.
وانطلق أهلُ هذه اللغة من العرب، والناطقون بها من غير العرب، يعملون في وضع الضوابط لها، خشية من تفشّي اللّحن فيها، فجمعوا مفرداتها وتعابيرها من ألسنة البدو، وجمعوا الشعر من رُواته، وأنشأوا علوم النحو والصرف والبلاغة والعروض ومصطلح الحديث والقراءات والتفسير.
وكان النشاط المعجميُّ أحد تلك المجالات التي بدأ العرب السّعْيَ فيها مبكِّرًا. فسار عملهم اللّغويُّ المعجميُّ في مراحل عدّة، منها جمع المفردات النوعية في موضوع واحد، مثل كتب الأصمعي في النّخل والخيْل، ومنها وضع المعجم على نمط خاصٌّ في الترتيب ليرجع إليه من أراد البحث عن الكلمات ومعانيها. ويسود الاعتقاد لدى الباحثين أن الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175 هـ) كان أوّل من وضع معجمًا لغويًا عربيًا سمّاه (كتاب العيْن) فأرْسَى بذلك منهج التأليف المعجمّي. ثم قام بعده من وضعوا المعاجم المتنوعة، منها معجم (الحروف) لأبي عمرو الشيباني (ت 206 هـ) ومعجم (الألفاظ) لابن السكِّيت (ت 244 هـ) و (الجمهرة) لابن دريد (ت 321 هـ) و (البارع) لأبي علي القالي (ت 356 هـ) و (تهذيب اللغة) للأزهري (ت 370 هـ) و (مقاييس اللّغة) و (المُجمل) لابن فارس (ت 395 هـ) و (الصّحاح) للجوهريُّ (ت 400 هـ) و (المُحكم) و (المخصّص) لابن سيده (ت 458 هـ) و (لسان العرب) لابن منظور (ت 711 هـ) و (القاموس المحيط) للفيروز آبادي (ت 817 هـ) و (تاج العروس) للزّبيدي (ت 1205 هـ).
ولكنّ استمرار النشاط المعجمي ومتابعته تجويدًا وتجديدًا، من ناحية أخرى، يرجعان إلى التطور الحضاريّ والثقافي المعاصر، في عصر ثورة المعلومات والاتصال، والطفرات العلمية والثقافية. إذ ليس أمام العرب - شأنُهم في ذلك شأنُ الشعوب الأخرى - فرصةٌ للمعاصرة الحضارية والتواصل الثقافي، إلا بتوطين العلم والثقافة في أبعادهما المتنامية. ولا يمكن لمثْل هذا أن يتمَّ إلا بتطوير اللغة العربية وإغنائها بالمفردات الجديدة تعبيرًا عن المفاهيم الجديدة المُبدَعة. إن الإبداع الفكري والثقافي والعلمي لا ينتمي إلى جنسية المُبدعين بقدر ما ينتمي إلى اللغة التي تحتضن هذا الإبداع.
¥